لم يتأخّر مفعول الاتفاق التجاري الموقع بين أمريكا والصين، بعد مفاوضات دامت يومين في جنيف السويسرية، في الوصول إلى تداولات الأسواق المالية العالمية؛ وهو ما انعكس على “تعافي” أسعار الذهب، واستقرار أسعار النفط، وسط “حفاظ الدولار الأمريكي على مكتسباته”.
وسجّل مهنيون مغاربة في قطاع تجارة وصياغة الحليّ والمجوهرات، تحدثت إليهم هسبريس، أهمية المعدن النفيس في كونه مازال مُختزِناً قيمته الاستثمارية والادّخارية، رغم كل التقلبات العالمية التي شهدها العالم شهر أبريل، خاصة مع “رسوم ترامب الجمركية” التي أثارت هواجس “حرب تجارية”.
وحسب إفادات متطابقة حصلت عليها هسبريس، من مهنيّين من صائغي الذهب وكذا تجاره بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، فإن “مسار الإقبال على شراء الذهب لا يبارحه التذبذب حسب الظرفية والفئات الاجتماعية”؛ غير أن “الفرق في السعر” بين الدولي ونظيره في أسواق المغرب مازال عاملاً يؤرق بال المهنيين.
إقبالٌ بعد تردد
بمتابعة مؤشرات وتداولات أسواق المعادن النفيسة التي يبقى الذّهبُ أكثرَها بريقاً وملاذاً آمناً لمجتمع المستثمرين في زمن الأزمات واللّايقين، ليوم الثلاثاء، فإن الإعلان عن تخفيف حدة النسب الجمركية المفروضة على السلع التجارية بين أقوى اقتصادين في العالم دفَعَ باتجاه موجة “اقتناص الصفقات”.
جاء ذلك بعد أن سَجلت الأسعار “أدنى مستوياتها” في أكثرِ من أسبوع خلال جلسات التداول السابقة، فيما رصد محللو الأسواق العالمية “الإقبال المتزايد على المخاطرة” بعد الاتفاق بين الولايات المتحدة والصين على تقليص الرسوم الجمركية المتبادلة مؤقتاً.
“المعدن الأصفر” واصل بريقه “المعهود” فوق مستوى 3 آلاف دولار منذ بداية العام الجاري، مُسجلا في “المعاملات الفورية” 3250.50 دولارا للأوقية (الأونصة) بحلول أولى ساعات صباح الثلاثاء؛ بعد انخفاض في سعره بـ 2,7% في الجلسة السابقة. أما العقود الأمريكية الآجلة للذهب فارتفعت بنسبة 0.9% إلى 3255.30 دولارًا.
فروق مستمرة
إدريس الهزاز، رئيس الفيدرالية المغربية للصياغين فاعل مهني في القطاع، أكد حدوث “زيادة عالمية في سعر الذهب أقلُّها بنسبة 15 في المائة بين شهريْ أبريل الماضي وماي الجاري”، قائلا إن ذلك لم يمرّ دون أن يبصم الأسواق المغربية للمجوهرات.
وأفاد الهزاز، متحدثا لجريدة هسبريس، بأن “الذهب من صنف ’18 عيارا’ بلغ سعره اليوم الثلاثاء (13 ماي) ما قيمته 837 درهمًا بالنسبة للغرام الواحد من الذهب الخام”، مؤكدا أن “المَصوغ بدوره مازال عند أسعار تناهز الألف درهم، مع إقبال واضح من الطبقات الاجتماعية الميسورة على شراء الذهب، سواءٌ ادخاراً أو استثمارًا”.
ولفت المهني ذاته إلى أن “الفرق ما بين تداولات المعدن النفيس الأصفر في البورصات الدولية وثمنه في السوق المحلية المغربية يتراوح بين 100 و140 درهما في كل غرام”، عازياً ذلك في إجابته عن أسئلة هسبريس إلى ما وصفه بـ”استمرار إشكالية التهريب وارتفاع السعر نتيجة لذلك بغض النظر عن الأزمات الدولية والظرفية الاقتصادية”.
كما سجل المتحدث “معطى دالاً” يتمثل، وفقه، في أن “مضاربات البورصة حول الذهب ترفع السعر بحوالي ثلاث وأربع مرات مقارنة مع الكميات الموجودة فعلياً منه والمعروضة للبيع والشراء”، منوها إلى “إقبال المواطنين في الصين والهند (كقوى اقتصادية وبشرية صاعدة) على استهلاك الحلي وشراء المجوهرات، ما زيد من تفسير ارتفاع الطلب على الذهب في الآونة الأخيرة”.
“ملاذ آمِن”
حسن أوداود، تاجرُ ذهب بالعاصمة الاقتصادية للمملكة متخصص في تسويق وصياغة المجوهرات، يرى أن “فكرة الاستثمار في الملاذات والأصول المالية الآمنة بشكل عام، مع التركيز على الاستثمار في الذهب”، معتبرا وفق ملاحظاته أن “الذهب مازال ملاذًا آمنًا للاستثمار، لأنه وسيلة لتحويل النقود إلى أموال منتجة”.
ورصد أوداود، في حديث لهسبريس، “ارتفاع قيمة الغرام من الذهب من 400 و500 إلى 700 درهم، فيما يرتقب أن يلامس عتبة الألف درهم (لاحقاً)، موضحا أن “الاستثمار في المعدن النفيس لا يقتصر على الأغنياء فقط، بل يمكن لأي شخص الاستفادة من عوائده نظرا لتقلباته”.
وزاد المتحدث ذاته: “هناك أشخاص يقولون إن الذهب مرتفع الثمن، لكن هناك من يستمر في شرائه”، قبل أن يُوصي بـ”شراء الذهب في أي وقت لأنه يعتبر استثمارًا دائم الربح”، حسب توصيفه، وتابع مؤكدا على فكرة أنّ “الذين لديهم خبرة في شراء الذهب لا يخافون من تقلبات الأسعار… كما أن مَن جرَّبَ الاستثمار في الذهب سابقًا قد ربح بالفعل منه”.
وفي تعليقه على الظروف الدولية الراهنة قال أوداود: “هناك اتفاقيات صينية أمريكية تؤثر فعلا على الأسواق، بما يؤدي إلى تسجيل التراجع”، لافتا إلى استمرار “نقص في المواد الخام من المجوهرات الذهبية في المغرب”، وزاد شارحا أن “الأسعار بالنسبة للمعادن النفيسة في المغرب مازالت مرتفعة مقارنة بالسوق العالمي”؛ كما أن “ثمّة حاجة إلى إيجاد حلول قانونية لتوفير المادة الخام في السوق المغربي، بما ينعكس على انتعاشه، عوضاً عمّا يتم (حاليا) من إعادة استخدام المواد القديمة لتعويض نقص المواد الخام”.
0 تعليق