استضاف الصالون الثقافى للدكتور أحمد جمال الدين موسى رئيس جامعة المنصورة، وزير التربية والتعليم والتعليم العالى الأسبق، فى دورته رقم ٧٤، ثلاثة من خبراء الدبلوماسية والقانون والسياسة الدولية. دار اللقاء حول «مستقبل مصر والعالم العربى فى ظل الاضطراب العالمى والإقليمى الحالى». جاء اللقاء فى وقت هام حيث تشهد منطقة الشرق الاوسط اضطراباً غير مسبوق. وعندما تحدث الفوضى وتتعثر الرؤى، يجب ان نبحث عن الخبراء (Think Tanks) ممن يمتلكون الخبرة والمهارة والقدرة على التحليل والإقناع، وهذا ما يتميز به المتحدثون الثلاثة. جاء الحضور للاستماع إلى التحليل العميق المبنى على الخبرة الطويلة التى يتمتع بها كل من د. مفيد شهاب الفقيه القانونى ووزير التعليم العالى الأسبق، ود. على الدين هلال المحلل السياسى ووزير الشباب والرياضة الأسبق، والسيد عمرو موسى وزير الخارجية وأمين عام جامعة الدول العربية الأسبق، فى رحاب صالون د. موسى وضيوفه الكرام من الوزراء والخبراء ورجالات الدولة.
هناك سمات عامة للمتحدثين الثلاث، أهمها الكاريزما الطاغية، والبلاغة فى التعبير والقدرة على الإقناع، بالإضافة إلى الخبرة الطويلة التى تصل الى نصف قرن فى مجالات الدبلوماسية والقانون والسياسة.
السيد عمرو موسى قدم تحليلاً دقيقاً للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى منطقة الشرق الاوسط وأوروبا والعالم. ونجح فى ربط المتغيرات الدولية، خاصةً الوضع فى الولايات المتحدة، اللاعب الأهم على الساحة الدولية وانعكاسها على مصر والبلدان العربية. تحليل عمرو موسى انتهى إلى أن إسرائيل دولة هشة ومنقسمة على نفسها، وأن مصر كانت وما زالت الدولة المحورية فى إدارة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلى منذ ثلاثينيات القرن الماضى وحتى اليوم. وأكد على أن مصر تظل لاعباً رئيسياً على مسرح الأحداث فى المنطقة، لكى تحمى الأمن القومى العربي. وأفاد بأنه لكى يتحقق الدور المصري، لا بد أن تستعيد مصر قوتها الناعمة (الثقافية والفنية والتعليمية) إلى جانب الجيش القوى الذى يحمى إرادتها السياسية. وانتهى إلى ضرورة الاهتمام بالتعليم باعتباره المحرك الرئيسى الذى يحقق القوة فى المجتمع المصري.
وقدم د. مفيد شهاب سرداً تاريخياً لنشأة المؤسسات الدوليه والإقليمية، ودورهما فى حفظ السلم والأمن الدوليين، ومدى الضعف الذى أصاب هذه المؤسسات فى العقود الأخيرة بسبب انفراد قطب واحد (الولايات المتحدة) بقيادة العالم، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وأوضح صعوبة تغيير الوضع الراهن، حيث يتطلب تغيير القواعد الحالية موافقة الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن، وهى نفسها الدول التى تتمتع بحق الفيتو. وعرض رؤيته للخروج من الشطط الذى يشهده العالم حالياً، والشلل الذى أصاب المنظمات الدولية، وانتهى إلى ضرورة التماسك الداخلى والحفاظ على جامعة الدول العربية باعتبارها مصدر الهوية للبلدان العربية. كما أشار إلى ضرورة الاهتمام بالتعليم فى جميع مراحله باعتباره الركيزة الأساسية للوعى الثقافى والقوة الفكرية التى تحمى الأمة من التشرذم والانحلال.
واختتم الحديث د. على الدين هلال، عميد كلية السياسة والاقتصاد الأسبق، وخبير التحليل السياسي، والذى شارك فى العمل السياسى وتخرج على يديه معظم الساسة والدبلوماسيين المصريين لمدة نصف قرن.
د. هلال أكد على ضرورة تفهم المواقف السياسية والاقتصادية التى تتخذها كل دولة فى منطقتنا العربية من منطلق مصالحها الخاصة، وهذا أمر مشروع ويجب تقبله. وأكد أنه يجب الحفاظ على جامعة الدول العربية رغم اعترافه بضعفها الناتج عن ضعف بعض البلدان العربية، إلا أنها تظل الجامعه التى ترمز للهوية العربية. واتفق د. هلال مع سابقيه على ضرورة النهوض بالتعليم باعتباره المحرك الأساسى لمسيرة التنمية الشاملة فى المجتمع المصري.
شارك فى الحوار نخبة من أصحاب آراء متفاوته من الخبراء والوزراء وأعضاء الصالون الذين عقبوا على الأحداث الجارية. وكان هناك شبه إجماع على ثلاثة أمور، أولها: ضرورة تماسك الجبهة الداخلية ودعم القيادة السياسية وتعظيم تقوية الجيش المصري. وثانيها: إعطاء الأولوية لإصلاح التعليم والاهتمام بصحة المصريين. وثالثها: تنمية العلاقات المصرية العربية، والمصرية الاقليمية وحماية الأمن القومى العربي.
شكراً أستاذنا الفاضل دكتور أحمد جمال الدين موسى وشكراً لضيوفك الكرام.
*رئيس جامعة حورس
0 تعليق