دعت جبهة القوى الديمقراطية، خلال انعقاد الدورة الثانية والخمسين لمجلسها الوطني، إلى فتح نقاش وطني واسع ومسؤول حول موضوع القنب الهندي (الكيف)، مشددة على ضرورة اعتماد مقاربة تنموية وحقوقية شاملة تتجاوز المنطق الزجري الضيق نحو تصور متكامل يراعي كرامة الإنسان وحقوق المزارعين.
وفي بيان سياسي وُصف بـ”القوي والصريح”، أكدت الجبهة أن رؤيتها لملف “الكيف” نابعة من تفاعلها مع المعطيات الواقعية والمطالب الاجتماعية والاقتصادية لسكان المناطق المعنية، داعية إلى “توظيف الذكاء العمومي لخدمة التنمية”، وفق تعبيرها.
وشدد الحزب أن تعاطيه مع هذا الملف لا يعني “تشجيع الاستهلاك أو التطبيع مع الإدمان”؛ بل يعكس حرصا على بلورة سياسة وطنية عقلانية في التعامل مع استعمال الكيف، خصوصا في أبعاده الطبية والصناعية، بما يساهم في دمج الاقتصاد غير المهيكل في الدورة القانونية والتنموية للبلاد.
وفي هذا الإطار، قال مصطفى بنعلي، الأمين العام لجبهة القوى الديمقراطية، إنه “قد حان الوقت لفتح نقاش جاد ومسؤول بشأن تقنين الاستعمال الترفيهي لنبتة “الكيف”، ولو لم يكن كذلك لما دعونا إليه. فنحن نعتبر أن هذه النبتة أصيلة في التراث الفلاحي المغربي. أما التسمية المرتبطة بالقنب الهندي، فلدي شخصيا تحفظ بشأنها، لأن الأمر يتعلق بنبتة “الكيف” التي يعرفها المغاربة جيدا، وليست شيئا آخر”.
وتابع بنعلي، ضمن تصريح لهسبريس، إن “ظروف الاستعمار الفرنسي قد ساهمت في شيطنة هذه النبتة، وإلصاق صورة سلبية بها، رغم أن الله لم يخلق إلا نباتات صالحة، وإنما الاستعمالات هي التي قد تكون محل نقاش. ومن هذا المنطلق، يعكس موقف الحزب قراءة متأنية للمعطيات وللتوصيات الصادرة عن المؤسسات الدستورية؛ ومنها تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، وكذلك تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. وهي توصيات توجَّه بها لجلالة الملك، ولا أعتقد أنها يمكن أن تكون عبثية؛ بل على العكس، تنطوي على توجيهات مهمة ينبغي أخذها بجدية”.
وأضاف الأمين العام لجبهة القوى الديمقراطية قائلا: “قد أظهرت التجربة المغربية في تقنين بعض الاستعمالات الطبية والصيدلانية للقنب مكاسب واضحة، والآن نلمس نجاحات متتالية في هذا المسار. كما أن الاطلاع على التجارب الدولية القريبة منا، مثل التجربة البرتغالية التي دخلت هذا المسار مؤخرا، يبرز أهمية هذا الورش. والأهم في كل هذا هو اعتماد مقاربة تقليل المخاطر، التي يجب أن تكون حاضرة في أية سياسة عمومية تُعنى بهذا الملف. من هنا، فإننا نعتبر موضوع “الكيف” قضية مجتمعية مهمة، تستوجب خطوات عملية، وليس مجرد نقاش نظري أو ظرفي”.
من جانبه، قال شكيب الخياري، منسق الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، “نرى أنه قد حان الوقت لفتح نقاش مجتمعي حول تقنين الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي، باعتباره من ضمن المداخل لمعالجة واقعية ومنظمة لظاهرة قائمة، وللحد من أضرار التجريم على المستهلكين والمزارعين ومناطق زراعة الكيف عموما. ويستند هذا المطلب إلى توصيات مؤسسات رسمية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ولجنة النموذج التنموي، الداعية إلى رفع التجريم في إطار قانوني مضبوط يضمن الحماية الصحية ويضعف السوق غير المشروعة”.
وقال الخياري، ضمن تصريح لهسبريس، إنه “في هذا السياق، نثمن القرار السياسي الصادر عن المجلس الوطني الأخير لحزب جبهة القوى الديمقراطية، والذي عبر بوضوح عن دعمه لفتح نقاش حول هذا الموضوع، بما يعزز مسار الاعتراف القانوني القائم على حقوق الإنسان والتنمية المجالية والعدالة الاجتماعية”.
وأضاف منسق الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي: “نؤكد أن هذا الحزب كان أول من استجاب لدعوتنا الرسمية، واستقبلنا في لقاء تفاعلي إلى جانب مبادرات مدنية أخرى قادمة من مناطق زراعة الكيف؛ وهو ما نعتبره مؤشرا إيجابيا على انخراطه الجاد في النقاش العمومي. كما أننا في دينامية نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي”.
وختم الفاعل المدني عينه تصريحه بالقول: “ننتظر تفاعل باقي الأحزاب السياسية التي توصلت بدعوة لعقد لقاءات مماثلة، بهدف تعميق النقاش وبناء أرضية مشتركة لهذا الورش الحقوقي والتنموي. ونحن بصدد التعاون مع الحزب لإعداد تصور تشريعي شامل لهذا الموضوع، ليكون بمثابة إطار قانوني متكامل يضمن تنظيم الاستخدام الترفيهي للقنب الهندي بشكل يحقق التوازن بين الحقوق الإنسانية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
0 تعليق