شهدت منطقة قافاجك في مدينة إسطنبول التركية، حادثًا مأساويًا أودى بحياة فني صيانة سيارات مصري، بعد أن سقطت فوقه سيارة تزن أكثر من طنين أثناء قيامه بعمله داخل ورشة إصلاح محلية، في واقعة فتحت جراحًا مؤلمة لعائلته التي ما زالت تصارع الحزن والأسئلة.
في العاشر من أبريل 2025، كان "أحمد س."، في الأربعين من عمره، وأب لطفلين، يؤدي عمله كالمعتاد، وقف أسفل مركبة معلقة على رافعة هيدروليكية داخل الورشة، بدا اليوم هادئًا، لا شيء يُنذر بالخطر، فجأة، وخلال ثوانٍ، تحرك أحد أقدام الرافعة الخلفية بشكل غير متوازن، فاختل توازن السيارة، وانهارت فوق جسده.
زملاؤه هرعوا إليه الذين كانوا في الورشة، محاولين رفع المركبة بأي وسيلة، وسط صرخات واستغاثات، تم إخراجه بصعوبة ونُقل على الفور إلى المستشفى في حالة حرجة، حيث دخل في غيبوبة وتم وضعه داخل وحدة العناية المركزة، وظل هناك لمدة 22 يومًا، يتأرجح بين الحياة والموت، إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة في الثاني من مايو الجاري.
اتهامات بالإهمال وسابقة مخيفة
بعد الحادث، خرج شقيق الفقيد ليتحدث بغضب عن "إهمال قاتل" داخل الورشة، قال إن الرافعة التي تسببت في الحادث كانت معطلة منذ فترة، وإن العاملين سبق وأبلغوا الإدارة أكثر من مرة بوجود خلل واضح في آلية الرفع، لكن لم يتخذ أحد أي إجراء.
وأضاف: "ده مش أول حادث، قبل شهر واحد حصل موقف شبيه في نفس الورشة، بس ربنا ستر، لكن لما تتكرر نفس الظروف بنفس الطريقة، يبقى ده استهتار بحياة الناس، مش مجرد قضاء وقدر".
هروب من المسؤولية
ما زاد ألم العائلة، وفقًا لتصريحاتهم، هو ما حدث بعد الحادث مباشرة. فبحسب ما أكده الشقيق، حاول أصحاب الورشة التهرب من المسؤولية، وبدؤوا في إجراءات بيع الورشة بعد أيام قليلة فقط من سقوط أحمد، دون تقديم أي دعم أو حتى كلمة اعتذار لأسرته.
وقالت زوجة الفقيد، وهي تحتضن طفلها الأكبر، إن زوجها خرج في ذلك اليوم ليكمل دوامه، وكان من المفترض أن يعود بعد الظهر، "رجعلي في كفن، وأنا مش لاقية حتى صاحب الورشة يسأل فينا.. عايزين نعرف ليه سابوا المعدات بايظة، وليه مفيش أي رقابة؟"
مطلب بالتحقيق وعدالة غائبة
طالبت أسرة الضحية بفتح تحقيق شامل، يشمل فحص المعدات، والتحقيق مع إدارة الورشة، ومراجعة سجل الصيانة الخاص بالأدوات المستخدمة، خاصة الرافعة التي كانت سبب الوفاة.
كما دعوا السلطات التركية إلى تشديد الرقابة على ورش العمل، ومراجعة شروط السلامة المهنية، خاصة في أماكن العمل التي تضم عمالًا مهاجرين، حيث غالبًا ما يتم التغاضي عن معايير الأمان من أجل الربح السريع.
بين وجع الرحيل ومطالب العدالة
رحل أحمد وهو في عزّ عطائه، يكدّ ليؤمّن مستقبلاً أفضل لطفليه، تاركًا خلفه أرملة مثقلة بالحزن، وطفلين لا يدركان بعد أن والدهما لن يعود. لكن الحادث فتح بابًا واسعًا للغضب الشعبي والمطالبات بالعدالة، ليس فقط من أجل أحمد، بل من أجل مئات العمال الذين يعملون في ظروف خطرة، دون حماية أو رقابة كافية.

في مدينة لا تنام، حيث تضج الورش بالحركة وضجيج الأدوات، تُخفي الجدران قصصًا صامتة لرجال بسطاء، يتعرضون للموت في مواقع العمل بينما يُغض الطرف عن سلامتهم. وقصة أحمد لم تكن مجرد رقم في سجلات الحوادث، بل جرس إنذار جديد.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق