تشهد إيران أزمة كهرباء غير مسبوقة دفعت الحكومة إلى تسريع خطط التوسع بقطاع الطاقة الشمسية، في ظل تزايد الانقطاعات وتدهور البنى التحتية للشبكات.
ويأتي ذلك وسط ضغوط متزايدة على شبكات الكهرباء خلال المواسم الحرجة، سواء في الشتاء أو الصيف؛ ما أدى إلى اعتماد إجراءات غير تقليدية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بدأت البلاد تواجه انقطاعات كهربائية طويلة، مع بداية العام الإيراني الجديد في 21 مارس/آذار 2025، شملت هذه المرة القطاع المنزلي، في خطوة غير معتادة تهدف لتقاسم العبء مع القطاع الصناعي.
ويُقدّر العجز في الكهرباء بنحو 20 غيغاواط، بحسب تصريحات رسمية أكدت أن هذا الخلل تراكم نتيجة سنوات من نقص الاستثمار من جهة، وتوسّع شبكات التوزيع من جهة أخرى.
ووصفت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني، الأزمة بأنها "واقع غير سار يتفاقم بشكل متزايد"، مشيرة إلى أن الحكومة تسعى لتوزيع تأثير الأزمة على مختلف القطاعات، بدلًا من تحميلها لقطاع الإنتاج الصناعي وحده؛ لما لذلك من آثار مباشرة في الاقتصاد الوطني.
كما زاد الجفاف ونقص هطول الأمطار من تعقيد المشهد؛ إذ انخفض إنتاج محطات الطاقة الكهرومائية بأكثر من 12.5 غيغاواط، ما شكّل ضربة قاسية للطاقة النظيفة.
وتستجيب الحكومة لذلك بخطط طموحة تهدف إلى إنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة 30 غيغاواط خلال السنوات الـ3 المقبلة، مع بدء استيراد الألواح الشمسية لتركيبها في المباني الحكومية، تمهيدًا لقطع التيار الكهربائي عنها لاحقًا.
الطاقة الشمسية في إيران
تتجه الطاقة الشمسية في إيران إلى أداء دور رئيس في مزيج الكهرباء، ولا سيما بالمناطق الريفية والزراعية.
ومع تفاقم أزمة الكهرباء، لجأ العديد من المزارعين، خصوصًا منتجي القمح، إلى الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء اللازمة لحفر الآبار وتخزين المياه، في ظل دعم حكومي غير مسبوق لهذا القطاع.
وتزامن هذا التحول مع إدخال تعديلات على لوائح البناء، تُلزم المطورين العقاريين بتركيب الألواح الشمسية بالمشروعات الجديدة، في خطوة تهدف لتقليل الضغط على شبكة الكهرباء الوطنية، وتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة محليًا.

ورغم كون إيران من أكبر منتجي النفط والغاز عالميًا؛ فإنها لا تزال تعتمد بشكل شبه كلي على الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء؛ إذ بلغت نسبته 92% من إجمالي الإنتاج خلال عام 2024، في مقابل 0.5% فقط للطاقة الشمسية والرياح مجتمعتين، وفق بيانات مركز "إمبر" لأبحاث الطاقة.
وتُشير بيانات وكالة الطاقة المتجددة الدولية (آيرينا) إلى أن إيران تمتلك قدرات طاقة متجددة تبلغ 13 غيغاواط حتى نهاية عام 2024؛ ما يضعها في صدارة دول الشرق الأوسط من ناحية القدرات المركبة، لكن دون استغلال فعّال لهذه الإمكانات.
إنتاج الكهرباء في إيران
بلغ إنتاج الكهرباء من المحطات الحرارية في إيران 351 مليون ميغاواط/ساعة خلال العام المالي المنتهي في 20 مارس/آذار 2025، وهو مستوى قياسي يعكس الاعتماد المتزايد على هذا النوع من المحطات.
وتشكل المحطات الحرارية 84% من إجمالي الإنتاج، وتعتمد بنسبة 80% على الغاز الطبيعي، في حين تسهم محطات الدورة المركبة بنسبة متزايدة قدرت بـ2.2%.
وارتفع إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي بنسبة 4.4% إلى 67 ميغاواط/ساعة، في حين أضافت المحطات البخارية 82 ميغاواط/ساعة. وتأتي إيران في المرتبة الـ16 عالميًا من حيث إنتاج الكهرباء، مع تسجيل نمو في القدرات الإنتاجية بنسبة 13% منذ عام 1979 لتبلغ حاليًا 94.5 ميغاواط.

وتشهد البلاد ضغطًا متزايدًا على شبكة الغاز كذلك؛ إذ بلغ متوسط التوزيع اليومي 876 مليون متر مكعب خلال ذروة الشتاء بين ديسمبر/كانون الأول 2024، ويناير/كانون الثاني 2025، مقارنة بمتوسط سنوي بلغ 845 مليون متر مكعب فقط.
وأدى الارتفاع المفاجئ في الاستهلاك إلى تخطي الكميات المعتمدة؛ ما يشير إلى هشاشة منظومة التوزيع في مواسم الذروة.
تحديات قطاع الكهرباء
يبدو أن طهران على مفترق طرق حاسم في سياساتها الطاقوية، وبينما لا تزال الطاقات المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية في إيران، تمثّل نسبة ضئيلة من المزيج الكهربائي؛ فإن الأزمات المتتالية تدفع نحو تسريع وتيرة التحول.
وتبقى القدرة على التنفيذ وتحقيق الاستقرار التمويني في القطاع، ولا سيما وسط العقوبات، التحدي الأكبر أمام طموحات البلاد.
فمن دون استثمارات عاجلة وتحديث شامل للبنى التحتية، قد لا تتمكن طهران من معالجة العجز المتزايد؛ ما يهدد قطاعات رئيسة مثل الزراعة والصناعة، ويزيد من الأعباء على المواطنين في مواجهة صيف ساخن وشتاء طويل بلا كهرباء كافية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
0 تعليق