كيف أسهم المغرب في إنقاذ إسبانيا من انقطاع الكهرباء؟.. الكواليس كاملة

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شارك المغرب بدور فاعل في تجاوز إسبانيا معضلة انقطاع الكهرباء بصورة مفاجئة، في 28 أبريل/نيسان 2025 الماضي، الذي تكرر في عدد من الدول الأوروبية.

ولاقى دعم الرباط ترحيبًا من مسؤولين رفيعي المستوى في إسبانيا، إذ ساعد التعاون في عدم استمرار الانقطاع لمدد طويلة بالاستفادة من مرافق الربط الكهربائي بين البلدَيْن.

وحسب معايشة منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن) تفاصيل الأزمة خلال الشهر الماضي، انقطع التيار الكهربائي في كل من إسبانيا، والبرتغال، وأجزاء من فرنسا.

وظهرت تداعيات الانقطاع في حركة المرور ووسائل النقل، بما يشمل السكك الحديدية والمطارات والمترو، وشبكات الاتصالات، والمستشفيات، وغيرها من المرافق، ولا تزال التحقيقات في الواقعة مستمرة.

انقطاع الكهرباء في إسبانيا ودول أوروبية

بدأ انقطاع الكهرباء في إسبانيا ودول أوروبية ظهر يوم الإثنين 28 أبريل/نيسان الماضي، وخلال 5 ثوانٍ فقدت الشبكة والمرافق 60% من إمداداتها (ما يعادل 15 غيغاواط).

وأصاب الانقطاع -الأشد في أوروبا- خدمات شبه جزيرة إيبيريا بالشلل، بعدما افتقر ملايين الأشخاص إلى القدرة على الوصول إلى الكهرباء.

وحتى الآن ما يزال التحقيق في أسباب الانقطاع مستمرًا، بعد وصف الشبكة الأوروبية لمشغلي أنظمة نقل الكهرباء له بـ"الاستثنائي والخطير"، ومن المقرر إصدار تحليل وتقرير يتضمّن توصيات نهائية للأسباب الفعلية المسؤولة عن الانقطاع.

تداعيات انقطاع الكهرباء في إسبانيا
تداعيات انقطاع الكهرباء في إسبانيا - الصورة من منصة "بوليتيكو"

وبطبيعة حال مثل هذه الحوادث المفاجئة، أُصيبت الهيئات المختلفة والمؤسسات والأفراد بالارتباك مع بدء الانقطاع، وانتشرت شائعات حول اختراقات أو هجوم إلكتروني، وهو ما نفته المؤشرات الأولية للتحقيق.

وفي غضون ذلك، تسارعت وتيرة الاتهامات للطاقة المتجددة بالوقوف وراء الانقطاعات.

ورجح فنيون أن الانقطاع بدأ من جنوب غرب إسبانيا، بعد رصد خلل في تردد التيار قبل الانقطاع بنحو 10 دقائق، أدى إلى وقوع انقطاعَيْن؛ أحدهما كبير، لكن الشبكة استقرت بعده دون تدخل.

وتكرر انقطاع ثانٍ أسفر عن هبوط أداء الشبكة إلى مستويات تحت الآمنة، ودفع باتجاه قطع الربط مع فرنسا، واستمر إلى أن تسبّب في انهيار الشبكة كليًا لمدة قدرها البعض بنحو 18 ساعة كاملة.

دور المغرب في تزويد إسبانيا بالكهرباء

أشاد معنيون بدور المغرب في تزويد إسبانيا بالكهرباء خلال مدة وجيزة بعد انقطاع التيار، وساعد في ذلك توافر البنية التحتية للربط بينهما.

واستعملت الهيئات المعنية في المملكة المغربية خطَيْن لنقل الكهرباء إلى إسبانيا عبر مضيق جبل طارق، جرى بناؤهما خلال التأسيس للربط بين البلديْن عام 1997، وخضعا لتوسعة -رفعت قدرتهما إلى 1400 ميغاواط- عام 2006.

ونقل الخطان -بجهد 400 كيلو فولت لكل منهما- ما يُقدّر بنحو 900 ميغاواط، لإنعاش إسبانيا بصفة عاجلة.

وبالتعاون بين المكتب المغربي للكهرباء والمياه وشركة الكهرباء الإسبانية "ريد إلكتريكا REE"، ضخت الرباط 38% من إنتاجها الكهربائي لإنقاذ الدولة الأوروبية بعدما غرقت في ظلام الانقطاعات.

وتضافرت جهود مغربية مع مساعٍ فرنسية، ما أدى إلى استعادة إسبانيا الكهرباء بكامل طاقتها في اليوم التالي (29 أبريل/نيسان).

ولاقى دعم المملكة المغربية لإسبانيا صدى واسعًا محليًا، إذ أشاد وزير الشؤون الخارجية خوسيه مانويل ألباريس بتصرف الرباط السريع، واصفًا إياها بأنها "حليف إستراتيجي"، وقدّم رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الشكر إليها عبر التلفاز وفي البرلمان أيضًا.

كما رحّبت الشبكة الأوروبية لمشغلي أنظمة النقل بما قدمه مكتب الكهرباء والمياه، حسب موقع إي إس آي أفريكا.

شبكات الكهرباء وضرورة الربط

تناولت صحف وتقارير إعلامية الدور المغربي لدعم شبكة الكهرباء الإسبانية، وضخ الإمدادات اللازمة لاستئناف التشغيل بعد الانقطاعات.

ومن بين هذه المنابر: صحيفة سينكو دياس (Cinco Dias)، وموقع إل بيريوديكو دو لا إنرجيا (El Periodico de la energia)، حسب ما نقله موقع موروكو وورلد نيوز.

وسمحت تدفقات الكهرباء المغربية، والمحاولات الفرنسية، وتشغيل إسبانيا محطات الدورة المركبة والطاقة الكهرومائية، باستعادة التيار جزئيًا خلال الساعات الأولى من الانقطاع.

المغرب
مضيق جبل طارق - الصورة من EUMETSAT

وقالت المهندسة العاملة سابقًا في المكتب الوطني، حنان عودلي، إن شبكة الكهرباء الإسبانية انهارت خلال 5 ثوانٍ، لكن الربط مع بلادها ساعد في الإنقاذ السريع واستعادة الإمدادات واستقرارها بعد تدخل "هادئ".

وأضافت أن شبكات الكهرباء الحديثة تحمل بعض نقاط الضعف، لذا فإن الربط والتعاون الإقليمي بات ضرورة لإقامة شبكات كهرباء ذكية إقليميًا.

ومن جانب آخر، حثّت رابطة صناعة الكهرباء الأوروبية على ضرورة تحديث الشبكات وتعزيز الربط البيني، خاصة أن تحول الطاقة يعتمد على شبكة يمكنها استيعاب وإدارة التدفقات المتوقعة من إنتاج الطاقة المتجددة.

حلول مهمة

اقترح خبيران عددًا من الحلول والإجراءات التي يمكن اتباعها، لتجنب سيناريو تكرار انقطاع الكهرباء في إسبانيا والدول الأوروبية، بل ذهب أحدهما إلى "تعميم" هذه الخطوات على دول الخليج أيضًا.

1) تنويع مصادر الطاقة

قدّر مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، خسائر إسبانيا والبرتغال من جرّاء انقطاع الكهرباء بما يصل إلى مليارات الدولارات.

وقال -خلال حلقة "مستجدات أسواق الطاقة وأثرها في دول الخليج"، المذاعة مطلع مايو/أيار الجاري عبر برنامج أنسيّات الطاقة على مساحات منصة "إكس"- إنه قبل الانقطاع بنحو 6 أيام أبدت إسبانيا فخرها بإنتاج الكهرباء لمدة يوم كامل من مصادر الطاقة المتجددة، ودراسة التخلص من الطاقة النووية.

وتوقع الحجي أن تُعيد الدول الأوروبية -التي عانت من الانقطاعات- النظر في الاعتماد المفرط على الطاقة المتجددة، وضرورة تأمين مصادر موثوقة غير متقلبة.

وحدّد المصادر الرئيسة الموثوقة في: الغاز، والطاقة النووية، والفحم، والنفط، ويُضاف إليها في مرحلة لاحقة "الشمس والرياح".

وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة أن دول الخليج والمنطقة يتعيّن عليها الاستفادة من تجربة انقطاع الكهرباء في عدد من دول أوروبا، للترحيب بمصادر الطاقة المختلفة والعمل على تنويعها لضمان الأمن القومي للبلاد.

وانتقد "الحجي" الاندفاع نحو "كهربة" كل شيء، مشيرًا إلى أن تنفيذ ذلك في ظل احتمالات التعرّض لهجمات سيبرانية أو تضرر المحطات أو تعطّل لإمدادات الكهرباء قد يؤدي إلى كوارث.

أنس الحجي وانهيار أسعار النفط

2) توصيات خماسية

قال الباحث والخبير في مجال الطاقة، الدكتور مراحي رضا، إن إسبانيا تشكّل نموذجًا -من بين الأفضل- في إنتاج الكهرباء، بالتنويع بين مصادر الطاقة (التقليدية والمتجددة وغيرها)، ما يخفض انبعاثاتها.

وأشار إلى أن الطاقة المتجددة تشكّل ما نسبته 57.2% من مزيج الكهرباء الإسباني، حسب ما أورده في مقاله المنشور على منصة الطاقة بتاريخ 8 مايو/أيّار.

ولفت إلى أن الربط الكهربائي بين إسبانيا ودول أخرى -مثل المغرب- عزز تنشيط شبكة الكهرباء عقب الانقطاع، وأسهم في تسريع وتيرة استعادة التيار.

وأوضح أن الضخ في خطوط الربط كان يسير بمعدلاته المعتادة خلال يوم الانقطاع، بما يتراوح بين 700 و800 ميغاواط.

واقترح رضا 5 توصيات لتجنب تكرار الانقطاعات، تشمل:

  • التوسع في محطات تخزين الكهرباء، كي تتسع لنحو 5% من إنتاج مصادر الطاقة المتجددة، حتى لا يشكل الإنتاج الفائض ضغطًا على الشبكة.
  • تطوير أنظمة الحماية، لضمان دقة الأداء، وتقليص أخطاء العزل.
  • تسليط الضوء على محطات تخزين الهواء المضغوط (القابلة للشحن والتفريغ وفق معدلات الطلب)، إذ إنها قادرة على التعامل مع الشبكات كثيفة الطاقة المتجددة.
  • تعزيز أنظمة التشغيل بإجراءات حماية سيبرانية، لتجنب الاختراقات.
  • الاستعداد لمثل هذه الانقطاعات بإجراء محاكاة واقعية، وعدم الاكتفاء بالاستعدادات النظرية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق