مع حلول كل موسم حج، تتجه أنظار العالم إلى المملكة العربية السعودية، لأنها تحتضن أقدس البقاع الإسلامية، وتقود واحدة من أعظم المهام الإنسانية والتنظيمية على وجه الأرض، فمنذ لحظة دخول الحاج إلى أرض المملكة وحتى عودته إلى بلاده، تُسخّر السعودية إمكاناتها الطبية واللوجستية والتقنية لضمان أمنه الصحي وسلامته الجسدية، وسط تجمع بشري يُعدّ الأكبر عالميًا.
وقد أثبتت المملكة العربية السعةدية أنها نموذج فريد في إدارة الصحة العامة خلال مواسم الحج، خاصة في ظل التحديات الصحية العالمية وتزايد التنقلات البشرية، وذلك عبر خطط استباقية محكمة، وتجهيزات طبية متطورة، وفرق ميدانية تعمل على مدار الساعة، فهناك منظومة متكاملة تبدأ بالتطعيمات، والمستشفيات الميدانية، ولتوعية، والرصد، والاستجابة السريعة لأي طارئ.
الصحة والسلامة في موسم الحج.. كيف يتم التعامل مع الأوبئة والزحام
مع توافد أكثر من مليونَي حاج من مختلف دول العالم إلى الأراضي المقدسة، في المملكة العربية السعودية، يبرز سؤال كبير في كل موسم حج، وهو كيف يتم الحفاظ على صحة هذا العدد الهائل من الناس، وضمان سلامتهم في أماكن محدودة المساحة، ووسط زحام شديد، والجواب يبدأ بخطة دقيقة وجهود متواصلة واحترافية تراكمت عبر عقود من الخبرة الميدانية، ففي الحج، لا مجال للارتجال، فالحرارة المرتفعة وتنوع الجنسيات والاختلاط الكثيف، كلها عوامل تجعل من إدارة الصحة والسلامة تحديًا عالميًا بكل ما تعنيه الكلمة، ومع ذلك، تنجح المملكة العربية السعودية عامًا بعد عام في تقليل المخاطر، والتصدي لأي تهديد محتمل، بما في ذلك الأوبئة.

اجراءات السعودية للحفاظ على صحة وسلامة الحجاج
تُشترط المملكة العربية السعودية شهادات تطعيم إلزامية ضد عدد من الأمراض، أبرزها الحمى الصفراء والتهاب السحايا والإنفلونزا الموسمية، وفي حالات طارئة كجائحة كوفيد-19 سابقًا، تم فرض لقاحات إضافية، وتبدأ الاحتياطات من مطارات البلاد التي يوفد منها الحجاج وليس فقط منذ وصولهم إلى الأراضي المقدسة.
كما تنتشر مستشفيات ميدانية وعيادات متنقلة وطواقم طبية مدرّبة من منى إلى عرفات ثم مزدلفة، وهناك أكثر من 25 مستشفى، و100 مركز صحي في المشاعر، مجهّزة بالكامل بأقسام طوارئ وعناية مركزة.
ومن ضمن التقنيات المطبقة مؤخرًا، هي طائرات الدرون (طائرات بدون طيار) التي تراقب التجمعات، وتوجّه فرق التدخل السريع في حال وجود حالات إغماء أو حالات طبية طارئة في مواقع يصعب الوصول إليها سريعًا.
ويتم تركيب آلاف الرشاشات المائية ومظلات التبريد في المشاعر، إلى جانب توزيع عبوات مياه باردة بشكل مستمر، لمواجهة ضربات الشمس والإجهاد الحراري.
وقد تحوّل موسم الحج إلى نموذج يحتذى به في السيطرة على التجمعات الضخمة، خاصة بعد جائحة فيروس كورونا، ففي موسم ما بعد كوفيد-19، تم اعتماد أنظمة ذكية للفرز الحراري، وتقنيات تعقّب الحالات المشتبه بها، فضلًا عن إنشاء غرف عزل طبية متنقلة.
وتتولى وزارة الداخلية السعودية، بالتعاون مع الدفاع المدني، وضع خطط تفصيلية لكل لحظة في تنقلات الحجاج، من خلال كاميرات المراقبة، وفرق التدخل السريع، ومسارات مرورية مقسّمة حسب الجنسية والموقع والوقت.
كما تُطلق حملات إعلامية ضخمة باللغات المختلفة تحت شعار “الوقاية الذاتية”، تدعو الحجاج إلى النظافة وغسل اليدين وارتداء الكمامات في الزحام، والإبلاغ الفوري عن أي أعراض.
0 تعليق