الاثنين 12 مايو 2025 | 04:42 مساءً

وزير الخزانة سكوت بيسنت والممثل التجاري جاميسون جرير

في خطوة مفاجئة تجاوزت التوقعات، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والصين توصلهما إلى اتفاق مؤقت لخفض الرسوم الجمركية المتبادلة، ما مثّل انفراجة في النزاع التجاري المستمر بين أكبر اقتصادين في العالم، وأسهم في تهدئة مخاوف الركود التي أثارتها الإجراءات الحمائية الأخيرة، وهدأت الأسواق المالية العالمية.

اتفاق خفض الرسوم الجمركية

بموجب الاتفاق، ستقوم الولايات المتحدة بتخفيض الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على الواردات الصينية، والتي ارتفعت في أبريل الماضي إلى 145%، لتصبح 30% فقط، في حين ستخفض الصين رسومها الجمركية على البضائع الأمريكية من 125% إلى 10%، ومن المقرر أن تستمر هذه الإجراءات المؤقتة لمدة 90 يومًا، وفقًا لرويترز.

وتفاعلت الأسواق بسرعة مع هذا التطور الإيجابي، حيث شهد الدولار ارتفاعًا، كما صعدت مؤشرات الأسهم، ما انعكس ارتياحًا من المستثمرين الذين كانوا يشعرون بالقلق من الركود الوشيك، خاصة بعد تصعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سياسة فرض التعريفات، بهدف تقليص العجز التجاري الأمريكي.

وفي مؤتمر صحفي عقب المحادثات التي عقدت في جنيف، قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت: "لقد مثلت الدولتان مصالحهما الوطنية بشكل جيد للغاية، ولدينا مصلحة مشتركة في تجارة متوازنة، والولايات المتحدة ستواصل السعي لتحقيق ذلك".

وأدلى بيسنت بهذه التصريحات إلى جانب الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير، في أجواء تصالحية تجاه الصين، مشيرًا إلى أن كلا الجانبين لا يرغبان في الانفصال، وأن ما حدث في السابق من تصعيد جمركي كان بمثابة حظر لا يرغب أي طرف في استمراره.

تبعات الحرب التجارية

يأتي هذا الاتفاق بعد أن تسببت الحرب التجارية في تعطيل سلاسل التوريد العالمية، وعرقلة ما يقرب من 600 مليار دولار من التجارة البينية، وأثارت مخاوف من ركود تضخمي وأدت إلى خسارة وظائف في بعض القطاعات الصناعية.

جدير بالذكر أن اجتماعات جنيف مثلت أول لقاء مباشر رفيع المستوى بين المسؤولين الاقتصاديين من الجانبين منذ عودة ترامب إلى السلطة، وبدئه مجددًا حملة فرض الرسوم الجمركية، خاصة على الصين. 

وأوضح بيسنت أن الاتفاق الحالي لا يتضمن بنودًا خاصة بقطاعات محددة، إلا أن الولايات المتحدة ستواصل العمل على إعادة التوازن الاستراتيجي في قطاعات حيوية مثل الأدوية، وأشباه الموصلات، والصلب، والتي كشفت الحرب التجارية عن نقاط ضعف فيها ضمن سلسلة الإمداد.

وصرح تشيوي تشانج، كبير الاقتصاديين في شركة "بينبوينت" لإدارة الأصول في هونج كونج، بأن الاتفاق جاء أفضل مما كان يتوقع، موضحًا: "كنت أظن أنهم سيخفضون التعريفات إلى نحو 50%، وهذا خبر إيجابي للغاية لاقتصادي البلدين وللاقتصاد العالمي، ويقلل من قلق المستثمرين بشأن تأثير الضرر على سلاسل التوريد العالمية على المدى القصير".

من جهته، أشار ترامب إلى أن المحادثات اتسمت بإعادة ضبط كاملة بطريقة ودية ولكن بناءة، في إشارة إلى تحسن اللهجة بين الطرفين بعد شهور من التصعيد.

رفع الرسوم الجمركية إلى 145%

تجدر الإشارة إلى أن قرار ترامب برفع الرسوم الجمركية إلى 145% في يناير جاء متزامنًا مع إعلانه حالة الطوارئ الوطنية بسبب أزمة دخول الفنتانيل إلى البلاد، وعلى الرغم من أن ملف المواد الأفيونية كان ضمن جدول المحادثات، إلا أن جرير أوضح أن مناقشاتهما في هذا الشأن جرت على مسار منفصل وكانت بناءة جدًا.

وكانت الاجتماعات قد عُقدت في أجواء غير تقليدية، حيث اجتمع الوفدان في الفيلا الخاصة بالسفير السويسري لدى الأمم المتحدة، والمطلة على بحيرة جنيف.

وقال جرير إن اللقاءات التي جرت تحت ظل الأشجار وعلى مقاعد الحديقة بعيدًا عن القاعات الرسمية، أسهمت في تطوير علاقات شخصية مع نظرائنا وأدت إلى خاتمة ناجحة.

أسهم الشركات الأوروبية

في أعقاب الإعلان، قفزت أسهم شركات أوروبية كانت متضررة من النزاع التجاري، إذ ارتفعت أسهم شركة الشحن "ميرسك" بنسبة 12%، فيما صعدت أسهم شركات السلع الفاخرة مثل LVMH وKering (مالكة Gucci) بنسب 7.4% و6.7% على التوالي، أما شركة بوينغ الأمريكية، التي تضررت من تجميد طلبيات صينية سابقة، فلم تصدر أي تعليق على الاتفاق أو تأثيره المحتمل على تسليماتها المستقبلية.

وبشكل عام، لاقت نتائج المحادثات ترحيبًا واسعًا في الأسواق، ورفعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، في مؤشر واضح على استعادة الأمل بإمكانية تجنب ركود عالمي مدفوع بصراعات تجارية متفاقمة.