تحليل استقصائي لمكالمة مؤمن عادل مع عمرو أديب وسط علامات استفهام مالية وصحية
في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، حاول الدكتور مؤمن عادل، مؤسس ورئيس مجلس إدارة سلسلة محلات "بلبن"، الدفاع عن سلاسل محلاته بعد الإغلاق المفاجئ لعدد من فروعها داخل مصر وخارجها، ومنها فرع بالسعودية، على خلفية بلاغات واتهامات بوقوع حالات تسمم ونزلات معوية بعد تناول المنتجات.
لكن المداخلة، التي كان يفترض أن تكون توضيحًا، تحولت إلى مادة دسمة للتحليل الاقتصادي والاستقصائي، خاصة عند المقارنة بين أقوال مؤمن عادل، وظروف التوسع غير المسبوق الذي يثير تساؤلات كثيرة.
من بداية المكالمة… تناقض واضح
قال مؤمن عادل صراحة إن "صناديق استثمار في دول كتير عرضت علينا الشراكة ورفضنا"، لكنه عاد بعد دقائق لينفي أن يكون أحد قد طلب منه الشراكة قائلًا: "لا، محدش طلب يشاركني وأنا رفضت". هذا التناقض في الإجابة يفتح بابًا مشروعًا للتساؤل:
هل هناك ضغط من أطراف استثمارية؟ وهل كان الرفض هو سبب الإجراءات المفاجئة؟
في رده على سؤال حول المخالفات الصحية، نفى وجود محاضر رسمية إلا محضر واحد في فرع الشيخ زايد بسبب نزلات معوية، وقال إنه "راضى الزبون ووفق أوضاعه"، وهو اعتراف ضمني بأسلوب "ترضية لا معالجة"، يُثير القلق بشأن نمط التعامل مع الشكاوى الصحية.
وعندما سُئل عن الملاءة المالية للشركة، قال إن الدليل على النجاح هو "الزحمة والطوابير"، في إشارة إلى صور دعائية شهيرة لفروع مزدحمة. لكن من المعروف في عالم التسويق أن الزحام يمكن اصطناعه، ويُستخدم أحيانًا كأداة بصرية لإيهام المستهلكين بالجودة والإقبال.
الانتشار في 10 دول بـ110 فرع خلال 4 سنوات… حلم أم وهم؟
من الناحية الاقتصادية والمالية، هذا النمو غير منطقي في ظل المعطيات التالية:
المشروع بدأ في 2021، تزامنًا مع أشد فترات الكساد العالمي بسبب جائحة كورونا.
القطاع الغذائي تحديدًا في تلك الفترة كان يعاني من اضطرابات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار المواد الخام.
النموذج التشغيلي لفروع الأغذية يتطلب فترات تجهيز طويلة، تدريب، موافقات صحية، إدارة تشغيل، وكلها تحتاج إلى رأس مال ضخم وتدفق نقدي مستقر.
أي توسع طبيعي في هذا المجال يجب أن يكون تدريجيًا ومدروسًا. أما التوسع بمعدل فرع كل 13 يوم، وبدون ذكر واضح لمصدر تمويل مؤسسي، يثير شكوكًا حول ما إذا كانت هناك مبالغة أو عدم شفافية في أرقام النمو.
أما عن توفيق الأوضاع والرقابة الغذائية: كيف تم؟ ومتى؟
توفيق أوضاع كل فرع غذائي جديد يتطلب إجراءات طويلة تشمل:
فحص دوري من وزارة الصحة أو الجهات الرقابية.
مراجعة معايير السلامة الغذائية.
الحصول على تراخيص نهائية بعد التشغيل التجريبي.
مع هذا العدد الكبير من الفروع، يصبح من المستحيل عمليًا أن تتم كل هذه الإجراءات وفقًا للقانون في ظل الزمن القصير.
رغم إنكار وجود مخالفات، إلا أن عشرات التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي قالت إنها تعرضت لنزلات معوية أو حالات تسمم، لكنها لم تقدم بلاغات رسمية، ما يجعل الواقعة "غير مرئية" من منظور القانون، لكنها حقيقية من منظور المجتمع.
الخلاصة
نمو "بلبن" السريع قد يبدو قصة نجاح مُلهمة، لكن عند التمحيص، يظهر كقصة بها ثغرات تمويلية، صحية، وإدارية، لم تُجب عنها المداخلة بشكل مقنع، بل زادت من علامات الاستفهام.
فهل نحن أمام قصة رجل طموح كسر القيود؟ أم قصة انتفاخ دعائي بلا قواعد؟
وهل ستتحرك الجهات الرقابية للتحقيق بعمق؟ أم ستظل الزحمة وحدها مقياس النجاح؟
الوقت وحده كفيل بكشف ما إذا كان "بلبن" نكهة نجاح… أم وصفة للانفجار.
0 تعليق