أثارت توقعات علماء الفلك مخاوف عالمية حول احتمال سقوط جزء من قمر صناعي سوفيتي قديم على سطح الأرض. هذا الجزء، الذي يزن حوالي 500 كيلوغرام، يعود إلى القمر الصناعي “كوزموس 482″، ومن المتوقع أن يدخل الغلاف الجوي خلال الفترة من 9 إلى 13 مايو، مع إمكانية أن تشمل المناطق المتضررة أجزاء من المملكة المتحدة وأماكن أخرى مأهولة.
خطر سقوط قمر صناعي سوفيتي على الأرض
في تحليلات أجرتها مجموعة من علماء الفلك، تم التنبؤ بأن هذا الجزء قد يسقط في منطقة واسعة تمتد بين خطي عرض 52 درجة شمالاً وجنوباً. هذه المنطقة تشمل معظم الدول الأوروبية، وجنوب المملكة المتحدة مثل مناطق كامبريدج وإبسويتش، بالإضافة إلى أجزاء من الأمريكتين، أفريقيا، أستراليا، وغيرها. القمر الصناعي نفسه أطلق في 31 مارس 1972 ضمن برنامج استكشاف كوكب الزهرة، لكنه فشل في مغادرة مدار الأرض بسبب عطل فني. بعد مرور أكثر من 50 عاماً، انخفضت مداراته تدريجياً من ارتفاع يصل إلى 9800 كيلومتر إلى أقل من 400 كيلومتر، مما يجعله قابلاً للدخول إلى الغلاف الجوي قريباً.
الكبسولة التي تشكل هذا الجزء مصممة لتحمل ظروف قاسية، مثل تلك الموجودة في غلاف الزهرة، مما يعني أنها قد لا تتحترق كلياً أثناء الدخول إلى الجو الأرضي. وفقاً للتقديرات، قد تصطدم بالأرض بسرعة تفوق 240 كيلومتراً في الساعة، مما يزيد من مخاطر الضرر المحتمل. ومع ذلك، يؤكد خبراء مثل الدكتور جوناثان مكدويل أن خطر إصابة أفراد ضئيل جداً، حيث يقدر بنسبة واحدة من كل 10,000 حالة، نظراً لأن معظم سطح الأرض مغطى بالمحيطات. هذا يقلل من القلق، لكنه لا يلغي الحاجة إلى مراقبة دقيقة.
مخاطر الحطام الفضائي
بالرغم من تصميم الكبسولة القوي، الذي يتضمن دروعاً حرارية من التيتانيوم، فإن الخبراء يتوقعون أن نظام المظلة لن يعمل بفعالية بعد عقود من التعرض لظروف الفضاء القاسية. هذا يعني أنها قد تسقط مباشرة دون تباطؤ كبير، مما قد يسبب أضراراً مادية إذا وقعت في مناطق مأهولة. لكن الجزء نفسه خامل ولا يحتوي على مواد نووية، مما يحد من المخاطر البيئية. في سيناريوهات مشابهة، مثل سقوط حطام صاروخ صيني في المحيط الهندي عام 2022، انتهى الأمر بسقوط الجزء في المياه، وهو الاحتمال الأكبر هنا.
علاوة على ذلك، يشكل هذا الحادث جزءاً من مشكلة أكبر تتعلق بالحطام الفضائي. هناك حالياً حوالي 3,000 قمر صناعي غير فعال وأكثر من 1.2 مليون قطعة حطام تتجاوز حجمها سنتيمتراً واحداً، وفقاً لتقديرات وكالات الفضاء. زيادة إطلاق الأقمار الصناعية، مثل تلك الخاصة بمشاريع “ستارلينك” و”ون ويب”، تعزز من مخاطر الاصطدامات في المدارات وإعادة الدخول غير المنضبطة. في السنوات الأخيرة، شهدت العالم حوادثاً مثل سقوط حطام من “سبيس إكس” في أستراليا عام 2022، وحطام صاروخ صيني في بولندا عام 2024، مما يبرز الحاجة إلى إجراءات دولية للحد من هذه المخاطر.
في الختام، يبقى الأمر تحدياً يتطلب توازناً بين استكشاف الفضاء والحماية من عواقبه، مع التركيز على تطوير تقنيات لتتبع وحرق الحطام قبل أن يشكل خطراً. هذا يذكرنا بأهمية التعاون العلمي العالمي لضمان أمان الأجيال القادمة أمام التقدم الفضائي.
0 تعليق