سامح قاسم يكتب: إبادة الكتب.. كيف تُمحى الأمم بحرق مكتباتها

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في البدء كان الحرف، وكان النور. ومنذ لحظة الانخطاف الأولى التي عرف فيها الإنسان كيف يحبس المعنى داخل السطور، كيف يصوغ من تجاربه ورؤاه وخوفه من الفناء نصوصًا تُقاوم الزمن، ولدت الكتب. ولأنها هكذا، موصولة بالخلود، كانت دومًا هدفًا للخراب، كأنما في حبرها سمٌّ للمُستعمر، وفي ورقها رجسٌ على المستبدين.

إننا لا نقف هنا على عتبة سرد فواجع متفرقة، بل نطل من شرفة القرن العشرين على مشهد معاصر للإبادة، لا تُمارس فيه المجازر بالسيوف ولا بالمشانق، بل بالمحابر المحطمة والنصوص المهدورة. كأنما صار لقتل الإنسان وجه آخر: قتل فكرته، وتاريخه، وأرشيفه، ومكتبته، ومخطوطه، وترجماته، أي كل ما يمنحه حضورًا يتجاوز جسده. ففي كل مرة تُحرق فيها مكتبة، أو تُطمس فيها لغة، أو تُمنع فيها قصيدة، فإننا نخسر وجهًا آخر من وجوه البشرية، ونغرس سهمًا إضافيًا في قلب الذاكرة الجماعية.

557.jpg

 

لقد شهد القرن العشرون – وهو قرن الدم والرماد – على أبشع صور إبادة الثقافة، لا بوصفها أضرارًا جانبية للحروب، بل باعتبارها فعلًا متعمدًا، ممنهجًا، ومباركًا من المحتلين. لم تكن المكتبات في سراييفو أو بغداد أو برلين ضحايا عرضية للنيران، بل أهدافًا مقصودة، تم تمزيقها بذات الروح التي يمزق فيها القتلة أجساد أعدائهم. لم تُحرق الكتب لأن أحدهم ضجر منها، بل لأن فيها فكرًا، والأنظمة الشمولية تخاف الفكر كما يخاف الجلاد من مرآة.

في كتاب "إبادة الكتب" للمؤلفة ريبيكا نوث، تستحضر أصداء الحريق لا من أجل التأريخ فقط، بل لتفهم البنية النفسية والسياسية والروحية التي جعلت من تدمير الكتب فعلًا شائعًا في ثقافات الخوف والطغيان. لم تحاول صفحات الكتاب، أن تكون رثاءً تقليديًا، بل جهدًا لرسم الخريطة الخفية للعلاقة بين السلطة والمعرفة، بين العنف والنص، بين الجلاد والمكتبة.

في لحظةٍ ما من هذا التاريخ المُعتم، يُصبح إتلاف كتاب معادلًا لتقطيع أوصال مدينة. فكما تُمزق الجغرافيا في الحروب، كذلك يُمزق التاريخ حين تُحرق مكتبته. وقد أدرك الطغاة هذه الحقيقة، فاستهدفوا منذ زمن ليس بالقريب مخازن الذاكرة: الأرشيفات، المكتبات، دور الكتب، المعاهد، بل والمخطوطات الدينية والشعرية والفلسفية. لم يكن هذا الهوس بالدمار عبثيًا، بل كان امتدادًا لاعتقاد راسخ لديهم: إن محو النص يُمهد لمحو الشعب، وإن تدمير المكتبة مقدمة لتدمير الهوية.

وحين نتأمل في محارق الكتب، من محرقة برلين النازية سنة ١٩٣٣ إلى نهب مكتبة الكويت على يد قوات صدام حسين، ومن دكّ التبت بقنابل الجهل إلى اجتياح البوسنة بمدافع الطائفية، لا نجد أمامنا سوى مشهدٍ مركّب: أيديولوجيات ترى الكتاب رجسًا، وقيمًا ترى الحقيقة عدوًا، وسلوكًا عنيفًا يجعل من الفكر خطرًا وجوديًا على مشروع السلطة. فهل نحن أمام نمط عالمي من الإبادة الثقافية؟ وهل ثمة رابط خفي يربط بين الأنظمة المتطرفة – يمينية كانت أم يسارية – في عدائها للكتب؟ أليس القاسم المشترك بين الفاشية، والنازية، والشيوعية الستالينية، والدكتاتوريات العربية، أنها جميعًا انقضت على المكتبات كما تنقض الذئاب على مَن يشهد على جرائمها؟

ثمّ إن هذا الكتاب لا يقتصر على الفجيعة، بل تلتقط ما بعد الخراب: لحظات البقاء، والإنقاذ، والمقاومة، والحب. فبين الرماد دومًا كانت هناك يد خفية تحاول أن تنتشل كتابًا من الحريق، أو تحفظ قصيدة في الصدر، أو تخبئ مخطوطة في كهف. أولئك الذين أنقذوا الشعر من النيران، والذين نسخوا بيد مرتجفة ما تبقى من تراث أمة، هم الملائكة غير المرئيين الذين لا يخلدهم التاريخ، لكنهم، في الحقيقة، حراس الذاكرة.

إننا نكتب، ونقرأ، ونبكي، ونفكر، لأن الكتب ليست جمادات، كما قال جون ملتون، بل هي "وعاء لقوة حياة كامنة، أُريد لها أن تكون فاعلة مثل الروح التي أنجبتها". وهكذا تُشبه الكتب البشر في هشاشتها، في قابلية احتراقها، وفي قدرتها على البعث من الرماد. ومثل البشر تمامًا، تُعذَّب وتُغتال، لكنها تحلم وتشتاق وتغني وتؤرخ.

في لحظة ما من تأملنا لعالم الكتب، ندرك أننا لا نقرأ جمادات مرصوفة، ولا أوراقًا ميتة، بل نحن في حضرة كائنات تنبض، تتنفس، تتألم، وتتذكر. الكتاب ليس سلعة. إنه ذاكرة، وعي، وخريطة طريق إلى ما وراء التجربة. وإذا كان الإنسان يُقتل بسكين، فإن النص يُقتل بالحرق، بالطمس، بالنسيان، أو بالرقابة. وكما أن كل جريمة قتل تترك جثة، فإن كل كتاب يُباد يترك صرخة لا يسمعها أحد إلا الضمير.

في قلب هذه المفارقة الشاهقة يكمن رعب إبادة الكتب: إنها ليست مجازر ضد الورق، بل ضد ما يسكن الورق. ضد المعرفة، والخبرة، والوجدان، والهوية. يُقال إن النار لا تأكل سوى المادّة، لكن حين تلتهم الكتب، فإنها تأكل الزمن، والماضي، واللغات التي أُطفئت أصواتها.

الكتب – في جوهرها – ذاكرة. لكنها ليست ذاكرة فردية، بل ذاكرة جماعية. ولأن كل سلطة تسعى إلى احتكار السرد، فإن أول ما تفعله هو اغتيال الذاكرة الأخرى. والكتاب، بوصفه الشاهد على ما لا تُحب السلطة أن يُروى، يصبح خصمًا. ومن هنا تبدأ محارق الكتب.

لقد روى شهود عيان محارق سراييفو كيف أن رماد الكتب ظل يتساقط كثلج أسود، يملأ الشوارع كأرواح بلا مأوى. أحدهم قال: "عندما لمست ورقة محترقة كانت لا تزال دافئة، قرأت فيها جملة من كتاب منسي، ثم ذابت الورقة في يدي كجسد يحتضر". هل هناك استعارة أكثر فداحة من هذا المشهد؟ الورقة هنا لم تعد ورقة، بل جسد يموت، ويذوب في اليد، ويترك خلفه رائحة لا تُمحى.

الكتب، بهذا المعنى، ليست فقط حاويات للمعرفة، بل أوعية للحياة. يقول جون ميلتون: "الكتب لا حياة فيها فحسب، بل هي حياة ذاتها. إنها نفوسٌ، وإذا أحرقتها، فإنك تزهق أرواحها كما تزهق أرواح البشر". ومن هنا تتجلّى العلاقة الشاعرية بين القارئ والكتاب: إنها ليست علاقة استهلاك، بل علاقة حُب، واحتضان، وشراكة في الزمن والوجدان.

ولكن، ما الذي يدفع أنظمة سياسية إلى إبادة الكتب؟ ما الذي يجعل حاكمًا مستبدًا يخاف من قصيدة، أو يخشى من رواية، أو يرتعد أمام سطر فلسفي؟ الجواب ليس أمنيًا، بل وجودي. لأن السلطة، في جوهرها، تسعى إلى احتكار التفسير. والكتاب يُفسِّر خارج هوى الحاكم. إنه يُشكِّك، يُسائل، يُقاوم. ومن هنا تصبح المكتبة جيشًا رمزيًا، والقصيدة خنجرًا، والمخطوطة خطرًا على بنية الحكم.

في كل مكتبة مدمرة، لا نرثي فقط الورق، بل نرثي اللغة التي لم تُولد، والنقاشات التي لم تتم، والقرّاء الذين لم يولدوا بعد. الكتاب حين يُباد، فإنه يُباد أيضًا من ذاكرة المستقبل. يصبح العالم أقل اتساعًا، أقل ثراء، أقل إنسانية. وتصبح البشرية عرجاء، لأن جناحًا من أجنحتها قد قُطِع.

وهذا ما يؤكده المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه حين قال: "الذي يحرق مكتبة، لا يُبيد الماضي فقط، بل يُنقص المستقبل من احتمالاته". لأن كل كتاب يُحرق هو احتمال، احتمال لفكرة جديدة، أو ثورة قادمة، أو مصالحة لم تتم، أو حب لم يُعلن. وعليه، فإن إبادة الكتب ليست فقط فعل قمع، بل فعل اختزال للعالم، تقليص للأفق، ومحاولة لتضييق احتمالات الحياة ذاتها.

ولعل أقسى ما في إبادة الكتب أنها تحدث أحيانًا وسط صمت، أو قبول، أو حتى تهليل. في برلين النازية، كانت الجموع تصفق عندما تُحرق كتب يهودية أو يسارية. كانوا يصفقون كما يُصفق المرء لعرض مسرحي، كأنهم لا يشهدون موت كائن حي، بل احتفالية بالنقاء العرقي. لقد شارك الناس في الجريمة لأن الأيديولوجيا قالت لهم إن كتاب العدوّ هو خطر على أمتهم. وهكذا يتحوّل المثقف، والناشر، والقارئ، إلى أعداء يجب قتل كتبهم.

وليس صدفة أن الأنظمة القمعية، من التتار إلى النازيين، ومن البعثيين إلى الشيوعيين الماويين، مارست ذات السلوك: تدمير المكتبات بوصفها اختصارًا لإبادة شعب. إنها معادلة مرعبة: إذا أردت أن تُخضع أمة، أبدأ بإبادة كتبها.

والأكثر رعبًا أن هذه الإبادة ليست دومًا نارًا تشتعل، بل قد تكون أبطأ: حجب، رقابة، منع تداول، تهجير لغوي، قتل بطيء للقراءة، أو تحويل الكتب إلى زينة بلا معنى. فالإبادة تأخذ أحيانًا وجهًا ناعمًا، لكنها أكثر فتكًا. ومثلما يمكن قتل الإنسان بسيف، يمكن أيضًا قتله بالإهمال.

ولعل من أقسى صور الإبادة تلك التي تقترفها الشعوب بحق نفسها، حين تُفرّط في كتبها، تُهمل تراثها، تنسى مكتباتها، تُطفئ لغتها، أو تحتقر كتّابها. فما فائدة أن تحترق مكتبة على يد عدو، إذا كانت قد أُحرقت أولًا على يد الإهمال؟

منذ بدأ الإنسان يراكم معارفه ويُقلّب أسئلته على نار التجربة، نشأت الحاجة إلى حفظ ما لا يُحتمل نسيانه. لم تكن اللغة وحدها كافية، فالكلمات المنطوقة تتبدّد في الهواء، ولا تُمسك أثرًا. كان لا بد من نقش، من تدوين، من ورق يحمل على صفحاته خفقة القلب، وارتعاشة الفكر، وتأمل العابرين في طريق العالم.

هكذا وُلدت المكتبات. لا كمجرد مخازن كتب، بل كملاجئ للروح، ومرايا لتاريخ الإنسان، وأوعية لذاكرة الجماعة. المكتبة، في عمقها، ليست بنية مادية من رفوف وكتب، بل كيان رمزي، أشبه بالمعابد الأولى. وكما أُقيمت الهياكل الحجرية لعبادة الآلهة، أُقيمت المكتبات للمعرفة، ولحفظ ما يفيض به الإنسان من أسرار الحياة واللغة والحب والخوف.

ولعل من أعمق الشهادات على البعد الوجودي للمكتبات ما قاله خورخي لويس بورخيس: "لقد تصوّرت الجنة مرارًا، وكانت دومًا تُشبه مكتبة". فالجنة، في تمثّل الروح المُرهفة، لا تُبنى من ذهب ولا من خمر، بل من كتب لا نهاية لها، من نصوص تحيا وتتنفس، وتعيدنا إلى ذواتنا عبر الدهشة.

في البدء كانت المكتبة محصورة في المعبد أو القصر: سريّة، نخبوية، لا يطالها إلا الكهنة أو الملوك. من سومر إلى آشور، ومن برديات مصر إلى ألواح نينوى، كانت المعرفة امتيازًا يُمارس بصرامة، وكان الكَتَبَة هم حراس الأسرار. ولما تطوّرت الأبجديات وانتشرت الحواضر، بدأت المكتبات تتحرر من قدسيتها الأولى، وشيئًا فشيئًا أضحت ذاكرة عمومية، وإن ظلت في معظم مراحل التاريخ حكرًا على الصفوة.

المكتبة ليست مجرد خزانة معلومات، بل كيان اجتماعي، سياسي، رمزي. هي نقطة الالتقاء بين الماضي والمستقبل، بين ما كُتب وما سيُكتب، بين الشاهد والكاتب والقارئ. ولأنها كذلك، فإنها تؤدي دورًا متعدّد الأبعاد:

أولًا: المكتبة بوصفها ذاكرة الأمة

لا تكتمل هوية جماعة من دون سردها الخاص. والمكتبة تحفظ هذا السرد. فيها تُؤرشف الحروب، وتُحفظ الخطابات، وتُسجّل الملاحم، وتُضمّن الطقوس. إن الشعوب التي لا تملك أرشيفًا، تُنسى، وتُختزل، وتُستبدل بسهولة. وكل محتل لا يُقيم رعبه فقط على السلاح، بل على محو الأرشيف السابق وبناء سرديته الخاصة فوق أنقاضه.

حين احتل النازيون أوروبا، لم يكتفوا باحتلال الأرض، بل صادروا مكتبات المعابد اليهودية، جمعوا كتبًا بالأطنان، فرزوها، أحرقوا بعضها، وخبّأوا البعض الآخر في مستودعات سرية، لأنهم فهموا أن محو جماعة يبدأ من محو آثارها المكتوبة. كذلك فعلت صربيا حين اجتاحت البوسنة: لم تقصف فقط البشر، بل قصفت المكتبة الوطنية في سراييفو؛ كأنها تقول: أولًا نمحو كتبكم، ثم نمحوكم.

ثانيا: المكتبة بوصفها أداة مقاومة

في لحظات الانهيار العام، يصبح الكتاب سلاحًا. في ظل الاحتلال، في غياهب السجون، في محابس القمع، يكون النص هو النافذة الأخيرة على الأمل. ولعل أعظم صور المقاومة ليست تلك التي تحمل بندقية، بل التي تُخبئ ديوان شعر في خزانة سرّية، أو تُهرّب مخطوطة في بطانة معطف، أو تحفظ كتابًا في الصدر كما يُحفظ نشيد وطني.

في كل أنظمة الطغيان، كانت المكتبات المستقلة تُغلق أولًا، ويُعتقل ناشرو الكتب، وتُمارَس الرقابة على الطباعة، ويُفرض المنهاج الإيديولوجي في المدارس. لأن الكتاب الحر هو العدو الأول للطاغية. لأنه لا يطلب إذنًا ليفكّر، ولا ينتظر مرسومًا ليقول.

وهكذا تحوّلت المكتبات، في أزمنة الاستبداد، إلى خلايا مقاومة صامتة. نُسخ تُمرَّر باليد، وأرفف مخفية خلف الجدران، وشبكات من القُراء يُشبهون المقاتلين في جبهات غير مرئية. ولعل قصة المكتبة السرية في كابول، والتي أدارتها شابة أفغانية خلال حكم طالبان، هي مثال على هذا: حين يُحظر العلم، يصبح الحبر عملًا ثوريًا.

ثالثًا: المكتبة بوصفها مساحة للتعدد

المكتبة ليست وطنًا لفكر واحد، بل مأوى لمتناقضات تتجاور. فيها يتجاور الملحد مع المتصوف، الثائر مع المحافظ، المادي مع الروحاني، والقديم مع الحديث. إن المكتبة، بهذا المعنى، هي مرآة المجتمع المتعدّد، وشرط وجود المدنية.

ولهذا فإن الطغاة لا يحتملون المكتبات: لأنهم لا يحتملون التعدد. يريدون سردًا واحدًا، فكرًا واحدًا، كتابًا مقدّسًا وحيدًا، وتاريخًا مصاغًا بعناية لتمجيد الحاكم. أما المكتبة فتمثل نقيض هذا كله: إنها فوضى مشرقة، جغرافيا حرة، وطن بلا حدود. ومثلما يُخيف الحلمُ الجلادَ، تخيفه المكتبة.

رابعًا: المكتبة بوصفها كائنًا هشًا

ورغم عظمتها، تبقى المكتبة كائنًا هشًّا. يكفي حريق صغير، أو طغيان لحظي، لتمحو آلاف السنين من الحفظ. التاريخ مملوء بقصص المكتبات المحترقة: مكتبة الإسكندرية، مكتبة بغداد زمن التتار، مكتبة غرناطة بعد سقوط الأندلس، مكتبة سراييفو، مكتبة الموصل، مكتبة حلب. كل مرة تُحرق فيها مكتبة، يتقلص الأفق البشري. كما لو أن التاريخ نفسه يعاني فقدانًا في الذاكرة.

وتزداد الهشاشة حين تُحوّل المكتبة إلى متحف ميت، حين تتكدّس فيها الكتب بلا قارئ، وتُغلق أبوابها في وجه الناس، ويُحرَم الأطفال من التسكع بين الرفوف. لأن المكتبة لا تحيا بالكتب فقط، بل بالعيون التي تقرأ، والأصابع التي تُقلب، والقلوب التي ترتجف أمام سطرٍ جميل.

في ضوء كل ما سبق، فإن الدفاع عن المكتبة ليس شأنًا ثقافيًا محضًا، بل هو معركة وجودية. الدفاع عن المكتبة هو دفاع عن التعدد، عن الحرية، عن الذاكرة، عن المقاومة، عن الإنسان. وإن كل مكتبة تُبنى اليوم هي بذرة ضد النسيان، وضد الطغيان.

إننا، حين نؤسس مكتبة، لا نكدّس الورق، بل نُعيد ترتيب العالم من جديد، نعطي للحياة صوتًا، ونرسم للمستقبل شجرة ظلها طويل، وحبرها لا يحترق.

558.jpg
559.jpg
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق