السياقة، هي واحدة من أهم الممارسات اليومية التي تعكس ثقافة الشعوب ومدى إدراكهم واحترامهم للقوانين، ومن خلال مقارنة بسيطة بين الدول الغربية والدول العربية، نكتشف مفارقات بارزة تتجلى في سلوكيات السائقين ومدى احترامهم لقوانين المرور وآليات الحصول على رخص القيادة، ففي الغرب، لا أحد يستطيع التمرد على النظام أو اختراق القوانين الصارمة التي تنظم هذه الممارسة، من بداية التكوين وصولاً إلى مرحلة التطبيق، لكن في بعض الدول العربية، نعيش تلاعباً واستهتاراً وعدم التزام بالقوانين الخاصة بالمرور.
قيادة المرأة في الدول الغربية هو مشهد يومي عادي، إلا أنه في بعض الدول العربية مازال يثير الارتباك عند بعض الرجال، ربما لأسباب اجتماعية ونفسية، فالبعض منهم يعتقدون أن السياقة "للرجال فقط"، خصوصاً عندما تقرر المرأة أن تتجاوز أحدهم في الطريق، حينها تُطلَق صفارة الإنذار، فهذا التجاوز، في اعتقادهم، هو "تهديد" لهيبة الرجل ومكانته في المجتمع، لتُعلن حربا نفسية على هذه المرأة، تنتهي بمطاردات في بعض الأحيان قد تكون قاتلة.
تبقى قضية سياقة المرأة في المجتمعات العربية من المواضيع الطريفة، لكن هناك ما هو أعمق وأخطر بل وصادم، يستوجب التوقف عنده وإعادة النظر فيه، كتجربة شخصية، حيث إنني نشأت في بيئة مختلفة، ملتزمة بالقوانين التي تخص المرور، لم أعتد أبداً أن أرى شخصاً يقود سيارة وبكل ثقة رغم أنه لا يملك رخصة السياقة، والأخطر، عندما يكون هذا الشخص طفلاً صغيراً لا يتعدى الاثنتي عشرة سنة، بتشجيع من الأهل، أيضاً، من المظاهر الغريبة والتي تثير التساؤلات، كيف يُسمح لبعض أصحاب السيارات أن يتجولوا في الشوارع بدون لوحات، الشيء الذي يجعلهم قادرين على ارتكاب أي مخالفة أو حتى جريمة دون الوصول إلى هويتهم وملاحقتهم قضائيا.
من النقاط التي يجب مراجعتها أيضا، موضوع وثائق التأمينات الخاصة الصادرة من شركات التأمين، في اعتقادي، يجب أن تكون إلزامية عند شراء السيارة، سواء أكان ذلك بالتقسيط أم نقدا، لكي يكون هناك تغطية تأمينية تضمن الحقوق، توفر الأمان المالي، وتمنع أيضا النزاعات والشجارات عند وقوع الحوادث خصوصا عندما تكون الحادثة بسيطة لا تستدعي تدخل الشرطة، هنا يكون التعامل بين شركات التأمين فقط.
من أخطر الظواهر أيضا والتي تستوجب الإصلاح وإعادة النظر، حصول بعض الأفراد على رخصة سياقة دون الولوج إلى مراكز معتمدة لتعليم السياقة أو عدم اجتياز الاختبار الرسمي الذي يثبت كفاءتهم ومعرفتهم بقوانين المرور، مثل هذه الخروقات ليست مجرد مخالفة إدارية، بل تهديد مباشر للسلامة العامة يزيد من نسب الحوادث المميتة.
أمام هذه الظواهر المقلقة والخطيرة، لا بد من النظر فيها بجدية، وتفعيل القوانين الخاصة بها، وتطبيقها بشكل صارم للحد من هذه التجاوزات، لتوفير الحماية للمواطنين سواء الذين يتوفرون على سيارات أو الراجلين، لأن القانون إذا لم يُفعل يفقد هيبته.
0 تعليق