عامان من الحرب في السودان، ما بين اعتقال الآلاف وملايين النازحين

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهدت الساعات الماضية تطورات في الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تزامنًا مع مرور عامين على بدء الحرب في السودان.

وتسببت الحرب التي أكملت عامها الثاني في السودان، والتي كانت قد اندلعت في 15 أبريل 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع، في نزوح ولجوء ما بين 12 إلى 13 مليون شخص، بينما يعاني حوالي 25 مليون آخرين من انعدام الأمن الغذائي الحاد، منهم 8.5 مليون شخص يواجهون مستويات طارئة أو كارثية تقترب من المجاعة.

 

وأعلن الجيش السوداني اليوم الثلاثاء، تنفيذه ضربات جوية ناجحة استهدفت تجمعات الدعم السريع شمال شرق الفاشر.

وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العميد نبيل عبدالله، إن القوات المسلحة تصدت لحرب عانى منها الشعب السوداني على مدار عامين دفاعا عن البلد ومقدراته، مضيفًا: “نقف اليوم على أرضية صلبة والقوات المسلحة في أقوى حالاتها بعد عامين من الحرب”.

وأكد “عبد الله” في تصريحات نقلتها فضائية “القاهرة الإخبارية” اليوم الثلاثاء، أن القوات المسلحة تمكنت من السيطرة على معظم ولايات السودان واستعادتها من قوات الدعم السريع، موضحًا: “جاهزون للقضاء على قوات الدعم السريع وإحباط المؤامرة الكبرى التي يتعرض لها السودان، ومصممون على استكمال المسيرة للدفاع عن أي شبر في السودان بجهودنا الذاتية وإرادتنا الوطنية”.

ومع بداية دخول الحرب في السودان عامها الثالث، فأن الجيش السوداني يحاول القضاء على وجود قوات الدعم السريع التي تسببت في جرائم بحق مدنيين أدت إلى موجات نزوح وصفت بأنها الأكبر في العالم.

فعلى مدار عامين من الزمن، ارتكبت قوات الدعم السريع انتهاكات وجرائم مروعة غير مسبوقة في تاريخ السودان، حيث قامت بارتكاب مجازر مروعة في العاصمة الخرطوم، وفي ولايات غرب دارفور، والجزيرة، وسنار، والنيل الأزرق، والنيل الأبيض، حيث قُتل المئات من المدنيين بسلاح الميليشيا، ورصدت حالات عديدة من الاغتصاب والعنف الجنسي، وحرق المحاصيل الزراعية، والنهب والسرقة، وتخريب وتدمير المنشآت المدنية والخدمية، وتشريد الأهالي من قراهم.

وتسببت قوات الدعم السريع في اعتقال الآلاف من السودانيين تحت ظروف سيئة، وذلك باحتجاز الآلاف من المدنيين وقدامى العسكريين في معسكرات اعتقال بالغة السوء، مع ممارسة صنوف من التعذيب الجسدي والنفسي، والتجويع الممنهج، والإنهاك بأعمال شاقة ومميتة، ما أدى إلى موت أعداد كبيرة منهم بسبب التعذيب والتجويع.

فيما تم اكتشاف مقابر جماعية وحاويات مليئة بالجثث المحترقة لأسرى ومعتقلين كانوا لدى الدعم السريع، حيث تم حرق هذه الجثث داخل هذه الحاويات، ووجدت جثث لمواطنين قُتلوا داخل منازلهم، من بينهم أطفال.

وحققت قوات الجيش الوطني السوداني مكاسب ميدانية، حيث تمكنت من تحرير مدينة الخرطوم، ما عدا بعض الأجزاء الصغيرة في جنوب وغرب أم درمان، وهي آخر معاقل الدعم السريع في العاصمة السودانية.

فيما شهدت قوات الدعم السريع نشاطًأ كبيرًا عقب الهزيمة في الخرطوم، إذ قاموا بإطلاق الطائرات المسيرة بصورة متكررة نحو المدن في ولايتي نهر النيل والشمالية شمالي السودان، مستهدفة الأسواق والأحياء ومنشآت توليد الكهرباء في سد مروي الذي يغذي معظم مدن السودان بالطاقة الكهربائية.

وحشدت قوات الدعم السريع عناصرها الفارين من العاصمة السودانية، لمحاولة اقتحام “مدينة الفاشر” حيث كان يرى قادة الدعم السريع أنهم إذا استطاعوا السيطرة عليها، سيمكنهم ذلك من السيطرة على باقي إقليم دارفور، إذلا أنهم تفاجئوا بتنفيذ الجيش السوداني، ضربات جوية ناجحة استهدفت تجمعات الدعم السريع شمال شرق الفاشر.

 

وتقوم قوات الدعم السريع بشكل يومي بإطلاق الصواريخ والقذائف المدفعية على مدينة الفاشر، بالتركيز على معسكرات النازحين، خاصة معسكر (زمزم) المأهول بأعداد كبيرة من النازحين، معظمهم نساء وأطفال وكبار سن، لقي الكثيرون منهم حتفهم جراء القصف العشوائي.

ويسعى الجيش السوداني لفك الحصار عن الفاشر، وتوجيه الضربة الأخيرة القاضية لميليشيا الدعم السريع، فسيطرة الجيش على الفاشر، على غرار تحريره العاصمة الخرطوم، ستفتح له الطريق للسيطرة على بقية ولايات دارفور بسهولة، مما يعني نهاية ميليشيا الدعم السريع، التي لم يتبق لها وجود عسكري في السودان إلا في دارفور، وبالتالي تنتهي حرب شرسة اتسمت معاركها بالاستمرارية، وخلت المواجهات فيها من الهدن.

وتشير التقديرات إلى أن حوالي 15 مليون شخص اضطروا للفرار من منازلهم في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع، نزحوا إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني، وحوالي 7 ملايين شخص عبروا الحدود إلى دول الجوار هربًا من جحيم الحرب.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، أنه خلال الحرب المستمرة في السودان منذ عامين، ارتفع عدد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال بنسبة ألف بالمئة، مناشدة العالم عدم التخلي عن ملايين الأطفال المنكوبين.

وسلطت “اليونيسف” في بيانها الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، بما في ذلك تعرض أطفال للقتل والتشويه والاختطاف والتجنيد القسري والعنف الجنسي، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات “ازدادت بنسبة ألف بالمئة خلال عامين” وانتشرت في جميع أنحاء البلاد.

وبحسب أرقام “اليونيسف”، فإن عدد الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا بجروح في السودان ارتفع من 150 حالة مؤكدة في عام 2022 إلى حوالي 2776 حالة في عامي 2023 و2024. وارتفع عدد الهجمات على المدارس والمستشفيات من 33 حالة في 2022 إلى 181 حالة في العامين الماضيين.

وبالمقابل، تضاعف خلال عامين عدد الأطفال المحتاجين إلى مساعدات إنسانية، إذ ارتفع من 7.8 مليون في بداية 2023 إلى أكثر من 15 مليون طفل اليوم، وفقًا لليونيسف، مشيرة إلى أن نحو 17 مليون طفل سوداني خارج المدارس، و70% من المرافق الصحية في مناطق النزاع متوقفة عن العمل.

وكشفت أن أكثر من 7 ملايين طفل نزحوا من ديارهم، و3.2 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، كما أكدت أن الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال في السودان ارتفعت بنسبة 1000% منذ اندلاع الحرب.

فيما أكدت منظمة الصحة العالمية أن عددًا كبيرًا من الأشخاص نزحوا من منازلهم بسبب الحرب، ويعيش النازحون في أوضاع مأساوية داخل مخيمات تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة، مع تزايد خطر تفشي الأمراض المعدية مثل الكوليرا والحصبة بسبب نقص المياه النظيفة والرعاية الطبية.

وقالت منظمة الصحة العالمية، إن الحرب المستمرة في السودان منذ عامين تسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني الملايين من الجوع، فيما تعرض آلاف آخرون للإصابة والتشريد القسري نتيجة استمرار الصراع المسلح بين الأطراف المتنازعة.

ووفقًا للتقرير، فإن النظام الصحي في السودان يواجه شبه انهيار، حيث خرج عدد كبير من المستشفيات عن الخدمة، بينما تعاني المستشفيات المتبقية من نقص حاد في الإمدادات الطبية والكوادر الصحية، كما تسبب القتال في تعذر وصول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الغذائية والصحية في عدة مناطق، خاصة إقليم دارفور والخرطوم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق