نسّق مع إسرائيل لضرب إيران دون إذن.. لماذا أطاح ترامب بمستشاره للأمن القومي؟

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في خطوة مدوية ألقت بظلالها على المشهد السياسي الأمريكي، أعلن الرئيس دونالد ترامب قراراً بإقالة مستشاره للأمن القومي مايكل فالتز، ولم يكن هذا القرار وليد اللحظة، بل جاء كذروة لتراكم طويل من الإحباط والتوتر داخل أروقة البيت الأبيض، وتحديداً بين الرئيس ومستشاره السابق، الضابط المخضرم في القوات الخاصة "القبعات الخضراء". 

 وجاءت الإقالة بعد أسابيع من تراكم التوترات بين فالتز والرئيس، خصوصًا إثر تقارير تحدثت عن تنسيق مباشر بين فالتز ومسؤولين إسرائيليين حول ضربة عسكرية محتملة ضد إيران، دون موافقة صريحة من ترامب.

وقال ترامب، في منشور له عبر منصة "تروث سوشال"، إن "فالتز رجل خدم بلاده، لكنه لم يعد مناسبًا لهذا المنصب"، مشيرًا إلى أنه سيرشحه لتولي منصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.

خلافات عميقة حول إيران

بحسب مصادر مطلعة داخل الإدارة الأميركية تحدثت لصحيفة واشنطن بوست، فإن الخلافات بين الرئيس ومستشاره المقال بدأت منذ الأسابيع الأولى للولاية الثانية، لكنها تصاعدت بشكل حاد مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في فبراير الماضي.

وخلال تلك الزيارة، أفادت التقارير بأن فالتز عبّر أمام نتنياهو عن تأييده لضربة عسكرية استباقية ضد طهران، في وقت كان ترامب لا يزال يفضّل إبقاء الباب مفتوحًا أمام الجهود الدبلوماسية.

ووصلت معلومات مؤكدة إلى الرئيس ترامب بأن فالتز انخرط في اتصالات مباشرة مع مسؤولين إسرائيليين عسكريين وأمنيين لمناقشة الخيارات المطروحة ضد إيران، بما في ذلك مراحل تنفيذ محتملة، الأمر الذي اعتبره الرئيس "تجاوزًا خطيرًا للصلاحيات" و"محاولة لإعادة توجيه السياسة الأميركية من خلف ظهره".
 

حادثة "سيجنال": الشرارة الأخيرة

وبينما كانت الخلافات الاستراتيجية مستمرة، جاءت حادثة مارس، حين تبين أن فالتز أدرج رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك" بالخطأ في مجموعة دردشة على تطبيق "سيجنال"، ناقشت خلالها شخصيات بارزة في الإدارة تفاصيل ضربات جوية نفذتها القوات الأميركية، لتكون القشة التي قصمت ظهر العلاقة بين الرئيس ومستشاره.

ورغم أن تطبيق "سيغنال" يُستخدم في الاتصالات المشفرة، فإن استخدامه لمخاطبة أطراف إعلامية دون تدقيق أمني صارم أدى إلى ما وصفته مصادر البيت الأبيض بأنه اختراق مؤسسي يعكس غياب الانضباط المهني.

وقال مسؤولون إن الحادثة عُدّت "مهينة وغير مهنية"، خصوصًا أن الصحفي المضاف تلقائيًا اطلع على تفاصيل عسكرية حساسة، ما استدعى فتح تحقيق داخلي عاجل في البيت الأبيض.

البيت الأبيض: لم يكن مناسبًا للعمل مع الرئيس

وأكد مسؤولون كبار في البيت الأبيض أن رئيسة الأركان سوزي وايلز كانت من أبرز الشخصيات التي حذرت مبكرًا من أن فالتز "لا يتماشى مع شخصية الرئيس"، مشيرة إلى أن أسلوبه "مفرط في الحسم العسكري"، ويفتقر إلى الحساسية السياسية التي يتطلبها التعامل مع ترامب.

كما رأت شخصيات بارزة في الإدارة أن فالتز كان يتجاوز أحيانًا خط القيادة عبر نسج علاقات مستقلة مع أطراف خارجية، خصوصًا في ملفات كبرى كإيران، دون العودة للرئيس أو التشاور مع الدوائر الأضيق لصنع القرار.

سياسة أكثر انسجامًا أم تصعيد جديد؟

ويرى مراقبون أن هذه الإقالة تمثل تحولًا في أسلوب ترامب لإدارة ملفات الأمن القومي، إذ يبدو أكثر ميلاً الآن إلى الاعتماد على شخصيات تدين له بولاء كامل، وتتماهى مع رؤيته السياسية والأمنية.

ويقول محللون إن خروج فالتز قد يفتح الباب أمام تشكيلة جديدة من المستشارين الذين يميلون أكثر إلى الردع الاقتصادي والدبلوماسي بدلًا من الانخراط العسكري المباشر، وهو ما ينسجم مع موقف ترامب الذي لطالما حذر من "حروب لا تنتهي".

مع ذلك، يبقى سؤال مطروح: هل يُسهم هذا التغيير في إعادة ضبط سياسة الأمن القومي، أم أنه يُمهّد لصراعات داخلية جديدة بين التيارات المتشددة والمعتدلة داخل فريق ترامب؟

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق