بعد سنوات من الترقب والتجارب، تستعد مصر لإطلاق خدمات الجيل الخامس (5G) رسميًا في مايو الجاري، في خطوة يُنظر إليها كعلامة فارقة على طريق التحول الرقمي. هذا التحول، رغم أهميته، يثير سؤالًا مشروعًا: هل نحن كمجتمع ومؤسسات مستعدون فعلًا للتعامل مع هذه التقنية الثورية؟
تشير بيانات GSMA إلى أن عدد خطوط الهاتف المحمول في مصر بلغ 116 مليونًا مع بداية 2025، بنسبة اختراق تقارب 99% من السكان. كما يستخدم أكثر من 96 مليون مواطن الإنترنت، أي بنسبة انتشار تصل إلى 81.9%. هذه الأرقام تعكس حجم الطلب الكامن على خدمات أسرع وأكثر كفاءة، وهو ما تعد به تكنولوجيا 5G.
لكن الواقع أكثر تعقيدًا من مجرد نسب انتشار. فبينما حصلت شركة WE على أول ترخيص 5G في يناير 2024، وأجرت اختبارات باستخدام نطاق 2600 ميجاهرتز، ووقّعت فودافون مصر اتفاقًا بـ609 ملايين دولار مع المصرية للاتصالات لتوسيع البنية التحتية، لا يزال السؤال قائمًا: هل ستمتد هذه الخدمات خارج حدود المدن الكبرى؟ وهل يمكن أن تتحول إلى تقنية متاحة للجميع، لا امتيازًا للقلّة؟
ولمن لا يعرف فوائد الجيل الخامس بعد فهي تقنية تحمل وعودًا ضخمة منها دعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، تطوير المدن الذكية، تحفيز الابتكار، وتحسين الخدمات الحكومية، والتعليم الرقمي، والرعاية الصحية عن بُعد، كما يُعد ركيزة أساسية لخلق وظائف جديدة وتحقيق معدلات نمو اقتصادي أعلى.
إلا أن هذه الوعود تصطدم بعقبات واقعية مثل ارتفاع تكلفة الأجهزة، ضعف الوعي الرقمي، والفجوة بين الريف والحضر.
لذلك فإن نجاح 5G في مصر لن يتحقق فقط بإطلاق الشبكة، بل بتهيئة البيئة التنظيمية، وتوفير الحوافز للاستثمار، وضمان وصول التقنية لكل المواطنين دون استثناء.
في الختام الجيل الخامس ليس رفاهية تقنية... بل اختبار حقيقي لقدرتنا على بناء اقتصاد رقمي شامل. ويبقي السؤال الأهم يظل مطروحًا: هل نحن حقًا مستعدون؟
0 تعليق