يجذب الهيدروجين الطبيعي انتباه العديد من الدول الكبرى، لتأمين احتياجاتها من الوقود النظيف، في ظل الحاجة الملحة إلى خفض انبعاثات الاحتباس الحراري المسببة لتغير المناخ.
ووفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، ستبدأ اليابان بحثًا رسميًا عن رواسب الهيدروجين الطبيعي بهدف إيجاد موقع واعد بحلول نهاية مارس/آذار من العام المقبل (2026).
وحسب تعريفه من جانب منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الهيدروجين الطبيعي يُطلق على الغاز الموجود بصورة حرة في طبقات الأرض الجوفية، وعادةً ما يُستخرج عبر عمليات الحفر، مثل التكسير المائي وحقن مزيج من المياه والرمال والمواد الكيميائية، في ضغط مرتفع، بهدف إطلاق الغاز من الصخور.
كما يُطلق عليه الهيدروجين الأبيض تمييزًا له عن الهيدروجين الأخضر المستخلص من الماء، والهيدروجين الأزرق المُستخلص عبر حرق الوقود الأحفوري، مع استعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وغيره من الأنواع.
التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي في اليابان
سينصبّ التركيز على الهيدروجين الذي يُنتج باستمرار تحت الأرض من معادن الصخور، في حين يبدو أن "حقل هيدروجين معروف" في نبع حراري أرضي بالقرب من الساحل الشمالي الغربي لليابان هو نقطة البداية الأكثر ترجيحًا.
ومع ذلك، تخطّط منظمة المعادن وأمن الطاقة اليابانية (JOGMEC) لاستعمال البيانات المتاحة لرسم خريطة للمواقع المحتملة، وفقًا لصحيفة نيكي اليابانية اليومية (Nikkei)، قبل تحديد الموقع الأكثر آمالًا بحلول نهاية السنة المالية 2025 لليابان (التي تنتهي في 31 مارس/آذار 2026).
وتخطّط منظمة المعادن وأمن الطاقة اليابانية للتحقيق في البيانات المتاحة حول توزيع المعادن، ودرجات الحرارة الجوفية، التي من شأنها أن تشير إلى توليد الهيدروجين الطبيعي تحت الأرض.
ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يُنتج هذا النوع من الهيدروجين عن طريق تفاعل صخور البريدوتيت الغنية بالحديد (الموجودة في الوشاح العلوي للأرض) مع الماء لتكوين الهيدروجين والميثان وغازات أخرى في عملية تُسمى "السربنتينية".
وستُدمج بيانات درجة الحرارة والمعادن مع معلومات تاريخية أخرى حول أنواع مختلفة من الغازات التي جُمعت في أثناء استكشاف النفط والغاز، لرسم خريطة للمواقع المحتملة، بحسب ما نقلته منصة "هيدروجين إنسايت" (Hydrogen Insight).
وستستعمل منظمة المعادن وأمن الطاقة اليابانية بعد ذلك البيانات لتحليل مواقع محددة، وتقييم ما إذا كان يُنتج الهيدروجين حاليًا تحت الأرض، وما إذا كانت هناك طبقات جيولوجية مهمة للحفر من خلالها، وبُعد كل موقع عن مراكز الطلب.
وبمجرد تحديد موقع واعد، ستُستعمل البيانات لوضع قواعد للحفر الاستكشافي؛ وهو أمر بالغ الأهمية نظرًا إلى عدم وجود قوانين سارية حاليًا في اليابان تنظم استخراج الهيدروجين الطبيعي.
وصرّحت منظمة المعادن وأمن الطاقة اليابانية، في منشور حديث على مدونتها: "لقد رُصد الهيدروجين الطبيعي في جميع أنحاء العالم، ولديه القدرة على تغيير الجغرافيا السياسية للطاقة تمامًا".
وأضافت: "حتى الدول التي تفتقر إلى النفط أو الغاز الطبيعي، مثل اليابان، قد ترى مستقبلًا يتيح لها تأمين موارد طبيعية جديدة محليًا".

إمكانات الهيدروجين الطبيعي في اليابان
في فبراير/شباط 2025، استضافت منظمة المعادن وأمن الطاقة اليابانية ورشة عمل حول إمكانات الهيدروجين الطبيعي في اليابان.
وتضمّنت ورشة العمل محاضرة لمهندس الطاقة الحرارية الأرضية تاكيشي تسوجي، أستاذ الهندسة في جامعة طوكيو، الذي قاد في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 رحلة ميدانية إلى ما يُسمى حقل هاكوبا للهيدروجين، على الساحل الشرقي لليابان.
ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يقع حقل هاكوبا، الذي وصفه تسوجي في عرضه التقديمي، بأنه "حقل هيدروجين معروف في اليابان"، في صخور فوق مافية (غنية بالحديد) معروفة بقدرتها على تمكين عملية السربنتينية، وسط ينابيع ساخنة تضم بالفعل سلسلة من الآبار الحرارية الأرضية.
وقام فريق بحث تسوجي بقياس تركيز الهيدروجين في الماء من بئرَيْن من هذه الآبار، بالإضافة إلى الينابيع الساخنة.
ووجدوا تركيزات بلغت 1208 أجزاء في المليار في بئرٍ واحدة، و467 جزءًا في المليار في الثانية، مشيرين إلى أن "ماء الهيدروجين" يُعرّف بأنه يحتوي على 80 جزءًا في المليار.
وأشار تسوجي إلى أن القلوية العالية في "هاكوبا" تُحِدّ من وجود البكتيريا المستهلكة للهيدروجين مثل الميثانوجين، مضيفًا أن فريقه يخطّط لإجراء مسح زلزالي للموقع.
خريطة الهيدروجين الطبيعي في أميركا
كان من ضمن المتحدثين في ورشة العمل حول إمكانات الهيدروجين الطبيعي في اليابان، جيفري إليس من هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، الذي أبلغ لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي العام الماضي (2024) أنه قد يكون هناك ما بين مليار ومليون مليار طن من الهيدروجين الطبيعي مخزنة تحت الأرض عالميًا.
ووفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، نشرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية خريطة مواقع الهيدروجين الطبيعي المحتملة في الولايات المتحدة المتجاورة، لتكون هي الأولى من نوعها على نطاق قاري.
وتُعدّ الخريطة -التي سيستمر تحديثها مع تقدّم العلم والاستكشاف- خطوة أولى مهمة في فهم وقود يُحتمل أن يكون مصدرًا مهمًا للطاقة في المستقبل للولايات المتحدة.
وتسلّط خريطة التوقعات الضوء على المناطق ذات الإمكانات العالية لتراكم الهيدروجين، بما في ذلك منطقة منتصف القارة التي تغطي ولايات كانساس وأيوا ومينيسوتا وميشيغان، وولايات أريزونا وكولورادو ونيومكسيكو ويوتا، وساحل كاليفورنيا، والمناطق على طول الساحل الشرقي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي في اليابان من منصة "هيدروجين إنسايت".
- خريطة مواقع الهيدروجين الطبيعي في أميركا من منصة الطاقة المتخصصة.
0 تعليق