فيلم "ماي فراند" .. تجربة سينمائية اجتماعية تقف على حافة الدراما

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يقدم فيلم “My Friend” (صديقي)، من إخراج رؤوف الصباحي وبطولة يسار لمغاري، تجربة سينمائية مغربية تستند إلى الكوميديا الاجتماعية ذات الأبعاد الواقعية؛ إذ يرصد بأسلوب ساخر تحديات جيل من الشباب المغربي المحاصر بين الهشاشة الاقتصادية والطموحات المؤجلة.

تدور أحداث الفيلم حول شاب ثلاثيني يدعى يوسف، يعمل في إصلاح أجهزة التلفاز والهوائيات في حي شعبي، ويعيش مع والدته المسنّة التي تعاني من ضعف السمع. يُعرف يوسف في الحي بلقب “ماي فراند”، وهو مهووس بالثقافة الأمريكية ويحلم بالهجرة إلى الولايات المتحدة.

يحاول يوسف استغلال مشاعر فتاة أمريكية تقيم في المغرب ليحقق حلمه بالهجرة، في حبكة بسيطة لكنها تنطوي على مفارقات عاطفية واجتماعية تضع المتفرج أمام مفاهيم مثل “الانتماء”، “الطموح” و”الاغتراب الداخلي”. بأسلوب يجمع بين الخفة والعمق، يطرح الفيلم أسئلة عن الحدود الفاصلة بين الحلم والانتهازية، وبين الصدق والمصلحة.

حظي “My Friend” منذ طرحه بإقبال جماهيري ملحوظ في القاعات السينمائية، متجاوزا سقف التوقعات من حيث الإيرادات، ليصبح من بين أنجح الأعمال الكوميدية لموسم 2025. غير أن هذا النجاح لم يجمع عليه النقاد، الذين تباينت آراؤهم بين من اعتبره مرآة ساخرة لواقع مأزوم، ومن رأى فيه معالجة سطحية لقضايا شائكة تستدعي مزيدا من العمق في الطرح والمعالجة.

عادل فلاح، ناقد سينمائي، يرى أن “My Friend” يمتاز بذكاء في المزج بين الضحك والتأمل، بفضل سيناريو يعتمد على المواقف اليومية وسخرية الواقع.

وقال فلاح، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن العمل يتميز بإيقاع متوازن وإخراج سلس، سمح للمشاهد بالانخراط في القصة دون ملل، مع توظيف جيد للموسيقى التصويرية في ضبط الانتقال بين المشاهد.

وأشار الناقد السينمائي ذاته إلى أن الفيلم نجح في خلق لحظات كوميدية صادقة، غير أن بعض المشاهد بدت مفتعلة، وافتقر السرد في فترات إلى تصعيد درامي حقيقي. كما اعتبر أن الأداء القوي ليسار المغاري أعطى للفيلم روحا مرحة، لكنه لاحظ غياب العمق لدى بعض الشخصيات الثانوية، ما أثر على البناء العام للعمل.

وأضاف فلاح أن الفيلم قد لا يقدم جديدا كبيرا على مستوى البناء السينمائي، لكنه يظل تجربة فنية صادقة نجحت في مخاطبة جمهور واسع، مع ترك مساحة للتفكير في قضايا حقيقية يعاني منها الشباب المغربي.

بدورها، ترى الباحثة السوسيولوجية نادية الكتاني أن فيلم “My Friend” يتجاوز كونه مجرد عمل ترفيهي؛ إذ يعكس في جوهره تحولات اجتماعية عميقة يعيشها الشباب المغربي، لا سيما على مستوى الشعور بالتهميش، والبحث عن الذات في بيئة متقلبة.

وقالت الكتاني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن شخصية “ماي فراند” تمثّل بذكاء نموذج الشاب المتروك لحاله، الذي يواجه واقعه بالسخرية ويصنع لنفسه فضاء خاصا للهروب من الإقصاء.

وأوضحت أن الفيلم يعالج قضايا معقدة، مثل فقدان الأمل وصعوبة الاندماج الاجتماعي، لكنه يختزل هذه الإشكالات أحيانا في مقولات جاهزة أو مشاهد ساخرة، ما قد يقلل من عمق المعالجة.

ورغم ذلك، اعتبرت الباحثة السوسيولوجية أن حضور هذا الخطاب داخل عمل سينمائي جماهيري يظل أمرا مهما، لأنه يعيد طرح قضايا اجتماعية بلغة يفهمها عموم المتلقين.

وأوضحت أن نقاط قوة الفيلم تكمن في جرأته على قول المسكوت عنه، وفي تلميحاته إلى مسؤوليات المؤسسات تجاه الشباب.

لكنها استدركت بأن الجانب الكوميدي، على الرغم من فعاليته في الترفيه، قد يُضعف من الأثر التربوي والتأثير الرمزي لبعض المشاهد، خاصة حين يُستخدم لتبسيط قضايا بنيوية معقدة. ومع ذلك، اعتبرت “My Friend” تجربة تستحق النقاش، لأنها تسائل الواقع بلغة فنية مشاغبة.

تجدر الإشارة إلى أن بطولة هذا الفيلم جسّدها إلى جانب يسار المغاري، كل من عبد الإله عاجل، رفيق بوبكر، جميلة الهوني، طارق البخاري، أيوب أبو النصر، إسراء بن جرارا، وأسماء أخرى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق