ترامب يزيح نتنياهو من حساباته بتغيير سياسته بشأن إيران وغزة والحوثي

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشهد العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توترات غير مسبوقة بسبب سلسلة من القرارات السياسية التي اتخذها ترامب بشأن إيران والحوثيين وقطاع غزة، والتي أثارت استياء إسرائيل التي اعتادت على مستوى عالٍ من التنسيق مع الإدارات الأمريكية. 

وأعلن ترامب بدء مفاوضات مباشرة مع إيران لإعادة صياغة اتفاق نووي، مما أثار صدمة في إسرائيل التي ترى في هذا التوجه تهديدًا وجوديًا. 

إسرائيل تخشى أن يسمح أي اتفاق لإيران بالاحتفاظ بقدرات نووية مدنية، مما قد يمهد الطريق لتطوير أسلحة نووية في المستقبل أو يعزز نفوذها عبر دعم وكلائها في المنطقة مثل حزب الله والحوثيين. 

رفض ترامب طلبات نتنياهو المتكررة لتنفيذ عمل عسكري مشترك ضد المنشآت النووية الإيرانية، مفضلًا نهجًا دبلوماسيًا يعتمد على الحوافز الاقتصادية لإيران بدلًا من المواجهة العسكرية. 

هذا القرار، الذي أُعلن دون إشراك إسرائيل مسبقًا، ترك نتنياهو في حالة من الإحباط، خاصة أن إسرائيل كانت تعتمد على دعم أمريكي قوي لمواجهة إيران. 

وأضاف إلى هذا التوتر إطلاق سراح إيدان ألكسندر، آخر مواطن أمريكي كان محتجزًا لدى حماس، عبر مفاوضات أمريكية مباشرة مع الحركة دون تنسيق مع إسرائيل، مما اعتبرته الأخيرة إشارة إلى تراجع مكانتها كحليف استراتيجي.

 كما أن جولة ترامب الإقليمية المرتقبة، التي تشمل السعودية وقطر والإمارات وتستثني إسرائيل، عززت شعور إسرائيل بأن ترامب يعطي الأولوية للصفقات الاقتصادية والعلاقات مع دول الخليج على حساب المصالح الإسرائيلية التقليدية. وفقًا لصحيفة فاينانشال تايمز.

في اليمن، أعلن ترامب وقف الضربات الأمريكية على جماعة الحوثيين المدعومة من إيران بعد موافقتهم على تعليق هجماتهم على السفن الأمريكية في البحر الأحمر، وذلك بوساطة عمانية. 

هذا القرار، الذي جاء دون استشارة إسرائيل، أثار استياء نتنياهو، خاصة أن الحوثيين أكدوا استمرار هجماتهم على إسرائيل دعمًا لغزة، بما في ذلك هجوم صاروخي استهدف منطقة قريبة من مطار بن جوريون في تل أبيب. نتنياهو، الذي أكد أن إسرائيل ستدافع عن نفسها بمفردها، يرى في هذا الاتفاق دليلًا على تراجع الدعم الأمريكي في مواجهة التهديدات الإقليمية. 

ويربط المحللون هذا الاتفاق بجهود إيران لتسهيل المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، حيث قدمت طهران تنازلات عبر وكلائها لتحسين موقفها التفاوضي. 

هذا السياق يعزز مخاوف إسرائيل من أنها تُترك تواجه إيران ووكلائها بمفردها، خاصة أن الحوثيين، رغم توقفهم عن استهداف الأصول الأمريكية، يواصلون تهديداتهم ضد إسرائيل ويمتلكون ترسانة صواريخ متطورة بدعم إيراني. 

إضافة إلى ذلك، فإن عدم إشراك إسرائيل في هذه القرارات يعكس تحولًا في نهج ترامب نحو سياسة أكثر براجماتية تركز على تقليص التورط العسكري الأمريكي في المنطقة وتعزيز العلاقات التجارية مع دول الخليج، مما يضع إسرائيل في موقف دفاعي غير مألوف. وفقًا لصحيفة واشنطن بوست.

في غزة، يتبنى ترامب نهجًا يركز على إبرام هدنة وإعادة إعمار القطاع، واصفًا إياه بـ"ريفييرا الشرق الأوسط"، في محاولة لتحقيق إنجاز دبلوماسي بارز. 

هذا التوجه يتناقض مع استمرار إسرائيل في هجومها العسكري وحصارها المشدد، الذي يمنع دخول الغذاء والدواء، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أثار جدلًا واسعًا بتصريحاته التي اتهم فيها حكومة نتنياهو بإطالة أمد الحرب في غزة لأغراض سياسية داخلية، مما دفع حلفاء نتنياهو إلى الادعاء بأن ويتكوف متأثر بعلاقات تجارية مع قطر، التي تستضيف قادة حماس. 

مفاوضات ترامب المباشرة مع حماس، التي أُجريت دون إشراك إسرائيل، أثارت استياء نتنياهو، الذي يرى أن هذه الخطوة تقوض هدفه المعلن بتدمير الحركة. وتدعم دول الخليج، بقيادة السعودية، ضغوط ترامب لإنهاء الحصار على غزة والتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو موقف يتعارض بشكل مباشر مع سياسة نتنياهو الرافضة لأي تنازلات سياسية. 

هذه الديناميكيات تعزز شعور إسرائيل بأنها تفقد نفوذها في واشنطن، خاصة أن ترامب يبدو أكثر اهتمامًا بتحقيق صفقات تجارية ودبلوماسية مع دول الخليج وإيران على حساب الأهداف الإسرائيلية طويلة الأمد. وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية.

ويعكس نهج ترامب سعيه لتحقيق إنجازات دبلوماسية كبرى، مثل اتفاق نووي مع إيران أو تسوية شاملة في غزة، لتعزيز صورته كـ"رئيس السلام" قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة. 

لكن هذه السياسات تضع نتنياهو في موقف بالغ التعقيد، حيث يواجه ضغوطًا داخلية من ائتلافه اليميني الذي يرفض بشدة أي تنازلات في غزة أو مع إيران، إلى جانب ضغوط خارجية من ترامب ودول الخليج التي تدعو إلى حل سياسي. 

وأشار المحللون إلى أن نتنياهو يفتقر إلى النفوذ السياسي الكافي في واشنطن لمواجهة ترامب مباشرة، خاصة أن الأخير يحظى بشعبية كبيرة بين القاعدة الشعبية الإسرائيلية المؤيدة لنتنياهو، مما يجعل أي تصعيد علني محفوفًا بالمخاطر. 

تجدر الإشارة إلى أن استبعاد إسرائيل من قرارات رئيسية، مثل مفاوضات إيران واتفاق الحوثيين، يعزز شعورها بأنها لم تعد الأولوية الأولى للولايات المتحدة، مما قد يدفعها لإعادة تقييم اعتمادها على الدعم الأمريكي. 

تصريحات نتنياهو الأخيرة، التي ألمحت إلى ضرورة تقليص الاعتماد على المساعدات الأمنية الأمريكية، تعكس عمق الأزمة في العلاقات الثنائية. وفقًا لموقع سي إن إن.

وتتفاقم التحديات أمام نتنياهو مع تصاعد الضغوط الإقليمية والداخلية، حيث يجد نفسه محاصرًا بين متطلبات ائتلافه الحاكم والتوقعات الدولية. 

سياسات ترامب، التي تركز على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج وإيران، قد تعيد تشكيل التحالفات الإقليمية بطريقة تضعف الموقف الإسرائيلي. 

على سبيل المثال، دعم السعودية وقطر لتسوية سياسية في غزة، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية، يضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع حلفاء ترامب الجدد في المنطقة. 

كما أن استمرار الحوثيين في استهداف إسرائيل، رغم اتفاقهم مع أمريكا، يزيد من الضغط على إسرائيل لتطوير استراتيجيات دفاعية مستقلة. 

وهذه التطورات قد تدفع إسرائيل نحو تعزيز قدراتها العسكرية الذاتية أو البحث عن حلفاء جدد، لكن ذلك يتطلب وقتًا وموارد قد لا تكون متاحة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية الداخلية. 

يبقى المستقبل مفتوحًا أمام كيفية استجابة إسرائيل لهذا الواقع الجديد، خاصة مع تزايد الإشارات إلى أن ترامب مستعد للتفاوض مع أي طرف، بما في ذلك حماس وإيران، لتحقيق أهدافه الدبلوماسية. وفقًا لصحيفة واشنطن بوست.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق