مع تغير الفصول ودخول فصل جديد وعدم تعرض أغلب الناس لوقت كاف في اشعة الشمس خاصة في فصل الشتاء، تبدأ ملامح التعب والكآبة في الظهور على الكثيرين. لكن ما يعانيه البعض لا يقتصر على مجرد تقلبات مزاجية عابرة، بل قد يكون بداية لحالة نفسية معترف بها تُعرف باسم “الاضطراب العاطفي الموسمي” (SAD)، وتُصنف هذه الحالة كنوع من الاكتئاب المرتبط بالتغيرات الموسمية، وغالبًا ما تبدأ أعراضه في الخريف وتزداد حدةً مع قدوم الشتاء، قبل أن تتلاشى تدريجيًا بحلول الربيع.
ووفقا لـiflscience تشنل الأعراض شعورًا دائمًا بالحزن أو انخفاض الحالة المزاجية، رغبة مفرطة في النوم، نقصًا في الطاقة، فقدان الاهتمام، تقلبات في الشهية، ونوبات من القلق أو الانعزال.
أماكن انتشار الاضطراب:
تنتشر هذه الحالة بشكل أكبر في المناطق البعيدة عن خط الاستواء، مثل شمال أوروبا، أمريكا الشمالية، وبعض أجزاء آسيا وأستراليا، حيث تقل فترات النهار في الشتاء، وتُظهر الإحصاءات أن نسبة الإصابة بها تتفاوت، فعلى سبيل المثال، تصل في ولاية ألاسكا الأمريكية إلى نحو 10%، بينما لا تتجاوز 1.5% في ولاية فلوريدا.
وفي المملكة المتحدة، تشير التقديرات إلى أن واحدًا من كل خمسة أشخاص يعاني من أعراض خفيفة شبيهة بهذه الحالة، بينما يواجه نحو 2% أعراضًا تؤثر بشكل ملحوظ على حياتهم اليومية.
أسباب الاضطراب:
لا يزال السبب الدقيق وراء الاضطراب العاطفي الموسمي غير مؤكد، لكن أغلب التفسيرات تربط بين نقص التعرض لأشعة الشمس واضطراب الساعة البيولوجية، التي تنظم دورات النوم والاستيقاظ. انخفاض ضوء النهار قد يُربك هذه الساعة، مما يفسر الشعور بالخمول وتدني الطاقة خلال الشتاء.
هناك أيضًا علاقة وثيقة بين ضوء الشمس وهرموني السيروتونين والميلاتونين. فعندما تقل أشعة الشمس، ينخفض إفراز السيروتونين – وهو المادة الكيميائية المسؤولة عن تحسين المزاج – بينما يرتفع إنتاج الميلاتونين الذي يسبب النعاس، ما يُخل بتوازن الجسم النفسي.
الخبر الجيد أن التعامل مع هذه الحالة ممكن من خلال مجموعة من الوسائل. أبسطها وأكثرها فعالية هو قضاء وقت أطول في الهواء الطلق خلال ساعات النهار، إلى جانب ممارسة التمارين الرياضية، التي تعزز من إفراز هرمونات السعادة في الجسم.
أما في الحالات المتوسطة إلى الشديدة، فقد يوصي الأطباء بالعلاج السلوكي المعرفي، أو استخدام أدوية مضادة للاكتئاب من فئة مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين، التي تساعد على إعادة التوازن الكيميائي للدماغ.
من الحلول التي أثبتت فعاليتها أيضًا استخدام “مصابيح العلاج بالضوء”، وهي أجهزة خاصة تحاكي ضوء الشمس الطبيعي وتُستخدم يوميًا لفترات محددة. ويمكن العثور عليها بسهولة عبر الإنترنت أو في الصيدليات الكبرى، كما قد يُنصح بتناول مكملات فيتامين د لتعويض نقصه الناتج عن قلة التعرض للشمس، رغم أن الأبحاث لم تحسم بعد مدى فعاليتها التامة في هذا السياق.
وفي حال شعرت أن تغير الفصول بدأ يؤثر على مزاجك أو طاقتك بشكل يفوق المعتاد، فمن الأفضل ألا تتجاهل هذه الإشارات. التعامل مع الأمر في بدايته، والتحدث إلى مختص نفسي، يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في جودة حياتك اليومية.
0 تعليق