رصدت دراسة علمية مجموعة من التحديات التي تعوق اعتماد تقنيات الزراعية الذكية مناخيا بالضيعات الفلاحية المغربية، في مقدمها “تقلص الأراضي، ما يطرح تحديا كبيرا للفلاحين ذوي الملكيات الصغيرة”، و”ضعف البنية التحتية للاتصالات” في بعض المناطق، إلى جانب ارتفاع تكاليف هذه التقنيات.
وأفادت الدراسة المنشورة بالعدد الجديد من مجلة “التخطيط العمراني والمجالي”، التي يصدرها المركز الديمقراطي العربي (بألمانيا)، بوجود “تحديات مختلفة تعوق اعتماد الزراعة الذكية مناخيا، خاصة في نظم أصحاب الملكيات الصغيرة”، مشددة على أن “تقلص الأراضي الزراعية يشكّل تحديا كبيرا للمزارعين المغاربة” ذوي هذه الملكيات.
“تحديات متعددة”
ذكر معد الدراسة محمود أمين بنمومن، الباحث بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن تبني الفلاحين ذوي الملكيات الصغيرة التقنيات والممارسات الزراعية الجديدة يتأثر “بالضغط السكاني المتزايد والتوسع العمراني، إضافة إلى محدودية الأراضي غير المستغلة”، مشددا على أنهم يواجهون “صعوبات كبيرة في تطبيق هذه الممارسات، بسبب مخاوفهم من المخاطر المحتملة وعدم اليقين بشأن تحقيق الفوائد المرجوة”.
أما التحدّي الثاني الذي رصده هذا الإسهام العلمي، طالعته هسبريس، فيتمثل في “ضعف البنية التحتية للاتصالات والإنترنت في بعض المناطق نتيجة للاعدالة المجالية”، مشيرا إلى “ضرورة الاستمرار في تعزيز وتطوير وسائل التكنولوجيا والاتصال الحديثة NTIC”.
وشرح الباحث أن الزارعة الذكية مناخيا، “هي نظام يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة لزراعة الأغذية بأساليب مستدامة ونظيفة، مع التركيز على ترشيد استخدام الموارد الطبيعية، وخصوصا المياه”. وأضاف: “يتميز هذا النظام بالاعتماد على نظم إدارة وتحليل البيانات لاتخاذ أفضل القرارات الإنتاجية بأقل تكلفة ممكنة. كما يشمل العمليات الزراعية مثل الري، ومكافحة الآفات، ومراقبة التربة والمحاصيل”.
وذكرت الدراسة كذلك أن من ضمن التحديات التي تعوق اعتماد التقنيات الذكية في الزراعة بالمغرب، كون “ارتفاع تكاليف الزراعة الذكية مناخيا، يشكل تحديا كبيرا، حيث يفتقر المزارعون (المغاربة) إلى القدرة على إدارة المخاطر المرتبطة بتبني التقنيات الجديدة نتيجة زيادة التكاليف”.
وأردف المصدر نفسه أن الأمر يزداد “تعقيدا” مع قلة فرص الوصول إلى الائتمان أو التمويل الأصغر. بالإضافة إلى ذلك، فالمغرب، كسائر الدول الإفريقية والعربية، يحتاج إلى استثمارات جديدة لتبني الزراعة الذكية مناخيا، موردا أنه “حتى الآن، لم يتم وضع خطط تمويل واضحة لتلك الاستثمارات، مما يعوق مواجهة تحديات ارتفاع تكاليفها”.
ونبّه الإسهام العلمي ذاته إلى أن “قلة المعرفة ونقص نقل المعلومات يشكلان عائقا رئيسيا أمام تبني ممارسات الزراعة الذكية مناخيا، حيث يمثل الافتقار إلى المعرفة والمهارات الكافية عقبة رئيسية أمام تبني ممارسات الزراعة الذكية مناخيا”.
“تقنيات معتمدة”
بشأن أهم تقنيات الزراعة الذكية التي يتم اعتمادها في المغرب، أشار الباحث إلى أن “استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار القادرة على التحليق على ارتفاعات منخفضة، يعد (…) من العوامل التي تسهم في تسهيل مهام الإشراف على المزارع”.
وفي هذا الصدد، ذكر المصدر نفسه أن الربوتات “تلعب دورا مهما في تعزيز الزراعة الذكية مناخيا في المغرب، من خلال تحسين الكفاءة الزراعية وتقليل التأثير البيئي وتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية”، كما تسهم “في ترشيد استخدام المياه من خلال أنظمة الري الذكية التي تعتمد على تحليل بيانات التربة والمناخ لتحديد الاحتياجات الدقيقة للنباتات”.
وسلطّت الدراسة الضوء كذلك على اعتماد نظام المراقبة الذكي في الفلاحة المغربية، قائلة إنه يمكن أن “يلعب دورا محوريا في تعزيز الزراعة الذكية مناخيا في المغرب، وذلك من خلال تحسين إنتاجية المحاصيل، وترشيد استخدام الموارد الطبيعية، وتعزيز الاستدامة البيئية”.
وشددت على أن إنترنت الأشياء “IoT” لعب “دورا حيويا” في تعزيز النوع المذكور من الزراعة، لافتة في ذا الصدد إلى تزايد “أهمية” الدور الذي تلعبه البيانات الضخمة “البيغ داتا”؛ إذ “أصبح بإمكان المغرب الاستفادة منها (…) لمعالجة التحديات المرتبطة بالزراعة وتغير المناخ؛ فهي تحدد اتجاهات المناخ وتقدم تنبؤات أكثر دقة”.
وخلص الباحث إلى أنه “يقع على عائق الحكومة المغربية خطوات استراتيجية لتعزيز مشاركتها واستثماراتها في قطاع الزراعة الذكية مناخيا لمواجهة تحديات التغير المناخي”، وذلك عبر “وضع سياسات عمومية تشجع على التنمية الزراعية المستدامة”، و”زيادة الاعتماد على الحكامة الزراعية، لتحسين إدارة الموارد وضمان الأمن الغذائي المستدام”.
كما اقترح المصدر نفسه، ضمن هذه الخطوات، “دعم أصحاب المشاريع الصغيرة من خلال إشراكهم في سياسات واستراتيجيات تضمن وجودهم في الأسواق”، و”مراجعة السياسات العمومية الزراعية والحضرية والريفية، وتكييفها لتلبية متطلبات القطاع الزراعي”.
0 تعليق