يستعد الأقباط الأرثوذكس الليلة للدخول الى عمق الليالي الروحية بالصوم الكبير لليلة “أبو غلمسيس"، وهى تمثل ختاماً مهيباً ليوم الجمعة العظيمة، كما أنها بمثابة الفصل الأخير قبل بهجة القيامة، وتُعرف بطابعها الروحاني المميز، حيث يخيّم السكون والتأمل على أجواء الكنيسة، وتضاء الشموع فتغمر الكنيسة بالنور.
اسم "أبو غلمسيس" مأخوذ عن الكلمة اليونانية "Apokalypsis" وتعني "الرؤيا" أو "الاستعلان"، في إشارة إلى سفر الرؤيا، آخر أسفار الكتاب المقدس، والذي يُقرأ كاملاً في هذه الليلة المباركة. ويُعد هذا السفر رمزاً للكشف عن الأمور الأخيرة والمجد الأبدي الذي سيمنحه الله للقديسين.
ليلة تسبيح وصلاة
تبدأ الليلة بتسبحة منتصف الليل، ثم تُتلى تسبحة طويلة مأخوذة من نصوص سفر الرؤيا، وتحتوي على صور مليئة بالمجد السماوي، حيث تصف العرش الإلهي، والكائنات غير المتجسدة، والقديسين الذين يسبحون بلا انقطاع. ويُقرأ السفر بالكامل على نور الشموع، في جو يعكس الرهبة والتسبيح والرجاء في آنٍ واحد.
مدائح وتماجيد للسيدة العذراء والقديسين
يتخلل هذه الليلة عدد من المدائح والتماجيد الموجهة للسيدة العذراء وللقديسين، بالإضافة إلى تراتيل عن القيامة، ما يجعلها جسراً روحياً بين الألم الذي عاشته الكنيسة في الجمعة العظيمة، والفرح الذي تنتظره في فجر الأحد. وتعتبر ليلة أبو غلمسيس فرصة للنفوس كي تتأمل في النهاية السماوية والملكوت الأبدي، مبتعدةً عن صخب العالم، ومتجهةً بكل كيانها نحو الله، في خشوعٍ وتوبةٍ واستعدادٍ حقيقي للقيامة.
سفر الرؤيا
تتسم هذه الليلة بأنها الوحيدة في السنة التي يُقرأ فيها سفر الرؤيا كاملاً، ما يمنحها طابعاً فريداً ومكانة خاصة في قلوب المؤمنين، الذين ينتظرونها بشغف لاختبار لمحة من السماء على الأرض، من خلال التسبيح العميق والقراءات المقدسة والرجاء الحي بقيامة المخلّص.
0 تعليق