أعلنت الحكومة الهندية، فجر الأربعاء، أنها شنت عملية عسكرية واسعة النطاق ضد "أهداف إرهابية" داخل باكستان، ردًا على الهجوم الدموي الذي استهدف مدينة باهالغام في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من إقليم كشمير، وأدى إلى مقتل 26 شخصًا.
وذكرت وزارة الدفاع الهندية في بيان رسمي أن العملية التي أطلقت عليها اسم "سيندور" استهدفت 9 مواقع يُعتقد أنها مراكز تدريب ومخازن تابعة لجماعات مسلحة تتخذ من الأراضي الباكستانية منطلقًا لهجماتها.
وأضاف البيان أن "الهجمات كانت دقيقة وتم تنفيذها بنجاح بواسطة مقاتلات سلاح الجو الهندي بالتنسيق مع وحدات استخباراتية خاصة."
ضربات على ثلاث جبهات: من كشمير إلى بهولبور والبنجاب
وبحسب مصادر عسكرية باكستانية، فإن الهجوم شمل إطلاق صواريخ عبر الحدود نحو ثلاث مناطق رئيسية: مظفر أباد في كشمير الباكستانية، بهولبور في إقليم البنجاب، ومحيط بيشاور شمال غرب البلاد.
ووفقًا لما نقلته وكالة "رويترز" عن مسؤولين أمنيين باكستانيين، فإن إحدى الضربات استهدفت معهدًا دينيًا في بهولبور، في حين تحدثت مصادر داخلية عن قصف مسجدين، الأمر الذي أثار حالة من الاستياء الشعبي والغضب في الأوساط الدينية والسياسية في باكستان.
وأكدت المصادر نفسها مقتل طفل واحد على الأقل وإصابة اثنين آخرين نتيجة شظايا صاروخ سقط قرب أحد الأحياء السكنية في ضواحي بيشاور.
باكستان ترد: "الهجوم لن يمر بلا عقاب"
ردّ الجيش الباكستاني لم يتأخر، إذ أصدر متحدثه الرسمي بيانًا مقتضبًا قال فيه:
"الهجوم الهندي السافر على أراضينا واستهداف منشآت دينية ومدنية لن يمر دون رد. نحتفظ بحق الرد الكامل، وفي الزمان والمكان المناسبين."
وأضاف البيان أن القيادة العسكرية العليا في باكستان اجتمعت بشكل طارئ صباح الأربعاء لتقييم الوضع ووضع سيناريوهات الرد الممكنة، وسط استعدادات عسكرية متزايدة على الحدود.
من باهالغام إلى الانفجار العسكري: كيف بدأ التصعيد؟
بدأت شرارة الأزمة الحالية بعد هجوم دامٍ في باهالغام – الشطر الهندي من كشمير – يوم الثلاثاء، حين فتح مسلحون النار على حافلة تقل سياحًا ومدنيين هنودًا، ما أدى إلى مقتل 26 شخصًا وجرح العشرات.
الحكومة الهندية لم تتردد في توجيه أصابع الاتهام إلى باكستان، متهمة إياها بـ"دعم الإرهاب العابر للحدود"، بينما نفت إسلام آباد التهمة جملة وتفصيلًا، وطالبت بـ"تحقيق دولي ومحايد" في ظروف الحادث.
لكن رد الهند العسكري جاء سريعًا وصاعقًا، ما يعكس – بحسب مراقبين – نقلة نوعية في عقيدة الردع الهندية تجاه باكستان، خاصة مع اقتراب الانتخابات العامة الهندية وتصاعد النزعة القومية داخل البلاد.
العملية العسكرية الأخطر منذ غارة بالاكوت عام 2019
بالمقارنة، تُعد "العملية سيندور" هي الأوسع منذ غارة بالاكوت التي نفذتها الهند عام 2019، بعد هجوم بولواما، والتي أدت حينها إلى اشتباك جوي بين الطرفين وكادت تشعل حربًا شاملة.
لكن اللافت في "سيندور" أنها استهدفت عمقًا مدنيًا ودينيًا، بحسب الرواية الباكستانية، وهو ما قد يُعقّد من رد فعل إسلام آباد ويُضفي بعدًا دينيًا على المواجهة.
قلق دولي ودعوات للتهدئة
ومع تصاعد وتيرة التصعيد العسكري، أعربت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن "قلق عميق" من إمكانية خروج الأوضاع عن السيطرة بين الدولتين النوويتين.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس:
"ندعو الهند وباكستان إلى أقصى درجات ضبط النفس والعمل على خفض التوتر فورًا من أجل استقرار المنطقة."
ورغم الدعوات للتهدئة، فإن الشارع الباكستاني يغلي، وسط مطالبات برد سريع، بينما في الهند، احتفى الإعلام القومي بـ"الضربة الوقائية" التي تُعزز صورة مودي كرجل قوي قبيل الانتخابات.
0 تعليق