هي حدائق يُرجع بعض المؤرخون تاريخ إنشائها إلي الفترة البطلمية في مصر وتعتبر من بين أقدم الحدائق التي أنشأها الإنسان على مستوي العالم، ولقد عاصرت أحداثًا تاريخية مهمة لملوك البطالمة، وفي القرن التاسع عشر انتقلت ملكيتها لأحد الأثرياء اليونانين وكانت تعرف باسمه “حدائق باستيريه” حتى تملكها محمد علي باشا وأقام قصرا له بها.
وفي عام 1860م كلفَ الخديوي إسماعيل الفنان الفرنسي “بول ريشار” بإعادة انشاء الحدائق كنموذج مصغر من حدائق قصر فرساي بباريس التي أقام بها الخديوي إسماعيل أثناء زيارته لفرنسا، حيث أضاف وقتها عدد كبير من الأشجار الرائعة والنباتات النادرة، انتقلت بعد ذلك ملكية القصر والحدائق الي أحد الأثرياء وهو البارون اليوناني جون أنطونيادس عام 1860 م، والذي سميت الحدائق باسمه لاحقا، وقد ظل جون أنطونيادس زمنًا بالقصر، وعندما توفي عام 1895 م آلت حدائق أنطونيادس والقصر بالميراث لابنه أنطوني الذي نفذ وصية والده بإهداء القصر والحدائق إلى بلدية الاسكندرية العام 1918 م.
حديقة أنطونيادس المتميزة
تعتبر حديقة أنطونيادس المتميزة والشهيرة حديقة نباتية عالمية متميزة جدا بما تحتويه من تماثيل رائعة لشخصيات هامة عالميًا، تحتوى على طرز ونظم التصميمات للحدائق بكل أنواعها من طرز عربية إسلامية وطرز يونانية وإيطالية وفرنسية وأيضا بها الطرز الهندسية والحرة لتصميم الحدائق كما أنها تحتوى على مجموعات نباتية نادرة ومعمرة مجموعة من كل أنحاء العالم، وتقع حدائق أنطونيادس شرق مدينة الاسكندرية محازية لحديقة النزهة بمنطقة سموحة وإلى جوار قناة المحمودية. وتبلغ مساحتها حوالي خمسة وأربعين فدانا ثم توسعت لخمسين فدان.
تتنوع حديقة أنطونيادس إلى عدد من الحدائق المتميزة ومنها حديقة المشاهير والتي تضم تماثيل لفاسكو دي جاما وكريستوفر كولومبس وماجلان وهم من أشهر الرحالة فى العالم، وكذلك حديقة النزهة ومسرح أنطونيادس، وحديقة الورد التي صممها المهندس الفرنسي ديشون ومساحتها 5 أفدنة ويوجد بها نافورة مياه رائعة يتوسطها تمثال رخامي، كما يوجد بها أصناف كثيرة من الورود والأزهار النادرة، وتضم أيضا مجموعة مميزة من التماثيل الرخامية النادرة الكاملة الحجم لشخصيات أسطورية وتاريخية.
الطراز العربي الإسلامي واليوناني
تحتوي الحديقة على كل طرز وتصميمات الحدائق النباتية مثل الطراز العربي الإسلامي واليوناني والفرنسي والإيطالي وتحتوي على الكثير من النباتات النادرة والمعمرة، وتتضمن هذه الحدائق تحف فنية من التماثيل التى تمثل أرباب أساطير الإغريق مثل “أفروديت” وابنها ’’ كيوبيد ’’ إله الحب وكذا عدد من تماثيل أعلام أوربا ومؤسسى تاريخها الحديث مثل ’’الأدميرال نلسون ’’ وماجلان وكريستوفر كولومبس وفاسكو ديجاما.
الطراز الأندلسي
ويمتاز بطرازه الهندسى حيث تحيط بالحديقة الاندلسية الأسوار العالية لحجب المناظر الداخلية ولذلك روعى فى التصميم النافورات والفسقيات التى استخدمت فى تجميلها الفسيفساء، وتمتاز خطوط هذا الطراز بالخطوط المحددة وأيضًا بالاستقامة سواء فى الطرقات أو المشايات وأيضًا الأسوار أو اسيجة الزينة أو الأحواض المزروع داخلها بالأزهار وأنواع الورد المختلف أشكاله وألوانه.
الطراز الرومانى والإغريقى
ويمتاز هذا الطراز بسيادة فن العمارة والنحت حتى تتناسب مع الشكل الأغريقى للحديقة ذات التماثيل الرائعة الجمال للشخصيات التى أثرت فى العالم كله مثل مستكشفى القارات مثل الرحالة ماجلان وفيسكو ديجاما وغيرهم من التماثيل للأساطير التى يطلقون عليها آله الجمال وغيرها ،ويسود هذا الفن أيضًا فى التنسيق الزراعى للنباتات ويكثر استخدام الفسقيات والنافورات وتوجد سبع نافورات موزعه على أنحاء الحدائق وسط المساحات الخضراء.
الطراز الإيطالي
يسود فى هذا الطراز الأيطالى الفن المعماري مثل الأسوار المنحوتة بشكل هندسي وفني في النحت الذي يتقنه الفنانون فى هذا المجال، لذا تصمم الحدائق من عدة مستويات فى مناسيب مختلفة على هيئة شرفات مثل التراسات، والأسوار والأعمدة وغيرها من فنون هذا الطراز، وأيضًا الإهتمام بأن يستخدم هذا الطراز فى تشكيل النباتات ذات الأشكال الهندسية الرائعة كما يسود استخدام التماثيل والمجسمات لاستكمال عناصر التصميمات الهندسية.
الطراز الطبيعي
يسود فى هذا الطراز الخطوط المنحنية غير المعقدة، وقد تستخدم المستقيمة بدون تماثيل هندسية وهو يحاكى الطبيعة دون زخرف أو تعقيد، وتزرع الأشجار والشجيرات فى شكل متقارب أو متباعد وسط المسطحات الخضراء.
استضاف القصر ملوكا مشاهير وذلك أثناء إقامتهم فى الإسكندرية عند زيارتهم لمصر، على سبيل المثال منهم ملوك اليونان وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألبانيا، حيث أنه كان يقرر أقامتهم فى قصر أنطونيادس، وحدث ذلك بخصوص أقامة الملوك عند زيارة الملك زوغ الأول ملك ألبانيا وزوجته الملكة جيرالدين بعد خروجهما من البلد عقب اجتياح مملكة إيطاليا الفاشية فى فترة حكم رئيس الوزراء بينيتو موسيلينى حيث كانت إقامتهم فى قصر أنطونيادس. وقد أقامت ابنة الملك فؤاد الأول الأميرة فوزية “امبراطورة إيران” وزوجها الامبراطور محمد رضا بهلوى “شاه إيران” السابق بالقصر فى الشهور الأولى من الزواج، وشهد القصر الاجتماع التحضيرى لإنشاء جامعة الدول العربية العام 1944 م.
ومن الأحداث الهامة التى جرت إحداثها بهذه الحديقة توقيع اتفاقية الجلاء عام 1936 م بين الحكومة المصرية برئاسة حزب الوفد والحكومة البريطانية للإنسحاب من مصر إلى منطقة القناة وتم غرس شجرة بمدخل القصر تخليدا لهذه المناسبة، وأيضًا عقد أول اجتماع للجنة غوث اللاجئين المسجلة فى قائمة الأجتماعات الهامة التى عقدت بمصر، وأيضًا عقد أول أجتماع للأولمبيات فى مصر.
عاني القصر وجزء من الحدائق لبعض الاهمال قبل أن تقوم الدولة مؤخرا بعمليات تطوير واسعة شملت إنشاء مركز مؤتمرات دولى على مساحة 4500 متر مربع، يشمل قاعة رئيسية تسع لـ"3000" فرد، و5 قاعات ملحقة، وصالون رئاسى، وتم إنشاء منطقة تجارية كبيرة للبنوك والشركات، ومنطقة ترفيهية للأطفال، بالإضافة لمطاعم وكافيهات لخدمة الزوار وموزعة في الحدائق بطراز فريد، كما تم بناء مسجد يتسع لمئات المصليين، وبه مصلى للسيدات.
ومما تم استحداثه في الحديقة أيضًا فندق انطونيادس بمظهره الحديث على مسطح 30 ألف متر مربع بإجمالى مساحة مبانى 16 ألف متر مربع، مكون من 3 طوابق بسعة 143 جناح وغرفة تديره مجموعة هلنن العالمية.
هذا إلى جانب قاعة احتفالات البافيون التاريخية التي تم إعادة إنشاءها مع الحفاظ على طرازها التاريخى العريق، على مساحة 3000 متر مربع وبها قاعتان تتسعان لـ700 فرد، كما تم إنشاء منطقة مفتوحة للحفلات، على مساحة 15 ألف متر مربع تسع 60 ألف متفرج ومجهزة بالكامل لأستضافة الحفلات الفنية، وتضم الحديقة منطقة رياضية متكاملة تشمل ملاعب كرة قدم تقام عليها تدريبات بصورة دورية لفرق الشباب والفتيات، وكذلك ملاعب "بادل" على أحدث طراز مجهزة بالكامل بخدماتها المختلفة من غرف تغيير الملابس ومبنى إدارى وعيادة طوارئ وإصابات الملاعب، وعلاج طبيعى وتأهيل رياضى.
وفى حدائق انطونيادس تم إنشاء حديقة الديناصورات بمساحة 6000 متر مربع، وبها نماذج بالحجم الطبيعى لأنواع مختلفة من الديناصورات.
حدائق انطونيادس أصبحت مركزا متكاملا لخدمة المواطنين بجميع فئاتهم، لما تتمتع به من جمال وتنوع في مظاهر الترفيه والثقافة، لتستعيد الأسم التاريخى الذى كان يعنى"جنات النعيم".









0 تعليق