الثلاثاء 13 مايو 2025 | 08:14 مساءً

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
أظهرت أحدث المؤشرات الاقتصادية أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيحافظ على نهج حذر في السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة، مدفوعًا ببيانات تضخم أقل من التوقعات وتهدئة ملحوظة في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وأدى التراجع الواضح في ضغوط الأسعار إلى تبديد المخاوف من ضغوط اقتصادية حادة على الأسر والشركات الأمريكية، مما دفع مؤسسات مالية كبرى في "وول ستريت" إلى خفض توقعاتها لاحتمال حدوث ركود اقتصادي، ومنح الفيدرالي مساحة زمنية لإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير في الوقت الراهن.
انحسار مخاوف الركود
من بين المؤسسات التي عدّلت توقعاتها الاقتصادية جي بي مورجان تشيس وباركليز، حيث أشارت الأولى إلى أن احتمال الركود الاقتصادي انخفض إلى ما دون 50%، بينما لم تعد الثانية تتوقع حدوث ركود على الإطلاق، وكان كلاهما قد أشار سابقًا إلى أن الرسوم الجمركية المرتفعة بين واشنطن وبكين قد تشكل ضغطًا كبيرًا على إنفاق المستهلكين والنشاط الاقتصادي.
ويأتي هذا التغير بعد التوصل إلى اتفاق تجاري خلال عطلة نهاية الأسبوع بين الولايات المتحدة والصين، ينص على خفض الرسوم الجمركية التي تبادلها الطرفان منذ أبريل، والتي كانت قد بلغت مستويات مرتفعة أثارت قلق الأسواق العالمية.
الأسواق تعيد تسعير خفض الفائدة
في أعقاب هذا التطور، أعادت الأسواق المالية تسعير توقعاتها بشأن مسار أسعار الفائدة، حيث تراجعت الرهانات على خفض مبكر للفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، ويتوقع المتداولون الآن تنفيذ تخفيضين فقط في أسعار الفائدة قبل نهاية العام، يبدأ أولهما في سبتمبر، بعد أن كانت التقديرات السابقة تشير إلى احتمال بدء التيسير النقدي في يوليو.
وفي السياق ذاته، أظهرت بيانات وزارة العمل الأمريكية، اليوم الثلاثاء، أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 2.3% على أساس سنوي في أبريل، وهي أقل زيادة منذ أكثر من أربع سنوات، وقد ساهم هذا الرقم في دعم التوقعات بأن الفيدرالي لن يتخذ خطوات متسرعة لخفض الفائدة، وإنما سيتبع نهجًا تدريجيًا في حال قرر تخفيف السياسة النقدية لاحقًا هذا العام.
وقال جيك دولارهايد، الرئيس التنفيذي لشركة "لونجبو" لإدارة الأصول: "كانت هناك مخاوف من أن الرسوم الجمركية قد ترفع التضخم، وقد يكون ذلك واردًا، لكن بيانات اليوم تمنح المستثمرين بعض الطمأنينة بأن الضغوط السعرية لا تزال تحت السيطرة".
التضخم لا يزال يتطلب الحذر
حذّر خبراء الاقتصاد في شركة "ريموند جيمس" من أن الضبابية المستمرة بشأن السياسة التجارية الأميركية، وتداعياتها المستقبلية على الأسعار، تعني أن الفيدرالي سيبقى على الهامش لفترة أطول قبل اتخاذ قرارات جديدة.
وقد احتفظ بنك الاحتياطي الفيدرالي، خلال اجتماعه الأخير، بأسعار الفائدة قصيرة الأجل ضمن النطاق 4.25% إلى 4.50%، وهو المستوى الذي بقي ساريًا منذ ديسمبر الماضي.
وأكد رئيس الفيدرالي جيروم باول، حينها، أن البنك لا يرى إشارات على انهيار اقتصادي وشيك، مضيفًا أن التضخم لا يزال أعلى من المستوى المستهدف البالغ 2%، ما يستوجب انتظار المزيد من البيانات قبل اتخاذ أي قرار بشأن الفائدة.
التضخم السلعي
بحسب تقرير وزارة العمل، فقد ارتفعت أسعار المستهلك الأساسية، باستثناء الغذاء والطاقة، بنسبة 2.8% على أساس سنوي، وهي نسبة تُعتبر "ساخنة" مقارنة بالأهداف الرسمية، فيما سجّلت أسعار بعض السلع المعرضة لتأثير الرسوم الجمركية مثل الملابس، والسيارات، والشاحنات استقرارًا أو حتى انخفاضًا، وهو ما خالف التوقعات رغم دخول رسوم جمركية جديدة حيز التنفيذ، كانت قد أُعلنت من قبل الرئيس ترامب في مارس وأبريل.
ورغم التهدئة الأخيرة، لا يزال خبراء الاقتصاد يتوقعون أن تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة، والتي بلغت سابقًا 145%، إلى رفع أسعار السلع في الأشهر المقبلة، ويُشار إلى أن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين خفّض تلك الرسوم إلى 30% على العديد من السلع، لكنها تظل من بين أعلى المستويات منذ أكثر من ثمانين عامًا، وتشمل نطاقًا واسعًا من الواردات.
غياب اليقين بشأن السياسات التجارية
أشارت شركة EY (إرنست ويونج)، إلى أن غياب الوضوح بشأن مستقبل السياسة التجارية يجعل من غير المرجح أن يبادر الاحتياطي الفيدرالي بأي تحركات استباقية، مضيفًا: "نتوقع الآن أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة مرتين فقط هذا العام بدلًا من ثلاث مرات، وأن يأتي الخفض الأول في سبتمبر وليس يوليو كما كان متوقعًا سابقًا".
وتعكس هذه التطورات توجهًا عامًّا نحو الاستقرار الحذر في السياسة النقدية الأمريكية، في ظل تحسن نسبي في المؤشرات الاقتصادية وتراجع التوترات التجارية، ومع استمرار الضبابية حول السياسة التجارية، يبقى الاحتياطي الفيدرالي في وضع ترقّب حتى تتضح الصورة بشكل أكبر.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق