كيف يخدع الجوع جهازك المناعي؟.. صراع خفي بين العقل والجسد

سحب 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشفت دراسة علمية حديثة أن التفكير في الجوع وحده يمكن أن يغير وظائف الجسم الأساسية، حيث يؤدي إلى تقليل كفاءة جهاز المناعة دون الحاجة إلى تغييرات فعلية في الغذاء. هذا الاكتشاف يبرز كيف يتفاعل الدماغ مع الجسم بطرق معقدة، مما يؤثر على صحة الفرد بشكل مباشر.

الجوع وتأثيره على جهاز المناعة

في هذه الدراسة، اكتشف الباحثون أن مجرد استشعار الجوع يقلل من أعداد الخلايا المناعية الرئيسية في الدم، مثل الخلايا الوحيدة التي تلعب دوراً حاسماً في مكافحة الالتهابات. هذا التأثير يحدث بفضل خلايا دماغية متخصصة تُدعى AgRP وPOMC، والتي تتحكم في تنظيم الشعور بالجوع والشبع. على سبيل المثال، في تجارب أجرتها الدراسة على فئران، تم تنشيط شعور الجوع بشكل اصطناعي، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في هذه الخلايا المناعية، وهو ما يعكس كيف يمكن للعقل أن يؤثر على الجسم دون تغيير في الواقع الغذائي. ومع ذلك، فإن هذه التغييرات لم تكن دائمة؛ إذ عادت الأمور إلى طبيعتها بمجرد تغيير الإدراك الداخلي للشبع، مما يشير إلى أن الجسم يمتلك آليات للتكيف السريع.

دور الشعور بالعطش في التوازن الصحي

يبين التحليل العلمي كيف يتواصل الدماغ مع أعضاء أخرى مثل الكبد عبر الجهاز العصبي الودي، حيث يقلل من إفراز المواد التي تجذب الخلايا المناعية، مع دعم من هرمون التوتر المعروف باسم الكورتيكوستيرون. هذه الآلية، التي تطورت ربما لمساعدة الجسم على النجاة من فترات نقص الغذاء، قد تكون السبب وراء بعض الالتهابات المرتبطة باضطرابات الأكل أو السمنة. على سبيل المثال، عندما يشعر الشخص بالعطش المزمن، قد يؤدي ذلك إلى ضعف المناعة، مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى أو الأمراض الالتهابية. وفقاً للدراسة، هذا الارتباط بين الشعور بالعطش والمناعة يفتح آفاقاً جديدة في مجال الطب، حيث يمكن استهداف الدماغ لتطوير علاجات تقلل من أمراض المناعة والاضطرابات الميتابولية.

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد هذا البحث على الترابط العميق بين العقل والجسم، حيث أن ما نشعر به يمكن أن يغير وظائفنا البيولوجية بشكل مباشر. على سبيل المثال، في حالات الضغط النفسي المرتبطة بالجوع، قد يزداد إفراز هرمونات التوتر، مما يؤثر سلباً على الجهاز المناعي ويقلل من قدرة الجسم على محاربة الفيروسات أو البكتيريا. هذا الاكتشاف ليس محصوراً على الفئران، بل قد ينطبق على البشر، حيث تشير الملاحظات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات غذائية، مثل النهم أو فقدان الشهية، يواجهون مشكلات مناعية متكررة. ومن هنا، يمكن للعلماء استكشاف طرق لتحسين الصحة من خلال تعديل الإدراك العقلي، مثل استخدام تقنيات التأمل أو العلاجات السلوكية لتعزيز الشعور بالشبع وتعزيز المناعة.

في الختام، يمثل هذا الاكتشاف خطوة كبيرة نحو فهم كيفية تأثير العوامل النفسية على الصحة الجسدية، مما يدفع نحو تطوير علاجات مبتكرة. على سبيل المثال، قد تساعد هذه المعرفة في علاج أمراض مثل الروماتيزم أو السكري من خلال التركيز على تنظيم الشعور بالجوع، بدلاً من الاعتماد فقط على الأدوية التقليدية. بهذا الشكل، يصبح من الواضح أن الجسم ليس مجرد آلة ميكانيكية، بل نظام مترابط يتأثر بكل ما نعيشه، سواء كان ذلك شعوراً بالعطش أو الرضا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق