محلل: روسيا تحاول فرض الاستقرار في سوريا وأراضيها

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة بعد سقوط النظام السابق، وإنعاش الاقتصاد، والانطلاق في عملية إعادة الإعمار. إلا أن هذه الجهود تواجه جملة من التحديات، من أبرزها الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، التي تؤثر سلبًا على جهود فرض الاستقرار.

ويرتبط التصعيد الإسرائيلي في سوريا بالتنافس الإقليمي مع تركيا، حيث تسعى كل من أنقرة وتل أبيب إلى فرض معادلات عسكرية وسياسية جديدة على الأرض. وتبرر إسرائيل ضرباتها الأخيرة بأنها “رسائل تحذيرية” تهدف إلى منع أي تهديد محتمل لأمنها، في إشارة إلى تقارير حول نية تركيا إنشاء قواعد عسكرية داخل سوريا، وذلك وفقا لمركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر.

ومن جانبه قال المحلل السياسي السوري حكم أمهز: إن إسرائيل تعمل على فرض واقع جديد في الجنوب السوري، وتسعى إلى تحويله إلى منطقة منزوعة السلاح بالكامل، خاصة وأن تل أبيب مارست ضغوطًا على واشنطن لإبقاء سوريا دولة ضعيفة عقب سقوط النظام السابق، واستولت على أراضٍ في الجنوب الغربي، معلنة استعدادها لحماية الأقلية الدرزية، ورافضة أي وجود لقوات الأمن السورية الجديدة قرب حدودها.

وأضاف، خلال مشاركته علي قناة الحدث، أن تركيا تحتفظ بعلاقات قوية مع الإدارة السورية الجديدة، وتسعى إلى تعزيز حضورها في ملفات الإعمار والتعاون في مجالات الطاقة والدفاع. كما تعمل أنقرة على إعادة انتشار قواتها داخل الأراضي السورية ضمن اتفاق دفاع مشترك قيد البحث، يهدف إلى التصدي للتهديدات الأمنية المشتركة، وعلى رأسها نشاط تنظيم الدولة وبقايا النظام السابق.

وحذر من أن تصاعد التوتر بين تركيا وإسرائيل داخل الأراضي السورية قد يؤدي إلى أزمة إقليمية ذات تداعيات دولية، لاسيما في ظل عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون الإسلامي، مقابل التحالف الاستراتيجي الوثيق الذي يجمع إسرائيل بالولايات المتحدة والدول الغربية.

وتشهد العلاقات التركية الروسية تقاربًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، انعكس بشكل مباشر على التنسيق داخل سوريا، ومن أبرز مظاهر هذا التعاون عملية أستانا، التي انطلقت عام 2017 وأسهمت في تقليص حدة العنف، وتثبيت خطوط التماس، وتسهيل انتقال الفصائل المسلحة إلى مناطق خفض التصعيد، خاصة إدلب، كما نفذت قوات البلدين دوريات مشتركة في عدة مناطق شمالية.

روسيا تؤكد دعمها للحوار وإعادة الإعمار

وتابع المحلل، أن روسيا أكدت مرارًا في المحافل الدولية استعدادها للمساهمة في دعم الحوار السوري الداخلي والمساهمة في المرحلة الانتقالية، واستخدام نفوذها داخل مجلس الأمن الدولي لرفع العقوبات عن سوريا، كما عبرت عن استعدادها للمشاركة في إعادة تأهيل البنية التحتية، وتطرقت إلى إمكانية إعفاء دمشق من ديون سابقة ضمن جهود دعم الاقتصاد السوري.

وأشار إلى أن موسكو ودمشق يتجهان نحو شراكة عملية قائمة على المصالح المشتركة، حيث توفر روسيا مساعدات إنسانية، وتورّد القمح والوقود والعملة المحلية إلى سوريا، كما تساهم في جهود تحسين الوضع المعيشي، بالتوازي مع دعم سياسي يهدف إلى الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها.

وأكد أن روسيا تعد لاعبا محوريا على الساحة  الدولية والإقليمية، نظرًا لكونها من الدول العظمى التي تملك تأثيرا مباشرا في العديد من الملفات الجيوسياسية، ومنها الملف السوري، مشيرا إلى أن هذا التأثير لا يمنحها بالضرورة القدرة على لعب دور ضامن أو وسيط رئيسي في العلاقة بين تركيا وإسرائيل، لأن كلا الطرفين – أنقرة وتل أبيب – يرتبطان بعلاقات استراتيجية عميقة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وفيما يخص التواجد الروسي في سوريا، يرى المحلل السياسي أن النفوذ الأمني الروسي في البلاد يتفرع من نقطتين أساسيتين: الأولى هي وجود القواعد العسكرية الروسية، والثانية هي السيطرة غير المُعلنة ولكن المفهومة على الساحل السوري، والذي يُعد بحكم الأمر الواقع منطقة محسوبة على النفوذ الروسي. وأشار إلى أن أي قرار روسي بحماية العلويين من المجازر التي لحقت بهم كان سيعني تقسيمًا فعليًا لسوريا، وهو ما لم تذهب إليه موسكو، في إشارة إلى أنها لم تكن تسعى لتقسيم سوريا، بل عملت على تسوية الأوضاع في مناطق التوتر.

كما أكد أن روسيا لو أرادت زعزعة الاستقرار في سوريا، فإنها قادرة على ذلك، نظرًا لما تملكه من معرفة دقيقة بالأرض السورية، وخبرات تاريخية مع نظامي حافظ وبشار الأسد، إضافة إلى حلفاء وأصدقاء موزعين في مختلف المناطق السورية، لكن موسكو لا تسعى إلى الفوضى، بل إلى الحفاظ على وحدة سوريا كدولة موحدة غير مقسمة.

العلاقات بين موسكو وأنقرة تظل مؤثرة على ملف الاستقرار السوري

وختم حديثه بالتأكيد على أن العلاقات بين موسكو وأنقرة تظل مؤثرة على ملف الاستقرار السوري، وكذلك على وحدة الأراضي السورية، مشيرا إلى أن تضارب المصالح بين أي بلدين، حتى وإن كانا شريكين في بعض الملفات، أمر طبيعي، وأنه من غير الممكن أن تتطابق مصالح دولتين بالكامل. ورغم تراجع نقاط الالتقاء بين موسكو وأنقرة، فإن الحفاظ على مستوى معين من التنسيق يظل ضروريا لمنع انفجار الوضع مجددا في الداخل السوري.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق