تخفيضات العبور وهدنة الحوثيين.. هل تنعش التجارة العالمية بقناة السويس من جديد؟

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في خطوة مفاجئة تهدف إلى استعادة بريقها كأحد أهم الممرات الملاحية في العالم، أعلنت هيئة قناة السويس، عن سلسلة من التخفيضات في رسوم عبور السفن لمدة 30 يومًا.

يأتي هذا الإعلان بالتزامن مع تقارير متداولة عن توصل الولايات المتحدة وجماعة الحوثي اليمنية، إلى اتفاق غير رسمي يسعى لخفض حدة تهديدات الملاحة في البحر الأحمر، التي عصفت بحركة التجارة العالمية، وأجبرت العديد من شركات الشحن على سلوك طرق بديلة أطول وأكثر تكلفة حول «رأس الرجاء الصالح».

96.jpeg
رئيس هيئة قناة السويس

رئيس هيئة قناة السويس يوضح حجم الخسائر

 

من جانبه أكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن قرار تخفيض رسوم قناة السويس لمدة 90 يومًا من الآن قرار مدروس منذ فترة، مشيرًا إلى أنه كان يجري انتظار الوقت المناسب حتى يكون للتخفيض قيمة، وأنه اجتمع مع جميع الوكلاء البحريين والشركات الكبرى لتنسيق عودتهم للعبور بقناة السويس.

وشدد «ربيع»، على أن هذه الأزمة التي تمر بها قناة السويس أصعب من وقت جائحة كورونا، قائلًا إن الفترة طويلة وخسرنا في سنة ونصف 10.5 مليار دولار وده مبلغ كبير، وأثر على الهيئة والحالة النفسية وكل شيء، وخلال أزمة كوفيد لم نخسر وعملنا تخفيضات كبيرة أيضًا.

98.jpeg
تخفيضات رسوم قناة السويس

تخفيضات قناة السويس.. محاولة لجذب السفن العائدة؟

تفاوتت ردود الفعل في الأوساط الملاحية؛ حول فعالية تخفيضات قناة السويس في المدى القصير، فيرى البعض أنها خطوة ضرورية ومستحقة لإعادة جذب شركات الشحن، التي اضطرت لتغيير مسارها بسبب المخاطر الأمنية في البحر الأحمر وارتفاع تكاليف التأمين

ويشير هؤلاء إلى أن التخفيضات، وإن كانت جزئية وموجهة لفئات معينة من السفن، قد تشكل حافزًا اقتصاديًا قويًا للعودة إلى المسار الأقصر والأكثر كفاءة بالنسبة لهم.

في المقابل، يتخوف آخرون من أن تكون هذه التخفيضات، مجرد مسكن مؤقت ما لم يتم ضمان استدامة الأمن في البحر الأحمر بشكل كامل، مؤكدين أن تكاليف التأمين الإضافية والمخاطر المحتملة؛ لا تزال تشكل عائقًا كبيرًا أمام عودة واسعة النطاق لحركة الملاحة إلى طبيعتها عبر القناة.

99.jpeg
اتفاق الهدنة في البحر الأحمر

اتفاق الهدنة.. هل يغير قواعد اللعبة في البحر الأحمر؟

في 7 مايو الجاري، أعلن البيت الأبيض، عن اتفاق مفاجئ لوقف إطلاق النار مع «الحوثيين»، برعاية سلطنة عمان، تزامنًا مع تعهّد «واشنطن» بوقف عملياتها في اليمن. حيث أنه بعد شن الاحتلال الإسرائيلي حربه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر2023، بدأت الجماعة اليمنية استهداف سفن قبالة السواحل اليمنية، قالوا إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إليها.

مساندة الفلسطينيين في قطاع غزة

وأكد «الحوثيون»، أن ذلك يأتي في إطار مساندة الفلسطينيين، وأدت هذه الهجمات الى تراجع كبير في حركة الملاحة البحرية، عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر وصولًا لقناة السويس، وهو ممر أساسي لحركة التجارة الدولية. وفي محاولة لردعهم، أعلنت الولايات المتحدة، تشكيل تحالف دولي متعدد الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر.

في سياق آخر، إذا صحت التقارير حول التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة و«الحوثيين»، فإن ذلك يمثل تطورًا بالغ الأهمية بالنسبة لحركة التجارة العالمية، فقد أدت الهجمات المتكررة على السفن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، إلى ارتفاع تكاليف الشحن وتأخير وصول البضائع، مما أثر سلبًا على سلاسل الإمداد العالمية وساهم في زيادة التضخم.

خفض حدة التوتر في هذه المنطقة الحيوية، من شأنه أن يعيد الثقة لشركات الشحن ويقلل من الحاجة إلى سلوك الطرق البديلة الطويلة، مما يوفر الوقت والتكاليف، ومع ذلك، يبقى السؤال حول مدى استدامة هذا الاتفاق وقدرته على الصمود في وجه التطورات الإقليمية المعقدة.

100.jpeg
حركة التجارة العالمية 

تكامل الجهود.. هل يعيد الانتعاش للشريان الملاحي؟

يرى خبراء في مجال النقل البحري أن عودة الانتعاش الكامل لحركة المرور عبر قناة السويس تتوقف على عاملين أساسيين: أولهما الاستقرار الأمني المستدام في البحر الأحمر،فيجب أن يكون الاتفاق بين الولايات المتحدة و«الحوثيين» دائمًا بما يكفي، لضمان سلامة الملاحة بشكل كامل، أي عودة للتهديدات ستعيد الأمور إلى نقطة الصفر وتقوض جهود المجرى الملاحي المهم.

أما العامل الثاني فيندرج تحت جاذبية الحوافز الاقتصادية، فالتخفيضات التي تقدمها قناة السويس يجب أن تكون كافية لتعويض شركات الشحن، عن أي تكاليف إضافية قد تتكبدها نتيجة للمخاطر الأمنية المحتملة أو تكاليف تغيير المسار.

تحديات وفرص

قناة السويس تواجه تحديات كبيرة في استعادة حصتها السوقية التي تضررت بشدة خلال الأشهر الماضية، ووضعتها في منافسة مع الطرق البديلة، خاصة الطريق الأطول حول أفريقيا، التي أصبحت واقعًا يجب التعامل معه، ومع ذلك، فإن القناة لا تزال تتمتع بميزات تنافسية هامة، من حيث طول المسافة وتكاليف التشغيل، خاصةً بالنسبة لحركة التجارة بين آسيا وأوروبا.

في المقابل، يمثل الاتفاق المحتمل في البحر الأحمر فرصة ذهبية لقناة السويس لاستعادة دورها الحيوي في تسهيل حركة التجارة العالمية، فإذا تمكنت القناة من تقديم حوافز اقتصادية جاذبة بالتزامن مع تحسن الأوضاع الأمنية، فإنها ستكون في وضع قوي لجذب السفن والعودة إلى مستويات نشاطها السابقة، مما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد المصري والعالمي.

101.webp
ميزان التجارة

بناءً على تلك المعطيات، يبقى المشهد ضبابيًا بعض الشيء، حيث أن تخفيضات قناة السويس تمثل خطوة إيجابية، ولكن فعاليتها تعتمد بشكل كبير على مدى نجاح جهود خفض التوتر في البحر الأحمر واستدامة الأمن فيه، وإذا تحقق الاستقرار الأمني، فإن التخفيضات ستكون بمثابة نقطة جذب قوية لعودة السفن.

وعلى أثر ذلك ستنتعش حركة التجارة العالمية عبر هذا الشريان الملاحي الحيوي، أما إذا ظل شبح التهديدات قائمًا، فإن التخفيضات وحدها لن تكون كافية لإعادة الأمور إلى نصابها، والأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت هذه الجهود المتزامنة ستنجح في إعادة الحياة إلى هذا الممر المائي الهام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق