الصين في اختبار الشرق الأوسط بين مطرقة الطاقة وسندان التحالفات

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في ظل اشتداد التصعيد بين إسرائيل وإيران، ومع دخول روسيا على خط التحذير العلني لواشنطن وتأكيدها استمرار شراكتها مع طهران دون تلقي الأخيرة طلبًا للمساعدة العسكرية، تتجه الأنظار إلى قوة عالمية صامتة نسبيًا: الصين.
فالسؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح في الدوائر السياسية والاقتصادية هو: أين الصين؟ ولماذا يلفّ الصمت الاستراتيجي موقفها رغم أنها المستفيد الأكبر من الطاقة في الشرق الأوسط؟

لقد ساعد "حبل الطاقة" الممتد من الخليج إلى شرق آسيا الصين على تجاوز صدمات العرض التي رافقت بدايات الحرب في أوكرانيا، ومكّنها من امتصاص آثار التضخم العالمي المتسارع. لكن ذلك الحبل، الذي بدا في وقت ما مرنًا ومتينًا، لم يعد قابلًا للتنقل أو المناورة بنفس السهولة.

فالصين الآن أمام مفترق طرق سياسي-استراتيجي يختبر توازنها الحذر في المنطقة: هل تميل بكين إلى زيادة انخراطها السياسي وربما العسكري في الشرق الأوسط حفاظًا على مكتسباتها الاقتصادية؟

هل تقدم علاقتها بإيران على مصالحها الواسعة مع دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، صاحبة الاحتياطات الهيدروكربونية الهائلة؟

أم أنها تُعيد ترتيب أولوياتها، مفضّلة الانكفاء الدبلوماسي على المجازفة بخسارة شركاء طاقة أساسيين؟

خيارات الصين اللحظية

هذه الأسئلة لا تتعلق فقط بخيارات الصين اللحظية؛ بل تمس مستقبل النظام العالمي للطاقة، وتعيد صياغة موازين القوة الجيوسياسية لعقود قادمة.
وفي هذا السياق، نشر موقع فوربس الأمريكي تحليلًا لافتًا يُسلّط الضوء على هشاشة الموقف الصيني. فاعتماد بكين المكثف على مصادر طاقة من الشرق الأوسط يجعلها عرضة بشكل بالغ لصدمات إقليمية متكررة، وهو ما يتجلى في كيفية إدارتها غير الفعالة لسلسلة أزمات متلاحقة، كان آخرها الصراع المتصاعد بين طهران وتل أبيب.

ويشير التحليل إلى أن جوهر المعضلة يكمن في التنافس الإيراني-السعودي، وهما ركيزتان أساسيتان في سياسة الطاقة الصينية. فإن انحازت الصين لطهران، فإنها لا تخاطر فقط بعلاقاتها مع الرياض، بل مع معظم دول الخليج. وعلى الرغم من أن الحديث عن إمدادات صواريخ باليستية إيرانية من الصين قبل اندلاع الصراع قد أثار قلقًا إقليميًا واسعًا، إلا أن بكين لم تُبدِ استعدادًا واضحًا للدخول في لعبة التوازنات العسكرية.

أهمية مضيق هرمز

وما يزيد الموقف تعقيدًا هو أهمية مضيق هرمز، شريان النفط العالمي، لبكين. فإغلاقه في حال اندلاع مواجهة إيرانية أمريكية سيكون كارثيًا على الاقتصاد الصيني، في حين أن المصلحة العسكرية الإيرانية قد تميل إلى تهديد أمن هذا المضيق كورقة ضغط.

وهكذا، فإن التردد الصيني في الانحياز الحاسم لأي طرف يفتح باب التشكيك في مدى التزامها تجاه شركائها الاستراتيجيين، لا سيما مع استمرار إسرائيل في ضرب البنية التحتية للطاقة الإيرانية وتقليص قدرة طهران التصديرية.

وقد لا يمر هذا التردد مرور الكرام. إذ من المتوقع أن تتابع موسكو وإسلام آباد – الداعمتان المعلنَتان لإيران – هذا المشهد بقلق، وقد تعيدان تقييم مدى صدقية الصين كحليف في الأزمات.

في المحصلة، لا تملك الصين ترف الانتظار طويلًا. فتوازناتها الدقيقة في الشرق الأوسط على وشك أن تتهاوى إن لم تحسم أمرها. وإجابات هذه الأسئلة لن تُكتب في مؤتمرات صحفية أو مذكرات دبلوماسية، بل في سوق الطاقة العالمي وفي ساحات الصراع الإقليمي. والرئيس الصيني شي جين بينغ وحده من يمتلك مفاتيح القرار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق