في مشهد طالما أثار الفضول، يظهر البابا أحيانًا مرتديًا أحذية حمراء. يراها البعض عنصراً جمالياً، بينما يعتبرها آخرون رمزاً تاريخياً عميقاً يحمل في طياته معاني روحية وتقاليد كنسية راسخة.
جذور بيزنطية ومعنى روحي
الأحذية الحمراء ليست اختيارًا زخرفيًا أو ترفًا كماليًا، بل تقليد بيزنطي قديم تعتمده الكنيسة الكاثوليكية ليرمز إلى دماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل المسيح. كما أنها تذكير بدم المسيح نفسه، الذي سفكه لفداء البشرية جمعاء.
دم القديس بطرس: الرمز الأول
وترتبط هذه الأحذية أيضًا بدم القديس بطرس، أول بابا للكنيسة، الذي استشهد مصلوبًا في روما عام 67 ميلادية. ومن خلال ارتدائها، يُعبّر البابا عن استعداده للسير في طريق الشهادة والاقتداء بالمسيح، حتى لو كلفه ذلك حياته.
باباوات تبنّوا الرمز بشجاعة
من بين الباباوات الذين اشتهروا بارتداء الأحذية الحمراء: إنوسنت الخامس، بولس السادس، يوحنا بولس الأول، يوحنا بولس الثاني، وبنديكتوس السادس عشر. البابا يوحنا بولس الثاني، على سبيل المثال، نجا من محاولة اغتيال خطيرة عام 1981، أفقدته 75% من دمه، ما يسلط الضوء على استعداده للتضحية.
بنديكتوس السادس عشر: وفاء للتقاليد
عرف البابا بنديكتوس السادس عشر بتعلّقه بالتقاليد الليتورجية القديمة، فكان يستخدم ملابس كهنوتية قديمة مثل “العبودية”، وواصل ارتداء الأحذية الحمراء مثل أسلافه. غير أنه، وبعد وفاته، دُفن وهو يرتدي أحذية سوداء لأنه تبرّع بالأحذية الحمراء لمتحف كاثوليكي في إسبانيا.
ردّ على الشائعات: ليست من غوتشي أو فيرساتشي
في مواجهة شائعات مغرضة اتهمت الباباوات باقتناء أحذية فاخرة من ماركات مثل غوتشي وفيرساتشي، تؤكد المصادر الفاتيكانية أن الأحذية الحمراء كانت تُصنع من قبل حرفيين في إيطاليا والمكسيك وبيرو، وغالبًا ما كانت تُقدَّم كهدايا بدافع المحبة والاحترام.
التواضع لا يُقاس بالحذاء
غياب الأحذية الحمراء عن بعض الباباوات لا يعني أنهم أكثر تواضعًا، كما أن ارتداءها لا يدل على ترف. إنما هو اختيار رمزي يعكس الاستمرارية في تقاليد الكنيسة، والإيمان بالشهادة والتضحية.
0 تعليق