المخرج كريس كولومبوس يصف ظهور ترامب في "Home Alone 2" بـ"اللعنة"

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في تصريحات أثارت جدلًا واسعًا بين مؤيد ومعارض، عبّر المخرج الأمريكي الشهير كريس كولومبوس عن أسفه لإدراج مشهد قصير يظهر فيه دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الحالي، في فيلمه الكلاسيكي "Home Alone 2: Lost in New York" الذي عُرض عام 1992. 

وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل" أمس الثلاثاء الموافق 15 أبريل 2025، وصف كولومبوس هذا المشهد بأنه "لعنة" و"عبء" يتمنى لو كان بإمكانه حذفه، لكنه يخشى أن يؤدي ذلك إلى "ترحيله" من الولايات المتحدة، في إشارة ساخرة إلى السياسات الصارمة لإدارة ترامب. 

هذه التصريحات، التي تناولتها وسائل إعلام عالمية مثل شبكة "سي إن إن" و"ذي إندبندنت"، أعادت إلى الواجهة نقاشًا حول ظهور ترامب في الفيلم، وكيف أصبح هذا المشهد القصير مصدر إزعاج للمخرج بعد أكثر من ثلاثة عقود.

خلفية ظهور ترامب في الفيلم

فيلم "Home Alone 2: Lost in New York"، الجزء الثاني من السلسلة الكوميدية الشهيرة، يروي قصة الطفل كيفن ماكاليستر (ماكولاي كولكين) الذي يسافر بالخطأ إلى نيويورك بينما تذهب عائلته إلى ميامي لقضاء عطلة الكريسماس. في إحدى المشاهد، يصل كيفن إلى فندق بلازا الفاخر، حيث يصادف دونالد ترامب، الذي كان يملك الفندق آنذاك، ويطلب منه توجيهات للوصول إلى بهو الفندق. يرد ترامب بجملة مقتضبة: "في نهاية الممر وعلى اليسار". هذا المشهد، الذي لا يتجاوز سبع ثوانٍ، أصبح نقطة جدل كبيرة بمرور الوقت.

وفقًا لكولومبوس، لم يكن ظهور ترامب قرارًا فنيًا بالأساس، بل نتيجة شرط فرضه ترامب نفسه. في مقابلة مع "بيزنس إنسايدر" عام 2020، أوضح كولومبوس أن طاقم التصوير سعى للحصول على إذن للتصوير داخل فندق بلازا، وهو موقع لا يمكن إعادة بنائه في الاستوديو بسبب تصميمه الفريد. وافق ترامب على السماح بالتصوير مقابل رسوم مالية، لكنه أصر على أن يظهر في الفيلم كشرط إضافي. يقول كولومبوس: "دفعنا الرسوم، لكنه قال: الطريقة الوحيدة لاستخدام بلازا هي أن أكون في الفيلم".

رد فعل الجمهور وتأثيره على قرار الإبقاء على المشهد

خلال العرض التجريبي الأول للفيلم في شيكاغو، تفاجأ كولومبوس برد فعل الجمهور الإيجابي تجاه ظهور ترامب. في تلك الفترة، كان ترامب شخصية معروفة كرجل أعمال ومالك عقارات بارز في نيويورك، ولم يكن قد دخل عالم السياسة بعد. يروي كولومبوس في مقابلته مع "سان فرانسيسكو كرونيكل": "عندما ظهر ترامب على الشاشة، هتف الجمهور بحماس واعتقدوا أن المشهد مضحك". بناءً على هذا الاستقبال، قرر كولومبوس الإبقاء على المشهد، قائلًا لمحرره: "اتركه في الفيلم، إنه لحظة للجمهور".

لكن ما بدا كقرار بسيط في ذلك الوقت تحول إلى مصدر ندم للمخرج. مع صعود ترامب السياسي، خاصة بعد توليه الرئاسة الأمريكية في عام 2017، أصبح ظهوره في الفيلم رمزًا مثيرًا للجدل. يشير كولومبوس إلى أن المشهد "تحول إلى لعنة"، خاصة مع تزايد الانقسامات السياسية في الولايات المتحدة. حتى الممثل ماكولاي كولكين، نجم الفيلم، أبدى تأييده لفكرة إزالة المشهد رقميًا، حيث رد في عام 2021 على اقتراح أحد المعجبين على منصة X باستبدال ترامب بشخصية كيفن كشخص بالغ، قائلًا: "أنا مقتنع بالفكرة".

رد ترامب على الادعاءات

في عام 2023، رد دونالد ترامب على تصريحات كولومبوس عبر منصته "تروث سوشال"، نافيًا أن يكون قد "فرض" نفسه على الفيلم. 

زعم ترامب أن كولومبوس وطاقم الإنتاج "توسلوا إليه" للظهور، مضيفًا أن مشاركته ساهمت في نجاح الفيلم. 

كتب ترامب: "كنت مشغولًا جدًا ولم أرغب في المشاركة، لكنهم كانوا لطفاء ومصرين للغاية. وافقت، والباقي تاريخ! هذا الظهور القصير انطلق كالصاروخ، والفيلم حقق نجاحًا كبيرًا". 

وأضاف: "لماذا أبقوه في الفيلم لأكثر من 30 عامًا إذا شعروا أنني فرضت نفسي؟ لأنني كنت، وما زلت، رائعًا للفيلم".

كولومبوس رفض هذه الرواية بشدة في مقابلته مع "سان فرانسيسكو كرونيكل"، مؤكدًا أنه لم يتوسل إلى ترامب، بل كان مضطرًا لقبول الشرط بسبب الحاجة الملحة لتصوير المشاهد في فندق بلازا.

 قال كولومبوس: "لا يوجد مبرر يدفعني لأتوسل له ليكون في فيلم. كنا بحاجة ماسة إلى فندق بلازا". هذا الخلاف بين الطرفين أثار نقاشات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر البعض عن دعمهم لكولومبوس، بينما دافع آخرون عن ترامب، معتبرين أن المشهد جزء لا يتجزأ من الفيلم الكلاسيكي.

السياق السياسي ومخاوف كولومبوس

تصريحات كولومبوس الأخيرة تأتي في سياق سياسي مشحون، حيث يتولى ترامب منصبه في ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة. أشار كولومبوس، وهو مواطن أمريكي من أصول إيطالية، إلى مخاوفه من "الترحيل" إذا حاول قطع المشهد، في إشارة ساخرة إلى سياسات إدارة ترامب المتشددة تجاه الهجرة. 

ذكرت صحيفة "ذي إندبندنت" أن تعليقات كولومبوس جاءت بعد حادثة ترحيل مواطن من ولاية ماريلاند إلى سجن في السلفادور، والتي وصفتها الإدارة لاحقًا بأنها "خطأ إداري". هذا الحادث، إلى جانب قرار المحكمة العليا بأن الترحيل كان "غير قانوني"، عزز من مخاوف كولومبوس، وإن كانت تعليقاته تحمل طابعًا تهكميًا.

الجدل حول المشهد ليس جديدًا. في عام 2019، أثار قرار شبكة "سي بي سي" الكندية بحذف مشهد ترامب من بث الفيلم موجة من الانتقادات من مؤيدي ترامب، الذين رأوا في ذلك محاولة لمحو وجوده من الثقافة الشعبية. 

علق ترامب آنذاك عبر منصة X قائلًا: "أعتقد أن جاستن ترودو لا يحب كثيرًا أن أجبره على دفع المزيد للناتو أو التجارة!"، مضيفًا مازحًا: "الفيلم لن يكون كما كان!"

تأثير المشهد على إرث الفيلم

يُعتبر "Home Alone 2: Lost in New York"، الذي حقق إيرادات عالمية بلغت 359 مليون دولار مقابل ميزانية قدرها 28 مليون دولار، أحد أكثر الأفلام العائلية شهرة في التسعينيات. ورغم أن الجزء الأول يحظى بمكانة خاصة ككلاسيكية عيد الميلاد، إلا أن الجزء الثاني لا يزال يُعرض بانتظام خلال موسم الأعياد، مما يجعل مشهد ترامب محط اهتمام مستمر. يرى كولومبوس أن هذا المشهد أصبح "عبئًا" يطغى على إرث الفيلم، خاصة مع تزايد الجدل حول شخصية ترامب السياسية.

من جهة أخرى، يعتبر البعض أن المشهد يعكس لحظة تاريخية محددة، حيث كان ترامب رمزًا للرفاهية والشهرة في نيويورك خلال تلك الفترة. في منشور على منصة X بتاريخ 15 أبريل 2025، كتب أحد المستخدمين: "ظهور ترامب في Home Alone 2  هو جزء من سحر التسعينيات. إنه يذكرنا بوقت كان فيه مجرد رجل أعمال مشهور، وليس رئيسًا مثيرًا للانقسام". بينما عبر آخرون عن دعمهم لكولومبوس، مشيرين إلى أن إزالة المشهد رقميًا قد تكون خطوة رمزية لفصل الفيلم عن السياسة.

التحديات الفنية والقانونية لإزالة المشهد

إزالة مشهد ترامب رقميًا ليست بالأمر السهل. تقنيًا، يمكن تحرير الفيلم لاستبدال ترامب بشخصية أخرى أو حذف المشهد بالكامل، لكن ذلك قد يؤثر على تماسك السرد أو يثير استياء المعجبين الذين يرون الفيلم جزءًا من تراثهم الثقافي. قانونيًا، قد يواجه كولومبوس أو الاستوديو المنتج (توينتيث سينشري فوكس، الآن جزء من ديزني) تعقيدات إذا حاول ترامب الاعتراض على التعديل، خاصة مع نفوذه السياسي الحالي. علاوة على ذلك، أشار كولومبوس إلى أن قراره بالإبقاء على المشهد في الأصل كان مدفوعًا برد فعل الجمهور، مما يجعل الحذف الآن خطوة مثيرة للجدل بحد ذاتها.

صراع الفن والسياسة

تصريحات كريس كولومبوس تعكس التحديات التي تواجه صانعي الأفلام عندما تتقاطع أعمالهم مع السياسة. ما بدأ كمشهد قصير لتلبية شرط تصوير تحول إلى نقطة جدل مستمرة، تعكس الانقسامات العميقة في المجتمع الأمريكي. في الوقت الذي يتمنى فيه كولومبوس التخلص من هذا "العبء"، يبقى المشهد جزءًا لا يتجزأ من "Home Alone 2"، يذكّرنا بكيف يمكن للحظات البسيطة في السينما أن تتحول إلى رموز ثقافية وسياسية مع مرور الزمن. سواء أُزيل المشهد أم بقي، فإن الجدل حوله سيستمر في إثارة النقاشات حول الفن، والسلطة، وتأثير السياسة على الثقافة الشعبية.
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق