اتهامات للمحكمة بتجاوز القانون الدولي والولاية القضائية
اتهم مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية المحكمة الجنائية الدولية بانتهاك القانون الدولي، عبر تجاوز ولايتها القانونية والتصرف وفقًا لدوافع سياسية بحتة، وذلك على خلفية مذكرات التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
وفي تقرير مطول نشره المركز على موقعه الرسمي، يوم الأحد، أكد أن المحكمة خرقت اتفاقية فيينا لعام 1969، وذلك لأن إسرائيل ليست طرفًا في نظام روما الأساسي المؤسس للمحكمة.
"انحراف قانوني خطير" ضد مسؤولين منتخبين
وصف التقرير إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين منتخبين بأنه "انحراف قانوني خطير يستوجب الرد"، مشيرًا إلى أن الاتهامات المقدمة تتجاهل الواقع الأمني الإسرائيلي، وتعتمد بشكل أساسي على روايات تقدمها حركة حماس، وفق زعمه.
دعوات لمعاقبة المحكمة ومدعيها العام
ودعا مركز القدس الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض عقوبات على المدعي العام كريم خان، والقضاة المشاركين في القضية المرفوعة ضد إسرائيل، متهمًا المحكمة بأنها أصبحت "أداة سياسية بيد بعض الدول الإسلامية لتجريم إسرائيل"، على حد وصفه.
هجوم على السجل القضائي والمالي للمحكمة
وانتقد التقرير أداء المحكمة الجنائية الدولية خلال أكثر من 20 عامًا من عملها، مؤكدًا أنها لم تُصدر سوى 6 إدانات في قضايا جرائم أساسية، رغم أن ميزانيتها في عام 2025 تجاوزت 195 مليون يورو، وتضم أكثر من 900 موظف.
ووصف التقرير هذا الأداء بأنه إخفاق أخلاقي وعملي، معتبرًا أن المحكمة تحولت إلى مؤسسة صورية تفتقر للنزاهة القضائية.
تشكيك في صلاحية السلطة الفلسطينية وإلغاء الحصانة الدبلوماسية
وأشار التقرير إلى أن السلطة الفلسطينية "لا تملك الحق في منح المحكمة صلاحيات قضائية على مناطق لا تخضع لسيادتها القانونية"، استنادًا إلى اتفاقيات أوسلو.
كما ادعى أن إسرائيل ليست قوة احتلال في غزة وفقًا لقرار محكمتها العليا، مشددًا على أن إصدار مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية دون جلسات استماع عادلة، يمثل انتهاكًا صارخًا لمعايير المحاكمة العادلة، ويتعارض مع الحصانة الدبلوماسية المعترف بها دوليًا.
ردود دولية ومحلية على قرارات المحكمة
المحكمة: مذكرات التوقيف قانونية وتستند لأدلة
من جانبه، صرّح المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبد الله، في نوفمبر 2024، بأن إصدار مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت يعني أن القضاة توصلوا إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأنهم ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأوضح العبد الله أن المحكمة لا تمتلك قوات تنفيذية، وإنما تعتمد على تعاون الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي، مؤكدًا أن القضاة يتخذون قراراتهم باستقلالية تامة، دون التأثر بأي تصريحات سياسية.
السلطة الفلسطينية ترحب: قرار تاريخي ومطلوب
من جانبه، رحّب مستشار الرئيس الفلسطيني، د. محمود الهباش، بقرار المحكمة، واصفًا إياه بأنه "تاريخي ومهم في الاتجاه الصحيح"، مشددًا على أنه يمثل خطوة نحو محاسبة الاحتلال على جرائمه في غزة.
مذكرات اعتقال رسمية ضد نتنياهو وغالانت
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في عام 2024 مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، بين 8 أكتوبر 2023 و20 مايو 2024، وهو تاريخ تقديم النيابة طلبًا رسميًا لإصدار المذكرات.
ورفضت المحكمة الطعون التي تقدمت بها إسرائيل ضد اختصاصها، مؤكدة أن الاختصاص الإقليمي لفلسطين كافٍ للسير في الإجراءات، حتى وإن لم تكن إسرائيل من الدول الموقعة على نظام روما.
ختامًا: ساحة قانونية تتحول إلى صراع سياسي مفتوح
يعكس هذا الجدل المتصاعد أن المحكمة الجنائية الدولية أصبحت طرفًا في معركة قانونية وسياسية بين إسرائيل وخصومها، وسط تضارب في المواقف حول شرعية إجراءات المحكمة وحدود ولايتها. وبينما تؤكد المحكمة حيادها، تتهمها إسرائيل بأنها منبر يستخدم لأغراض سياسية، مما يزيد من تعقيد المشهد القضائي والدبلوماسي في الشرق الأوسط.
0 تعليق