اتهمت وزارة الخارجية السودانية، السبت، قوات الدعم السريع بارتكاب مجزرة مروعة راح ضحيتها نحو 300 مدني في مدينة النهود بولاية غرب كردفان، جنوب البلاد، في واحدة من أكثر الحوادث دموية منذ اندلاع الحرب بين الطرفين في أبريل 2023.
وقالت الخارجية في بيان نقلته وكالة الأناضول، إن "مليشيا الدعم السريع تواصل ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية والمذابح والتطهير العرقي في أنحاء مختلفة من السودان"، مؤكدة أن المجزرة في النهود تم تنفيذها خلال يومين على أسس عرقية.
النهود تحت النار... ونداء عاجل لمجلس الأمن
وحمّلت الحكومة السودانية المجتمع الدولي مسؤولية "الصمت والتساهل"، قائلة: "نجدد مطالبتنا لمجلس الأمن الدولي والفاعلين الدوليين بالتخلي عن نهج اللامبالاة، والتحرك الفوري لحماية المدنيين من الانتهاكات الوحشية التي ترتكبها قوات الدعم السريع".
وتُعد مدينة النهود من أكبر المراكز الحضرية في ولاية غرب كردفان، وكانت قد تحولت منذ يوليو 2024 إلى العاصمة الإدارية المؤقتة للولاية بعد سقوط مدينة الفولة، عاصمة الولاية الأصلية، بيد قوات الدعم السريع.
وجاءت المجزرة في أعقاب معارك عنيفة دارت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في غرب كردفان، أعلنت على إثرها الأخيرة سيطرتها الكاملة على مدينة النهود الجمعة، ومدينة الخوي السبت، وتسلم مقر قيادة اللواء 18 مشاة التابع للجيش السوداني في المدينة.
وتشير مصادر محلية إلى أن المجزرة نُفّذت بعد دخول قوات الدعم السريع إلى النهود، حيث جرت عمليات قتل ميداني بحق سكان محليين على أسس عرقية وانتماءات قبلية مفترضة، في سابقة تفتح الباب لمخاطر تطهير جماعي في مناطق متنازع عليها.
من النهود إلى دارفور... نمط متكرر من الانتهاكات
وسبق أن وُجّهت لقوات الدعم السريع اتهامات مشابهة في مناطق أخرى، خصوصًا في إقليم دارفور، حيث وثّقت منظمات حقوقية دولية عمليات قتل جماعي وتهجير قسري على أساس عرقي، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيقات أولية.
ويرى مراقبون أن تكرار هذا النمط من الانتهاكات في غرب كردفان يعكس اعتماد الدعم السريع على تكتيك السيطرة عبر الترهيب الجماعي، والعقاب الجماعي للمجتمعات المحلية، خاصة في المناطق التي كانت تحت سيطرة الجيش.
رغم فداحة الحدث، لم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة بشأن مجزرة النهود، ما يفاقم من شعور السودانيين بأنهم تُركوا يواجهون كابوسًا إنسانيًا متصاعدًا بلا غطاء دولي ولا حماية قانونية.
وفي ظل انهيار المنظومة القضائية والإنسانية داخل البلاد، يحذّر خبراء من أن استمرار هذا الصمت الدولي سيؤدي إلى ترسيخ الإفلات من العقاب، وتوسيع دائرة العنف العرقي الذي يهدد بانزلاق السودان نحو حرب أهلية شاملة.
الحرب المستمرة منذ 2023... حصيلة كارثية
منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، يعيش السودان واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية عالميًا، حيث قتل عشرات الآلاف، وبلغ عدد النازحين أكثر من 13 مليونًا، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
ورغم الوساطات الإقليمية والدولية، لا يزال الصراع مفتوحًا، وسط انهيار تام لمسارات التفاوض، وعجز المجتمع الدولي عن فرض هدنة دائمة، أو تقديم حماية فعالة للمدنيين العالقين في مناطق المواجهات.
0 تعليق