مع التقدم في السن، يزداد القلق من خطر الإصابة بالخرف، لكن دراسة حديثة كشفت أن هناك مرحلة معينة من النوم قد يكون لها تأثير وقائي ملموس ضد هذا المرض، وتشير هذه الدراسة إلى أن انخفاض نسبة “نوم الموجات البطيئة” وهو أحد المراحل العميقة في دورة النوم ومع مرور الوقت، قد يرتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالخرف لدى كبار السن، وللنوم اهمية كبيرة في الحفاظ على صحة الدماغ والوقاية من الخرف خاصة النوم العميق الذي لا يستطيع الكثير الحصول عليه.

ما هو نوم الموجات البطيئة؟
ووفقا لـ “sciencealert” يشكل نوم الموجات البطيئة، المعروف أيضًا بالنوم العميق، المرحلة الثالثة في دورة النوم التي تستغرق نحو 90 دقيقة كاملة، وخلال هذه المرحلة التي تمتد عادة من 20 إلى 40 دقيقة، ينخفض نشاط الدماغ، ويتباطأ نبض القلب، وينخفض ضغط الدم، وهو ما يساعد الجسم على الراحة التامة وتجديد النشاط.
ويُعد هذا النوع من النوم ضروريًا لتعزيز وظائف الجهاز المناعي، ودعم قوة العضلات والعظام، كما يساعد الدماغ على الاستعداد لاستيعاب المعلومات الجديدة، مما يجعله عاملًا مؤثرًا في تحسين الأداء المعرفي والذاكرة.
العلاقة بين النوم والخرف
في بحث نُشر عام 2023، تابع فريق من الباحثين بقيادة عالم الأعصاب “ماثيو بيس” من جامعة موناش الأسترالية، بيانات نوم 346 شخصًا تجاوزوا سن الستين، هؤلاء المشاركون خضعوا لفحصين خلال فترتين زمنيتين، الأولى بين عامي 1995 و1998، والثانية بين عامي 2001 و2003، ثم تمت متابعة حالتهم الصحية حتى عام 2018.
ولأن المشاركين لم يكونوا مصابين بـ الخرف عند بدء الدراسة، فإن مراقبتهم على مدى السنوات اللاحقة أتاح فرصة فريدة لتقييم مدى تأثير تراجع نوم الموجات البطيئة على احتمالية تطور المرض.
*نتائج لافتة: كل انخفاض بنسبة 1% يرتبط بزيادة الخطر
كشف التحليل عن أن كل انخفاض سنوي بنسبة 1% في نوم الموجات البطيئة يترافق مع زيادة خطر الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 27%. وعند التركيز على داء ألزهايمر، الذي يُعد أكثر أشكال الخرف شيوعًا، ارتفعت النسبة إلى 32%.
ولاحظ الباحثون أن هذا التراجع في النوم العميق يبدأ عادة بعد عمر الستين، ويبلغ أقصى درجاته ما بين 75 و80 عامًا، قبل أن يستقر بعد ذلك.
عوامل إضافية تؤثر في العلاقة
الدراسة أيضًا أخذت في الاعتبار عدة مؤشرات صحية أخرى مثل تقلص حجم الحُصين، وأحد أبرز العلامات المبكرة للإصابة بألزهايمر وإلى جانب بعض العوامل مثل وجود الجين الوراثي (APOE ε4) المرتبط بارتفاع خطر الإصابة بـ الخرف، واستخدام أنواع من الأدوية التي قد تؤثر على جودة النوم وعدم الحصول على النوم العميق .
وأشارت النتائج إلى أن الأشخاص الذين يعانون من انخفاض في نوم الموجات البطيئة غالبًا ما يكونون أكثر عرضة أيضًا للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مما قد يسهم بدوره في تسريع ظهور أعراض الخرف.
علاقة قلة النوم بالخرف
رغم أن الدراسة أظهرت ارتباطًا واضحًا بين قلة النوم العميق وزيادة خطر الإصابة بالخرف، إلا أن العلماء لم يؤكدوا وجود علاقة سببية مباشرة وفقد يكون تراجع النوم مجرد عرض مبكر لتغيرات دماغية تؤدي لاحقًا إلى الإصابة بالخرف، وليس العامل المسبب له ولهذا أوصى الباحثون بإجراء المزيد من الدراسات المعمقة لفهم العلاقة بشكل أدق.
كيف نحمي أنفسنا من هذا الخطر الصامت؟
من المؤكد أن النوم الجيد لا يقتصر أثره على الراحة فقط، بل يتعداه إلى تحسين الذاكرة، وتقوية الوظائف الإدراكية، والمساهمة في الوقاية من التدهور العقلي ولزيادة فرص الحصول على نوم عميق صحي، يُنصح باتباع مجموعة من العادات مثل:
• الحفاظ على مواعيد نوم واستيقاظ منتظمة.
• تقليل التعرض للشاشات قبل النوم.
• ممارسة النشاط البدني بانتظام.
• تجنب الكافيين والوجبات الثقيلة قبل النوم.
ويمكن تلخيص ما سبق ، أن النوم العميق ليس مجرد راحة للجسد، بل هو أداة دفاع قوية في وجه الأمراض العصبية التي تظهر مع التقدم في السن. وبينما لا تزال هناك أسئلة بحاجة إلى إجابات علمية قاطعة، فإن السعي للحصول على نوم صحي وعميق يبدو خطوة بسيطة لكنها فعالة في تقليل خطر الإصابة بالخرف.
0 تعليق