سفير الإمارات بالمغرب يقارب الدبلوماسية والشراكات الاستراتيجية بين البلدين

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال العصري سعيد الظاهري، سفير الإمارات العربية المتحدة بالرباط، إن “تعزيز التعاون الثقافي بين المغرب والإمارات يُعد ركيزة أساسية في المنظومة الشاملة للعلاقات الأخوية التاريخية”، مضيفا أن “المشاركة الإماراتية في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالمغرب تُجسّد توطيد أواصر القيم المشتركة وتعميق التفاهم المتبادل بما يعزز المصالح المشتركة بين القيادتين”.

وأشار الظاهري في مقال له بعنوان “بناء السلام والتنمية: النموذج الإماراتي في الدبلوماسية والشراكات الاستراتيجية”، إلى أن انعقاد الدورة الأولى للجنة الاقتصادية المشتركة الإماراتية – المغربية وتفعيل مجلس الأعمال الإماراتي – المغربي يعكسان حرص البلدين على فتح آفاق واعدة للتعاون، مشددا على أن “العلاقات الثنائية تتجه نحو مستويات غير مسبوقة من التعاون الاستراتيجي الوثيق في مختلف قطاعات الاقتصاد والاستثمار والتجارة”.

نص المقال:

تزامناً مع المشاركة المرموقة لدولة الإمارات العربية المتحدة في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالمملكة المغربية الشقيقة، يتجلى تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين كركيزة أساسية في المنظومة الشاملة للعلاقات الأخوية التاريخية التي تجمعهما. وتسعى دولة الإمارات، من خلال حضورها الثقافي المتميز، إلى توطيد أواصر القيم المشتركة وتعميق التفاهم المتبادل والارتقاء بمسيرة التعاون المثمر إلى آفاق تحقق تطلعات قيادتي البلدين الحكيمتين، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وأخيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس عاهل المملكة المغربية، “حفظهما الله”، بما يعزز المصالح المشتركة ويرسخ القيم النبيلة التي تجمع الشعبين الشقيقين في إطار من الاحترام المتبادل والتعاون البناء.

تُبرز هذه المناسبات الثقافية الدور الريادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز الحوار السياسي والعمل الدبلوماسي، وبناء شراكات استراتيجية على المستويين الإقليمي والدولي، سعياً نحو تحقيق التنمية المستدامة والسلام العالمي في إطار متكامل. وتنطلق الدولة في نهجها هذا من إيمانها العميق بأن الحوار البناء يؤسس لمجتمع دولي قائم على الاحترام المتبادل وتعزيز المستقبل المشترك للجميع. وينعكس هذا النهج الدبلوماسي في مواقف الدولة تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وفي جهودها الحثيثة لدعم مبادرات السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

تتميز السياسة الخارجية الإماراتية بنهج راسخ قائم على مبادئ الاعتدال والتوازن والالتزام منذ قيام الاتحاد عام 1971، حيث تعمل الدولة على نبذ العنف والكراهية والإرهاب، وبناء علاقات مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل. وانطلاقاً من مسؤولياتها كعضو فاعل في المنظمات الإقليمية والدولية كالأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، تلتزم دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز قيم التضامن العربي والإسلامي ولغة الحوار لتسوية النزاعات، مع احترام تام لسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وقد أسهم هذا النهج في ترسيخ مكانة الدولة كشريك موثوق به إقليمياً ودولياً في جهود حفظ الأمن والسلم الدوليين.

تعتمد الدبلوماسية الإماراتية على الحوار والتفاوض لحل الخلافات وإزالة التوترات في المنطقة، مع تعزيز تدابير بناء الثقة والاحتكام للشرعية الدولية. وقد سجلت الإمارات حضوراً نوعياً ومميزاً في العمل الإنساني الدولي، حيث أصبحت عنواناً للعطاء الإنساني خلال الكوارث والنزاعات، من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والخيرية للمحتاجين واللاجئين حول العالم، مما يعزز جهود التنمية المستدامة وتحقيق الازدهار للجميع؛ إذ أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة كفاعل محوري في دعم الجهود الدبلوماسية والإنسانية لحل الأزمة السودانية. فمنذ اندلاع النزاع، تبنت دولة الإمارات موقفاً ثابتاً يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، مؤكدة على ضرورة تفاوض الأطراف المتنازعة بنوايا صادقة للوصول إلى تسوية سلمية شاملة.

وقد تجلى الدور الإماراتي على مسارين متكاملين: دبلوماسياً، من خلال مبادرات الوساطة بين أطراف النزاع ودعم الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي يحفظ وحدة السودان واستقراره؛ وإنسانياً، عبر تقديم مساعدات خلال 10 سنوات تجاوزت 3.5 مليارات دولار، فضلاً عن تعزيز هذا الالتزام بأكثر من 600 مليون دولار إضافية مع تصاعد حدة النزاع.

وترجمةً لعمق العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين، أحدثت هذه المساعدات آثاراً ملموسة في حياة المتضررين من خلال توفير الإمدادات الطبية الضرورية، وإنشاء مخيمات إيواء مؤقتة للنازحين، ودعم برامج التعليم في حالات الطوارئ لضمان استمرارية تعليم الأطفال والشباب. عكس هذا المسعى النشط التزام الإمارات الراسخ بترسيخ الاستقرار في المنطقة والوقوف إلى جانب الأشقاء في السودان خلال هذه الظروف العصيبة، منطلقةً من قيم الأخوة والتضامن العربي.

يأتي هذا الدعم المتواصل انعكاساً لسياسة الإمارات الخارجية القائمة على مد يد العون للشعوب الشقيقة والصديقة بغض النظر عن البعد الجغرافي أو حجم التحديات، وتأكيداً على دورها البناء في تعزيز الاستقرار الإقليمي والمساهمة في إيجاد الحلول المبتكرة والمستدامة، ومواصلة تطوير القدرات وتعزيز الجاهزية وفق أفضل المعايير الدولية بما يضمن استمرارية تقديم الخدمات والتغلب على الأزمات.

تبنت دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، نهج الحوار الشامل لتعزيز مساهمتها في محيطها الإقليمي والدولي، وصياغة شراكات تخدم المصالح المتبادلة في عالم تتقاطع وتتشارك فيه التحديات والفرص. وتجلى هذا النهج في العلاقات الإماراتية-المغربية التي شهدت تطوراً نوعياً في مختلف المجالات الحيوية، ما يعكس عمق الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين، وذلك بفضل التوجيهات الرشيدة لقائدي البلدين “حفظهما الله” التي رسمت خارطة الطريق لشراكة استراتيجية رائدة تعد بمستقبل متفائل.

من جهة أخرى، لا بد من التنويه بالمنحى الإيجابي الذي تتخذه العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين الشقيقين في الآونة الأخيرة، والتي توجت بسلسلة من الزيارات رفيعة المستوى والاتفاقيات الاستراتيجية خلال المرحلة الماضية. ويأتي في مقدمة هذه المحطات المفصلية الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات في ديسمبر 2023، والتي شهدت توقيع قيادتي البلدين على وثيقة بالغة الأهمية تحمل عنوان “نحو شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة”.

وقد تعززت هذه المسيرة التكاملية بانعقاد الدورة الأولى للجنة الاقتصادية المشتركة الإماراتية – المغربية في العاصمة الرباط، فضلاً عن تفعيل مجلس الأعمال الإماراتي – المغربي الذي يمثل منصة حيوية لتوطيد التعاون بين القطاع الخاص في البلدين. وتتواصل الجهود الدبلوماسية والاقتصادية حالياً بوتيرة حثيثة للتحضير للتوقيع النهائي على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، التي ستفتح آفاقاً واعدة وستنقل العلاقات الثنائية إلى مستويات غير مسبوقة من التعاون الاستراتيجي الوثيق في مختلف قطاعات الاقتصاد والاستثمار والتجارة بما يحقق المصالح المشتركة ويعود بالنفع على شعبي البلدين الشقيقين.

ومن خلال تطور الشراكات المتبادلة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية الشقيقة في العديد من المجالات الحيوية، تؤكد الدولتان حرصهما على تعزيز التكامل العربي وتحقيق المصالح المشتركة، في ظل تفاهم تام وتطابق في وجهات النظر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وإيمان راسخ بأهمية الحوار كسبيل أمثل لحل النزاعات وتحقيق السلام والاستقرار الإقليمي والدولي. كما ارتقت دولة الإمارات بالحوار الفكري والديني باعتباره رسالة حضارية وخياراً ثقافياً وضرورة وجودية تعزز وحدة الإنسانية في مصيرها المشترك، من خلال مبادرات إماراتية رائدة، منها “وثيقة الأخوة الإنسانية” و”بيت العائلة الإبراهيمية”، التي أسهمت في تعزيز قيم التسامح والتعايش ونبذ خطاب الكراهية والتطرف على المستوى العالمي.

وفي هذا السياق، تتألق دولة الإمارات العربية المتحدة في المشهد العالمي المعاصر كمنارة للدبلوماسية الفاعلة والنهج المتوازن، حيث استطاعت بفضل جهودها الحثيثة وعملها الدؤوب أن تتغلب على التحديات لتصبح صانعة للسلام وجسراً للتواصل الحضاري بين مختلف الشعوب والثقافات. إن مسيرة النجاح الإماراتية في الميدان الدبلوماسي والتنموي والعمل الإنساني التضامني لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج رؤية استراتيجية عميقة ونهج متواصل للقيادة الحكيمة في بناء العلاقات المتوازنة والشراكات الاستراتيجية البناءة، مستلهمة قيم التسامح والتعايش التي أرساها الآباء المؤسسون للاتحاد، ومصممة على مواصلة دورها في صياغة مستقبل أكثر إشراقاً للمنطقة والعالم، رغم التحديات المتجددة، وبعزيمة قوية نحو غد أفضل للإنسانية جمعاء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق