المسافة بين مدينتي جدة والرياض، التي تبلغ 956.2 كيلومترًا، تُشكل تحديًا كبيرًا للمسافرين والشحن، حيث تستغرق الرحلة بالسيارة أكثر من 10 ساعات، مما يؤدي إلى إرهاق جسدي ونفسي وضياع الكثير من الوقت. ومع أهمية ربط جدة، العاصمة السياحية للمملكة العربية السعودية، بالرياض، العاصمة السياسية والإدارية، فقد حرصت القيادة السعودية على تطوير حلول فعالة، مثل مشروع الجسر البري الذي سيقلل المدة إلى 45 دقيقة فقط.
مشروع الجسر البري بين جدة والرياض
يُعد مشروع الجسر البري واحدًا من أبرز المبادرات ضمن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، المرتبطة برؤية المملكة 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. يهدف هذا المشروع الطموح إلى ربط الرياض بجدة عبر شبكة سكك حديدية بطول 950 كيلومترًا، مما يفتح آفاقًا جديدة للتنقل السريع والشحن الفعال. تاريخيًا، بدأت فكرة المشروع في عام 2008 من خلال تحالف سعودي-أسترالي، لكنه تحول إلى مشروع حكومي في 2011 بتكلفة إجمالية تبلغ 7 مليارات دولار أمريكي. خلال العقد الماضي، عادت الحكومة إلى التركيز عليه، مع خطوات محددة مثل منح عقد التصميم لشركة إيطالية في 2015 وإعلان الانتهاء من التصميمات في 2017، وأحدثها الشراكة مع تحالف صيني بمشاركة 11 شركة عالمية للتنفيذ.
مبادرة الربط المتسارع بين المدينتين
تفاصيل مشروع الجسر البري تشمل خطًا رئيسيًا بطول 950 كيلومترًا يربط بين الرياض وجدة، مع تكلفة إجمالية تصل إلى 26.3 مليار ريال سعودي، ومن المتوقع إكماله خلال سبع سنوات. لن يقتصر المشروع على هذا الخط، بل يشمل تحديث الخط الحديدي بين الرياض والدمام بطول 450 كيلومترًا، وإنشاء خط جديد بطول 115 كيلومترًا يصل الدمام بالجبيل. هذه الخطوط مصممة لتكون قابلة للترقية إلى مسارات مزدوجة مستقبليًا، مما يعزز المرونة. كما يتضمن إقامة سبعة مراكز لوجستية استراتيجية، مثل مدينة الجبيل الصناعية وميناء الدمام الجاف، لتعزيز قدرات المملكة في النقل والشحن، وجعلها وجهة إقليمية رائدة.
من بين مميزات المشروع توفير الوقت بشكل كبير، حيث يقلل الرحلة إلى 45 دقيقة فقط بفضل تقنية القطار المعلق على وسائد مغناطيسية بسرعة تصل إلى 1000 كيلومتر في الساعة. هذا القطار لن يكون حصريًا للمسافرين، بل سيدعم نقل البضائع والترانزيت بتكلفة أقل من رحلات الطيران. في السياق نفسه، يساهم المشروع في تحقيق أهداف استراتيجية مثل تعزيز قدرات النقل والشحن، وتقليل الاعتماد على الطرق البرية لتخفيف الازدحام والحوادث، ودفع النمو الاقتصادي من خلال تعزيز التصدير وكفاءة سلاسل التوريد. بالإضافة إلى ذلك، سيزود فرص عمل جديدة في مجالات الهندسة، البناء، التشغيل، والصيانة، مما يدعم التنمية الاجتماعية في المملكة. بشكل عام، يمثل هذا المشروع نقلة نوعية في البنية التحتية، مما يعزز مكانة السعودية كمركز إقليمي للتنقل السريع والخدمات اللوجستية الفعالة.
0 تعليق