توعية أطفالنا بخطر التحرش ضرورة عاجلة.. مع دور الأسرة والمدرسة في الحماية والاحتواء

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

آراء حرة

الثلاثاء 06/مايو/2025 - 01:14 م

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 في زمن أصبحت فيه التحديات التي يواجهها الأطفال أكثر تعقيدًا، يظل موضوع التحرش واحدًا من أخطر القضايا التي تحتاج إلى وعي حقيقي وتعامل جاد من الأسرة والمدرسة معًا. فالطفل بطبيعته لا يدرك أن بعض السلوكيات قد تكون خاطئة أو ضارة، ولذلك تقع المسؤولية الأولى على عاتق الكبار في توعيته، لا بالخوف، بل بالحب، ولا بالمنع فقط، بل بالفهم والحوار، فالأسرة باعتبارها الحضن الأول للطفل، لها الدور الأكبر في غرس مفاهيم الأمان الجسدي والنفسي لديه. فمن المهم أن يتعلم الطفل من صغره أن جسده ملك له، وأن من حقه أن يقول “لا” لأي تصرف يجعله يشعر بعدم الارتياح، حتى لو جاء من شخص مقرّب. 

 وهذا لا يتحقق بالكلام الجاف أو بالتخويف، بل من خلال الحديث اليومي البسيط، والمواقف التربوية التي تُبنى على الثقة. فحينما يشعر الطفل بأن والديه مستمعان له، ويفهمان مشاعره، سيأتي إليهما من تلقاء نفسه عندما يتعرض لأي موقف غريب أو مؤذٍ. ومن الواجب أيضًا أن يُربّى الطفل على التفرقة بين اللمسة الآمنة واللمسة غير المريحة، وبين السلوك الطبيعي وغير المقبول، دون أن نجعل الأمر يبدو وكأنه سر أو عيب، بل كحق طبيعي له في الحماية والكرامة. ويجب أن نعلمه أن جسده ليس موضوعًا للضحك أو الإحراج، بل شيء يجب احترامه، من الجميع. اما عن المدرسة فهى أيضًا ليست مجرد مكان للتعليم، بل هي مساحة للحماية والرعاية النفسية. 

 من هنا، يجب أن يكون للمعلمين دور مباشر في دعم التوعية، من خلال الأنشطة المدرسية، والقصص، والحوارات التي تناقش المفاهيم بشكل غير مباشر، حتى لا يشعر الطفل بالخوف أو الرفض. كما يجب أن يتلقى المعلمون والمعلمات تدريبًا خاصًا للتعامل مع أي طفل يصرّح بموقف غير طبيعي أو يحكي عن تصرف غريب، دون إصدار أحكام، بل بالاحتواء واللجوء للطرق السليمة في التعامل. وإذا أردنا حماية حقيقية لأطفالنا، فعلينا أن نربّيهم على الثقة بأنفسهم، وعلى التعبير عن مشاعرهم، وألا نخجل من الحديث معهم في أمور الجسد والخصوصية. فالصمت لا يحمي، والتجاهل لا يُعالج، والخوف لا يمنع الضرر. إنما الحماية الحقيقية تبدأ من بيت آمن، وأب وأم حاضرين، ومدرسة تشعر الطفل أنه في أيدٍ أمينة. في النهاية، إن الطفل لا يحتاج إلى حائط من الخوف، بل إلى جسور من الحب والمعرفة. يحتاج أن يرى في والديه مصدرًا للراحة، لا للتهديد، وفي معلميه مصدرًا للتوجيه لا للزجر. وحين نجعل الحوار والصدق عادة يومية في حياة الطفل، نكون بذلك قد وضعنا أول خطوة في طريق الحماية والوعي، وأعطيناه درعًا يرافقه في كل مراحل عمره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق