تواصل السلطات القضائية تحقيقها في قضية توقيف أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن زهر في أكادير، على خلفية متابعته بشبهة التلاعب في الشهادات الجامعية مقابل مبالغ مالية.
الأستاذ المتهم، الذي تم إيداعه السجن المحلي “الوداية” بمراكش بأمر من قاضي التحقيق، أثار زوبعة كبيرة، وأحدث حالة من الهلع في صفوف العديد من الأشخاص الذين حصلوا على شهادات عليا تحت إشرافه، من بينهم محامون وأشخاص ميسورو الحال.
وتفيد المعطيات المتوفرة حاليًا بأن التحقيقات الجارية شملت عددًا من المحامين من أكادير وبني ملال، إلى جانب فرد من أسرة ميسورة بمدينة إيمنتانوت.
كما تم، وفق المعطيات نفسها، الاستماع إلى ممثل الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية، التي سبق أن تقدمت بشكاية ضد الأستاذ المتهم سنة 2023، حيث قدّم معطيات حول الشبكة التي يتزعمها المتهم وكيفية منح الشهادات والدبلومات مقابل مبالغ مالية مشبوهة، إضافة إلى إقصاء طلبة من الولوج إلى سلكي الماستر والدكتوراه.
وذكرت المصادر ذاتها أن قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش، الذي قرر متابعة الأستاذ في حالة اعتقال، يرتقب أن يستدعي مجموعة من الأشخاص الذين سبق أن حصلوا على شهادات الماستر والدكتوراه بتسهيلات منه، للوقوف على مدى تورطه في “البيع والشراء” في هذه الوثائق الجامعية.
وتشير الأبحاث التي أنجزتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى أنه تم، في إطار البحث التمهيدي، الاستماع إلى عدد من الموظفين الذين حصلوا على شهادات ماستر من الأستاذ المشتبه فيه واستغلوها للترقية، وقد مكّنت الأبحاث من التوصل إلى تحويلات مالية كبيرة أجريت مع المتهم.
وأكدت مصادر الجريدة أن الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق في أكادير نسج شبكة علاقات واسعة بفضل إشرافه على بحوث “طلبة”، بعضهم ينتمي إلى سلك القضاء وعالم المال والأعمال، إلى جانب أبناء ميسورين وشخصيات بارزة، وهو ما جعله يتحدى زملاءه الأساتذة في عدة مناسبات.
وانفجرت هذه القضية بناء على شكايات تقدمت بها الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية إلى الوكيل العام للملك بمدينة أكادير، كشفت من خلالها عن وجود شبكة تتلاعب في الشهادات العليا مقابل مبالغ مالية كبيرة، حيث يتم منح هذه الدبلومات وتسجيل الطلبة في سلك الدكتوراه دون مراعاة المساطر القانونية، فيما يُقصى آخرون رغم استيفائهم جميع الشروط المطلوبة للتسجيل في الماستر أو الدكتوراه.
وفي سياق متصل، علمت الجريدة أن الأستاذ، الذي كان قد عُيّن منسقًا إقليميًا لحزب الاتحاد الدستوري بأكادير، تم تجميد عضويته، وفقًا لمصادر مقربة من قيادة الحزب، إلى حين صدور قرار قضائي في ملفه.
وأفادت مصادر مقربة من الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، محمد جودار، أن هذا الأخير، وفور تفجر القضية، بادر إلى تجميد عضوية المعني بالأمر إلى حين البت القضائي، رغم أن المتهم يظل بريئًا إلى أن تثبت إدانته.
وشددت المصادر نفسها على أن الأستاذ المعني حديث الانضمام إلى حزب الاتحاد الدستوري، حيث تم تعيينه في أبريل الماضي، غير أن تفجر هذا الملف عجّل بتجميد عضويته تفاديًا للإضرار بصورة الحزب.
وأكدت مصادرنا أن الأمين العام للحزب قُدم له الأستاذ الجامعي بصفته شخصية أكاديمية مرموقة، وله علاقات واسعة بمدينة أكادير من شأنها تعزيز حضور الحزب في المنطقة، دون علمه بوجود ملف قضائي يلاحقه، وهو ما دفعه إلى الترحيب بانضمامه إلى التنظيم السياسي.
تجدر الإشارة إلى أن قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش قرر متابعة زوجة الأستاذ الجامعي، التي تشتغل محامية بهيئة أكادير، إلى جانب رئيس كتابة الضبط بابتدائية آسفي، وابنه الذي يعمل محاميًا متمرنًا، إضافة إلى عدد من المحامين، حيث تم سحب جوازات سفرهم وإغلاق الحدود في وجههم.
0 تعليق