العالم يشهد تدهوراً مستمراً في التعاون الدولي منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث أصبحت الحرب الاقتصادية أكثر وضوحاً من خلال القيود على الاستثمار والتعاون التكنولوجي، بالإضافة إلى زيادة الحمائية التجارية. هذه الاتجاهات لم تعد محدودة بالتجارة فقط، بل تشمل آلاف القيود التي وصلت إلى أكثر من 3000 قيد، مما يعكس تراجعاً تاريخياً في الروابط الدولية. في هذا السياق، يبرز دور مصر في مواجهة هذه التحديات من خلال استراتيجيات تهدف إلى تعزيز التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة.
الحرب الاقتصادية والتحديات العالمية
في ظل الحرب الاقتصادية العالمية المتفاقمة، يجب على مصر التركيز على خمسة أمور رئيسية لتعزيز نموها خلال المرحلة المقبلة. أولاً، الاهتمام برأس المال البشري من خلال الاستثمار في التعليم والصحة والتدريب، حيث يمثل العنصر البشري ميزة استراتيجية إذا تم استغلاله بشكل صحيح. ثانياً، التنويع الاقتصادي باتجاه قطاعات جديدة مثل التحول الرقمي والاقتصاد الأخضر، خاصة مع وجود أزمة تصديرية محتملة بسبب ضعف المنظومة الداعمة للتصدير، رغم أن الاستيراد يشكل نسبة معقولة من الناتج المحلي. ثالثاً، توطين التنمية من خلال تعزيز التنافسية داخل المحافظات وتسهيل ممارسة الأعمال، كما أشار تقرير مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء.
بالإضافة إلى ذلك، يأتي التحول الرقمي كأمر أساسي رابع، حيث تحتاج المنطقة العربية والإفريقية إلى زيادة الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي للاستفادة من التنافس بين الشرق والغرب. أخيراً، الاهتمام بجودة البيانات وتيسير تبادلها للمستثمرين عبر قوانين متكاملة، مما يضمن تسوية أرض الملعب من خلال قواعد ضريبية موحدة وفرص ائتمانية متساوية، سواء كان المستثمرون محليين أو أجانب، عامين أو خاصين.
التحديات الاقتصادية وفرص النمو
أما فيما يتعلق بـ”الإقليمية الجديدة”، فإن تشجيع التجارة والاستثمار من خلال التعاون مع دول إفريقيا والمتوسط والعربية يمثل خطوة حاسمة، مستفيداً من التطورات في مناطق مثل آسيان، التي تشهد قمم دولية قريباً مع مشاركة مجلس التعاون الخليجي والصين. هذا النهج يتوافق مع ضرورة تشجيع التنافسية والإنتاجية بعد انتهاء برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2026، الذي ركز على الاستقرار المالي. الآن، يجب التركيز على برنامج متكامل للنمو يزيد من فرص العمل ويضمن عائداً يعود على جميع فئات المجتمع.
في الختام، توفر مصر فرصة ذهبية لتحويل هذه التحديات إلى فرص من خلال دمج هذه العناصر، مما يعزز قدرتها على الصمود أمام الحرب الاقتصادية. هذا النهج ليس مجرد استجابة دفاعية، بل خطة هجومية لتعزيز التنمية المستدامة، حيث يمكن أن تكون الرقمنة والتنويع محركات رئيسية للنمو، مع الاستفادة من التعاون الإقليمي لمواجهة القيود العالمية. بذلك، تكون مصر قادرة على زيادة التنافسية وتوسيع أسواقها، مما يدعم استقرارها الاقتصادي على المدى الطويل.
0 تعليق