مستشار كلية القادة والأركان لـ"الرئيس نيوز": إيران ستحتاج وقتًا للتعافي.. والضربات أبطأت مفاعلاتها النووية
- ترامب مارس خداعًا استراتيجيًا.. وواشنطن تتحكم في وتيرة التصعيد
- إيران لا تزال تمتلك ترسانة كبيرة ومتقدمة من الصواريخ الباليستية
- الوضع في الخليج خطير.. وإيران قد تلجأ للألغام البحرية في مضيق هرمز
- أسعار النفط قد تصل إلى 170 دولارًا حال إغلاق مضيق هرمز
- وكلاء إيران في أضعف حالاتهم والتوتر في البحر الأحمر يهدد قناة السويس
- إيران تعاني من الاختراق الداخلي وتسيّد السلاح الجوي الإسرائيلي لسماء طهران
- مصر دولة وازنة في المنطقة وتسعى لتسوية الصراعات سلميا في الشرق الأوسط
- إسرائيل وإيران ليس بمقدورها مواصلة الصراع دون الحصول على دعم خارجي
أكد اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، المستشار في كلية القادة والأركان، أن القواعد الأمريكية في المنطقة ستصبح هدفا لإيران، مشددًا على أن إغلاق مضيق هرمز سيفجر المنطقة.
وقال كبير في حوار مع "الرئيس نيوز"، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدير الأمور بشكل متخبط، وقد مارس خداعا استراتيجيا ضد إيران لتنفيذ هجماته على المنشآت النووية.
وأوضح أن إيران وإسرائيل ليس بمقدورهما مواصلة العمليات دون الحصول على دعم خارجي.
وإلى نص الحوار..
- كيف تقيّم الضربة الأميركية لمنشآت إيران النووية الثلاث؟
بداية الضربة الأمريكية اشتملت على قدر كبير من الخداع الاستراتيجي؛ فترامب قال قبل أيام إن أمام إيران فرصة للاستسلام غير المشروط في غضون أسبوعين، ثم سرعان ما نفذ ضربة دقيقة ضد الأهداف النووية في فوردو ونطنز وأصفهان.
والعلاقات الدولية لا تُدار بمثل هذه الطريقة، فهناك مؤسسات وكيانات ووزارات مسؤولة عن التواصل وترتيب الأمور بين الدول، أما ما يقوم به ترامب فعشوائية، وإذا ما تأملنا فريق ترامب الرئاسي ستجده مكوّنًا من رجال أعمال، بعيدين تمامًا عن السياسة وتفاصيلها، فحتى وزير الخارجية مارك روبيو ليس له دور يُذكر، في حين أن الفاعل الأساسي في الخارجية الأمريكية هو رجل الأعمال ستيف ويتكوف، فهو من يتواصل في ملف غزة ويُجري مفاوضات شبه مباشرة مع إيران، وكذلك مفاوضات مع روسيا، في حين هناك تهميش كبير للخارجية الأمريكية.
وفي كل الأحوال، هي ضربة صادمة لإيران والعالم، فضلًا عن كونها فيها رعونة كبيرة واستخفاف؛ فماذا لو حدث تسرّب إشعاعي من تلك المفاعلات، وهل تم إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالضربة أم لا؛ لإخلاء موظفيها؟ وهل تم إبلاغ الروس بالضربة بوصف الروس هم المسؤولون عن تشغيل مفاعل فوردو؟ في كل الأحوال، كل هذه الأسئلة ستتضح إجاباتها لاحقًا.
- وماذا عن الأضرار الإيرانية؟
حتى اللحظة لا توجد بيانات رسمية حول الأضرار التي لحقت بمفاعلات فوردو ونطنز وأصفهان، جميع الأخبار بها قدر كبير من التضارب، إما مع أو ضد، لكن المعلن الوحيد بشكل رسمي هو البيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والوكالة السعودية للطاقة الذرية، بأنه لا يوجد رصد لأي تسريب إشعاعي حتى الآن في مناطق المفاعلات المستهدفة.
وهذا مؤشر على أمرين، إما أن الضربة لم تؤثر بشكل كبير على مفاعلات إيران النووية، أو أن إيران أخلت فعليًا تلك المفاعلات من اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد المركزي إلى مكان آمن.
وفعليًا، الضربات سواء الإسرائيلية أو الأمريكية، حتى لو لم تُصب بشكل مباشر المفاعلات، إلا أنها عرقلت عملها نسبيًا أو أبطأتها، وإيران ستحتاج لفترة تعافٍ من تلك الضربات، خاصة وأن البنى التحتية تم استهدافها بقدر كبير.
- أمريكا تقول إن ما قامت به هو كل ما كانت تنتوي فعله ضد مشروع طهران النووي.. هل يعني ذلك أن أمريكا لن تنفذ عمليات أخرى في الداخل الإيراني؟
لا يمكن الجزم بذلك، فترامب دأب على قول الشيء والقيام بعكسه، وظني أن التصريح يريد امتصاص الغضب الإيراني حتى لا يكون الرد الإيراني مبالغًا فيه.
وفي كل الأحوال، الضربة الأمريكية كانت قوية جدًا، واستخدمت فيها واشنطن القوة الغاشمة، فوفق التقارير الرسمية، فقد استخدمت أمريكا قنابلها الخارقة للتحصينات وصواريخ "توماهوك". وفي عموم القول، فإن معاودة أمريكا للضربات متوقف على الرد الإيراني.
- وكيف تتوقع الرد الإيراني؟
الأمر معقد فعليًا، فإيران لا تزال تمتلك ترسانة كبيرة ومتقدمة من الصواريخ الباليستية، ومنها ما لم يتم استخدامه بعد، وإيران كلما كانت قادرة على امتصاص الضربة الأولى، طالما كانت قادرة على الرد.
فبعد الضربة الإسرائيلية الأولى، وعلى الرغم من شل الدفاعات الجوية الإيرانية وتسيّد إسرائيل في المجال الجوي الإيراني، استعادت طهران زمام الأمور، وأصابت أهدافًا استراتيجية داخل إسرائيل.
ومن بين بنك الأهداف الأمريكية أمام إيران، القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة (قطر والبحرين والكويت والعراق)، وقد صرّح بذلك مسؤولون إيرانيون، بأن القواعد العسكرية الأمريكية التي انطلقت منها المقاتلات الأمريكية ستكون من بين أهدافها، وقد قامت إيران بمثل ذلك في وقت سابق، بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، إذ استهدفت قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق، وقد أصابت الضربات أهدافها وسُجلت إصابات في صفوف الجنود الأمريكان.
أما الخيار الأصعب، فهو إقدام إيران على غلق مضيق هرمز، الذي يعبر منه نحو خمس إمدادات الطاقة حول العالم، والإغلاق هنا قد لا يكون بالقطع البحرية، لكن بإلقاء الألغام البحرية، وباللواصق المتفجرة عبر اللنشات السريعة.
وقد حذرت أمريكا من قيام إيران بذلك، وقالت إنها ستواجهه بكل حزم؛ فإغلاق المضيق أو تعطيل حركة النقل فيه سيجعل أسعار النفط عالميًا تصل لأسعار فلكية كأن يصل سعر البرميل إلى 160 و170 دولارًا.
- وماذا عن وكلاء إيران؟
في أضعف حالاتهم، ولا يمكن التعويل عليهم كما كان الأمر في السابق، وجماعة الحوثي هي من أعلنت معاودة الهجمات في البحر الأحمر ردًا على الهجمات الأمريكية ضد إيران، مما سيكون له تأثير سلبي على حركة المرور من قناة السويس.
- متى يمكن القول إن طرفي النزاع استُنزِفا؟
ما يحدث حاليًا بين إيران وإسرائيل هو تبادل للضربات الصاروخية والجوية، ولا يوجد حاليًا ما يفيد بتحول المعركة إلى برية، إذ لا حدود مشتركة بين البلدين.
وإيران وإسرائيل ليس بمقدورهما مواصلة الحرب بدون الحصول على دعم خارجي، فإسرائيل مدعومة بشكل مطلق من أمريكا، وإيران حتى الآن وحدها باستثناء دعم معنوي من روسيا والصين، متمثلًا في تصريحات تدين العمليات العسكرية الإسرائيلية الأمريكية ضد إيران.
ولعل زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، رسالة إلى أمريكا وإسرائيل بأنه من الممكن توسيع دائرة الحرب، وقد تحصل إيران على أسلحة روسية وصينية دفاعية وأخرى تكنولوجية لإلحاق الضرر بإسرائيل ومن ورائها أمريكا.
وفي كل الأحوال، الداخل الإسرائيلي بدأ يزداد قلقه من تصاعد الهجمات الصاروخية الإيرانية، وتزايد قدرتها على إصابة أهدافها. كما لا يمكن تجاوز التسريبات التي تتحدث عن رغبة إسرائيل في وقف الحرب، وإيران تعاني من الاختراق الداخلي من العملاء وتسيّد السلاح الجوي الإسرائيلي لسماء إيران.
- هل من الممكن أن تلعب القاهرة دورًا في التهدئة؟
القاهرة فعليًا تلعب دورًا في ذلك، وسياسة القاهرة الخارجية تتميز بالهدوء وعدم الانفعال، والعالم أجمع يعلم أن القاهرة هي الدولة الوحيدة الوازنة في المنطقة، وعامل الاستقرار فيها.
وقد رأينا جميعًا إدارة مصر لملف التهدئة في غزة، رغم المماطلة والتعنت الإسرائيلي، وكيف أحبطت خطة تهجير الفلسطينيين.
والرئيس السيسي تحدث مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ولا شك أن الاتصال ناقش فرص التهدئة، وكذلك من المؤكد أن الأجهزة المصرية المختصة تقوم بمثل هذا الدور حتى وإن لم يكن مُعلنًا.

0 تعليق