بالفعل الجريمة لا تفيد حيث تشهد العديد من دول العالم الثالث تنامى في معدلات الجريمة، ما يطرح تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة المقلقة.
يتناول هذا التقرير تحليلاً لأهم العوامل التي تسهم في ارتفاع معدلات الجريمة في هذه الدول، مع التركيز على الآراء المتخصصة من الأطباء النفسيين وعلماء الاجتماع، فقد يكون ابرز العوامل على حد قول الاطباء النفسيين الفقر والبطالة وكما يرى علماء الاجتماع افتقار المجتمع لضرورة ملحة هى ضرورة توفير الدعم النفسى والاجتماعى للأطفال والنساء والمراهقين لعلاج هذه الظاهرة.
عدوى الصراعات الدائرة حولنا فى المقام الاول
إذن، هى عدوى من الصراعات الدائرة حولنا فى المقام الاول، فعلى مر الأسابيع الماضية شهدت الحدود المصرية المشتركة غربا مع ليبيا وجنوبا مع السودان اشتباكات عنيفة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الإرهابيين خلال تمشيط المنطقة، حيث عثرت قوات الأمن على مخابئ أسلحة وقنابل كانت في طريقها إلى داخل البلاد.
يأتي هذا الحادث في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتدهور الأوضاع الأمنية في دول الجوار، ويستدعي التناول لكشف ملابسات الاشتباكات وهوية المتورطين، ومن الضروري تتبع مصدر الأسلحة والمتفجرات، وتحديد الجهة التي كانت تعتزم استخدامها داخل مصر، هل هي جماعات إرهابية، أم شبكات تهريب، أم جهات خارجية تسعى لزعزعة الاستقرار؟ وتحليل الأدلة المادية لتقديم صورة واضحة للجمهور،هل يصدر لنا الجريمة ما يحدث من التوتر والصراع حولنا بمرور الوقت؟
تقرير الإنتربول 2024
من جانبه قال الخبير الامنى ومساعد وزير الداخلية الاسبق اللواء أشرف أمين لـ"البوابة نيوز": استنادًا إلى تقرير الإنتربول لعام 2024 حول اتجاهات الجريمة العالمية، يقدم التقرير نظرة عامة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) فيما يتعلق بتنامي الجريمة: الاتجار بالسلائف الكيميائية يعتبر التهديد الأكبر والأكثر عرضة للزيادة في المستقبل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقًا لـ89% من المستجيبين.
وأشار الى ان جرائم تعاطى واتجار المخدرات حيث يشير التقرير إلى أن سوق القنب هو الأكثر انتشارًا في شمال أفريقيا. ومع ذلك، فإن أكبر كميات من الأمفيتامين المصادرة على مستوى العالم تأتي باستمرار من الشرق الأوسط، حيث يتم إنتاج غالبيتها، خاصة حبوب الكبتاجون.
الجرائم الإلكترونية
ويكمل: أما عن الجرائم الإلكترونية فإنها تحتل مرتبة عالية بين التهديدات الحالية (78%) والمستقبلية (89%)، ويذكر التقرير أن بعض دول الشرق الأوسط من بين الدول الأكثر استهدافًا في العالم للجرائم الإلكترونية، ويبدو أن المجرمين الإلكترونيين في هذه المنطقة يستهدفون بعناية الصناعات التي تمتلك بيانات حساسة للعملاء بهدف تحقيق أقصى قدر من المكاسب المالية. تشمل هذه الجرائم اختراق الكمبيوتر وهجمات التصيد الاحتيالي وبرامج الفدية.
ويختتم كلامه لـ"البوابة نيوز" بالتحذير من عدوى تنامى الجريمة خاصة معدلات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين وتلك الجريمتان يعتبران أيضًا من الأسواق الإجرامية المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة، بشكل عام، يشير التقرير إلى أن الجريمة المنظمة في المنطقة من المحتمل أن تتفاقم بسبب نقاط الضعف المرتبطة بالصراع وعدم الاستقرار والفساد، بالإضافة إلى الفرص الإجرامية الوفيرة مثل وجود الموارد الطبيعية والمعادن والأخشاب والحياة البرية. كما أن التهديد بالإرهاب آخذا في الازدياد بشكل ملحوظ.
العوامل المؤدية لارتفاع معدلات الجريمة

من جانبها قالت رئيسة قسم الطب النفسي في كلية طب القصر العيني بجامعة القاهرة الدكتورة منى الرخاوي لـ"البوابة نيوز": يعتبر الفقر المدقع والبطالة من أبرز العوامل التي تدفع الأفراد إلى ارتكاب الجرائم، حيث يضطر البعض إلى اللجوء إلى أنشطة غير قانونية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
تدهور الأوضاع الاقتصادية
رد فعل
وتابعت: التفاوت الاجتماعي والاقتصادي: يؤدي التوزيع الغير عادل للثروة القومية لدول العالم الثالث ،الى تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء وإلى خلق حالة من الاستياء والإحباط لدى الفئات المهمشة، ما قد يدفعهم إلى ارتكاب الجرائم كرد فعل على الظلم والقهر الاجتماعي.
الصراعات الجيوسياسية
وأكدت منى الرخاوى، أن الصراعات والحروب تؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، خاصة الصراعات الجيوسياسية التى تعمل على تفكك النسيج الاجتماعي، وانتشار العنف يكل صوره، ما يخلق بيئة خصبة لنمو الجريمة.
دور الأسرة والمجتمع
وأردفت: التغيرات الاجتماعية والثقافية السريعة، مثل التحضر السريع وتراجع دور الأسرة والمجتمع، قد يؤدي إلى تفكك القيم التقليدية وظهور أنماط سلوكية جديدة تسهم في زيادة الجريمة.
الاهتمام بالصغير حتى يكبر
وحذرت منى الرخاوي: من انتشار تعاطي المخدرات والاتجار بها باعتبارهما من المشكلات الخطيرة التي تسهم في زيادة معدلات الجريمة، حيث يدفع الإدمان الأفراد إلى ارتكاب جرائم للحصول على المال اللازم لشراء المخدرات نتيجة وقوعهم فى براثن الادمان.
اضطرابات نفسية

فى ذات السياق قالت رئيس قسم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة عين شمس أ.د. حنان محمد سالم لـ"البوابة نيوز": أن العديد من الجرائم التي تحدث في دول العالم الثالث تعود إلى اضطرابات نفسية لم يتم تشخيصها أو علاجها، مثل اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع واضطرابات السيطرة على الانفعالات. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعرض للعنف والصدمات النفسية في سن مبكرة يمكن أن يزيد من احتمالية ارتكاب الجرائم في المستقبل".
توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين من الجريمة
وأوضحت الدكتورة حنان: أن "الجريمة في دول العالم الثالث ظاهرة معقدة ومتعددة الأبعاد، ولا يمكن اختزالها في عامل واحد. هناك تفاعل بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تسهم في ارتفاع معدلات الجريمة. من الضروري تبني نهج شامل لمعالجة هذه المشكلة، يتضمن تحسين الأوضاع المعيشية، وتعزيز المؤسسات الحكومية، وضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين من الجريمة".
معالجة المشكلة تتطلب جهوداً من الحكومات والمجتمع المدني
ويتضح من التقرير أن ارتفاع معدلات الجريمة في دول العالم الثالث هى عدوى من الصراعات الدائرة خولنا فى المقام الاول يعود إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، بما في ذلك الفقر والبطالة، والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي، وضعف المؤسسات الحكومية، والصراعات والحروب، والتغيرات الاجتماعية والثقافية، وانتشار المخدرات.
ويتفق الأطباء النفسيون وعلماء الاجتماع على أن معالجة هذه المشكلة تتطلب جهوداً متضافرة من قبل الحكومات والمجتمع المدني، من خلال تبني سياسات شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتوفير الدعم اللازم للفئات المهمشة.
0 تعليق