وعود استثمارية ضخمة تتوج مباحثات وكالة التنمية الفرنسية بالأقاليم الجنوبية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعلن المدير التنفيذي لمجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية، ريمي ريو، أن المجموعة ستشرع ابتداء من هذه السنة في توجيه استثمارات مباشرة نحو الأقاليم الجنوبية للمملكة، انسجاما مع التزام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الرسمية الأخيرة إلى المغرب، وتعزيزا لمسار التنمية المستدامة على كامل التراب الوطني، وذلك في إطار مقاربة تشاركية بين المغرب وفرنسا.

جاء هذا الإعلان عقب المحادثات التي عقدها ريو، صباح السبت بمدينة العيون، مع كل من عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، وسيدي حمدي ولد الرشيد، رئيس مجلس جهة العيون، ومولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس جماعة العيون، وأعرب خلالها عن “خالص شكره وامتنانه العميقين للاستقبال الذي حظي به هو والوفد المرافق له من لدن السلطات المحلية والمنتخبة”، مبرزا أهمية هذه اللقاءات في تعميق التواصل وتعزيز الثقة بين فرنسا والمغرب على المستوى الإقليمي.

وأوضح ريو، خلال زيارة ميدانية شملت ميناء العيون والمعهد الإفريقي للأبحاث في الفلاحة المستدامة (ASARI)، أنه جاء إلى الأقاليم الجنوبية “للاستماع إلى الشباب والسلطات والمنتخبين لتحديد سبل التدخل الفعّالة التي يمكن أن تقدمها الوكالة الفرنسية للتنمية عبر التمويل والخبرة”، مشيرا إلى أن “الهدف هو استثمار الطاقات وتحويل البنيات التحتية القائمة إلى فرص شغل ملموسة تستجيب لتطلعات الساكنة، خاصة فئة الشباب”.

وأضاف أن هذه الزيارة، التي تشمل أيضا مدينة الداخلة، تندرج في إطار “مقاربة ميدانية وإنصات فعلي لتعزيز التنمية المجالية، ودعم الحركية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية”.

استثمار واعد

وذكر المدير التنفيذي للوكالة الفرنسية للتنمية، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هناك توجها لإطلاق تمويلات بشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، من أجل “دعم مشاريع إزالة الكربون من سلسلة الفوسفاط، وتوسيع هذه المشاريع لتشمل الأقاليم الجنوبية”، موضحا أنه “من المحتمل أن تبلغ قيمة التمويلات حوالي 150 مليون يورو”.

كما أبرز في المحادثات التي عقدها بمقر ولاية العيون أن “الصحراء المغربية تمثل نقطة وصل بين المغرب وبلدان جواره الإفريقي”، مؤكدا أن “الاستثمار فيها يندرج ضمن رؤية شاملة تتقاسمها فرنسا مع المغرب بخصوص التعاون الإقليمي في القارة الإفريقية، عبر دعم مبادرات مثل المنصة الفلاحية الجديدة بقيادة مجموعة OCP، وتمويل سلاسل القيمة الفلاحية، والمساهمة في الاقتصاد الأزرق المستدام والأمن الغذائي”.

وشدد ريو على أهمية إشراك القطاع الخاص في هذه الدينامية التنموية، مشيرا إلى ضرورة جذب المستثمرين والمقاولات إلى المناطق الصناعية المُهيأة بالأقاليم الجنوبية، وقال: “عندما أعود إلى باريس، سأحمل رسالة واضحة إلى الفاعلين الاقتصاديين الفرنسيين مفادها أن هناك فرصا حقيقية في الصحراء المغربية، واستثمارنا عبر AFD هو إشارة قوية لهم لتشجيعهم على الانخراط”.

وختم المسؤول الفرنسي حديثه بالتأكيد على أن “الانتقال الطاقي، والإدماج الاقتصادي للشباب والنساء، والحفاظ على الموارد المائية، اهتمامات ستظل في صلب أولويات التعاون المغربي الفرنسي من خلال مشاريع ملموسة تسهم في التنمية الشاملة والجهوية المتوازنة”.

آفاق اقتصادية

من جانبه، نوّه عبد السلام بكرات، والي جهة العيون-الساقية الحمراء، خلال المحادثات التي جمعته بالمدير التنفيذي لمجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية، ريمي ريو، بأهمية هذه الزيارة في تعزيز التعاون الاقتصادي بين المغرب وفرنسا، مؤكدا أن “الأقاليم الجنوبية تتوفر على مؤهلات استراتيجية تجعل منها منصة واعدة للاستثمار المنتج والشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص”.

وأوضح والي الجهة أن الأقاليم الجنوبية أضحت بفضل التوجيهات الملكية السامية قطبا اقتصاديا صاعدا على المستوى القاري، عبر مشاريع بنية تحتية متكاملة، ومناطق صناعية جاهزة، وميناء جديد قيد الإنجاز سيفتح آفاقا واسعة للتصدير والربط البحري، موردا أن “هذه المؤهلات تجعل من العيون وجهة مفضلة للاستثمارات الفرنسية المستدامة، خصوصا في مجالات الطاقات المتجددة، الاقتصاد الأزرق، والفلاحة المندمجة”.

وذكر بكرات أن الدينامية التنموية التي تشهدها الجهة تُترجمها مؤشرات واضحة على مستوى جاذبية الاستثمارات، واندماج المشاريع في محيطها الاجتماعي، وتوفر اليد العاملة المؤهلة، مشددا على أن “المقاربة التنموية المعتمدة تركز على خلق فرص الشغل وتحقيق العدالة المجالية، مما يعزز استقرار المنطقة ويجعلها نقطة وصل اقتصادية بين المغرب وعمقه الإفريقي”.

وفي هذا السياق، عبّر والي جهة العيون عن ترحيبه بكافة المبادرات التي من شأنها أن تساهم في تنويع الشراكات وتحفيز المقاولات الفرنسية على الاستثمار في الجهة، مؤكدا استعداد السلطات المحلية لمواكبة هذه الدينامية وتيسير كل الشروط الملائمة لإنجاح المشاريع ذات القيمة المضافة العالية.

شراكة استراتيجية

بدوره، سلط رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، سيدي حمدي ولد الرشيد، خلال اللقاء ذاته، الضوء على المؤهلات الاقتصادية المتميزة التي تزخر بها الجهة، لافتا إلى أن “النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية مكّن من إرساء بنية تحتية متقدمة، وخلق مناخ أعمال جاذب للاستثمارات، خصوصا في مجالات الطاقات المتجددة، والصناعة، والخدمات اللوجستيكية”.

وأكد ولد الرشيد أن مجلس الجهة يضع ضمن أولوياته تشجيع الاستثمارات المهيكلة، وتطوير منظومات الإنتاج المحلية، مع التركيز على إدماج الشباب والنهوض بالرأسمال البشري، مشددا على أهمية التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها الوكالة الفرنسية للتنمية، من أجل تسريع وتيرة إنجاز المشاريع الكبرى، ودعم الابتكار والتنمية المستدامة في مختلف أقاليم الجهة.

كما عبّر رئيس الجهة عن استعداد المجلس لتعزيز الشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية، خاصة فيما يتعلق بتمويل المشاريع ذات الوقع الاقتصادي والاجتماعي، داعيا إلى استكشاف آفاق جديدة للتعاون الثلاثي تشمل بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك انسجاما مع التوجهات الملكية الرامية إلى تعزيز العمق الإفريقي للمملكة عبر أقاليمها الجنوبية.

التعاون المشترك

وفي السياق ذاته، عقد المدير التنفيذي للوكالة الفرنسية للتنمية مباحثات ثنائية مع مولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس الجماعة الترابية لمدينة العيون، الذي أثنى بدوره على زيارة ريمي ريو والوفد المرافق له، الذي يضم شخصيات بارزة من وكالة التنمية، من بينهم المستشار بسفارة فرنسا بالرباط كيتري بونسون، ومديرة الوكالة الفرنسية للتنمية بالمغرب باسكال كولانج، والمسؤول عن ملف المغرب بقسم إفريقيا داخل الوكالة باتريك بابازيان، ونائب مدير القسم القانوني أنطوان لوكانو، ومستشار للشراكات الاستراتيجية والتعبئة المالية، والمسؤولة عن قضايا التنمية البشرية بالوكالة أودري غيرال نابيلس.

وخلال هذا اللقاء، أشاد ولد الرشيد بأهمية هذه الزيارة التي تعكس الدينامية الجديدة في العلاقات المغربية الفرنسية، لا سيما على مستوى تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي في جهات الصحراء المغربية، مؤكدا أن “مدينة العيون أصبحت وجهة اقتصادية إقليمية، بفضل المشاريع التنموية الكبرى التي أُطلقت في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية”.

وثمّن رئيس جماعة العيون انخراط مجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية في دعم المسار التنموي بالأقاليم الجنوبية، مشيرا إلى أن “المدينة بما تتوفر عليه من بنى تحتية حديثة ومؤهلات استثمارية تشكل أرضية خصبة لإطلاق شراكات جديدة مع الفاعلين الاقتصاديين الفرنسيين، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة، التحول الصناعي، الاقتصاد الأزرق، وتثمين الموارد البحرية”.

وفي معرض كلمته، عرج ولد الرشيد على الأبعاد الاستراتيجية لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد واقعي وذي مصداقية لهذا النزاع المفتعل، مبرزا أن “الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية اللذين تعرفهما المنطقة يفتحان آفاقا حقيقية للاستثمار، ويعززان موقع الصحراء المغربية كجسر للتعاون جنوب-جنوب بين أوروبا وإفريقيا”.

وسجل المسؤول الجماعي ذاته أن المقاربة التنموية التي يقودها المغرب في أقاليمه الجنوبية، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، تشكل فرصة حقيقية لشركاء المملكة، وفي مقدمتهم فرنسا، للمساهمة الفعلية في إنجاح هذا النموذج وتحقيق منافع مشتركة للجانبين.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال مولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس المجلس الجماعي للعيون، إن زيارة المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية إلى مدينة العيون تمثل لحظة مهمة لاستعراض الدينامية التنموية التي تشهدها المدينة، بفضل الرؤية الملكية المتبصرة، التي جعلت من العيون قطبا حضريا صاعدا يتمتع بكل مقومات التنمية المستدامة.

وأضاف أن اللقاء شكّل فرصة لبحث مجالات التعاون بين الجماعة الترابية والوكالة الفرنسية، مشيرا إلى أن “رئيس المؤسسة عبر عن إرادة قوية لدعم عدد من القطاعات الحيوية، على رأسها الماء والتطهير السائل، إضافة إلى المساهمة المرتقبة في إنجاز مشروع ميناء العيون، الذي يعد من الأوراش الاستراتيجية الكبرى ذات البعد التنموي والاقتصادي”.

وأكمل ولد الرشيد تصريحه بالتشديد على أن الجماعة تولي أهمية خاصة لاستكمال ربط الأحياء المتبقية بشبكة الصرف الصحي، لما له من أثر مباشر على جودة الحياة في المدينة، مشددا على أن “تحسين البنيات التحتية البيئية يظل من أولويات المجلس لتعزيز جاذبية العيون كوجهة للاستثمار والتنمية”.

حري بالذكر أن المغرب يعد الشريك الأول لمجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية على الصعيد العالمي؛ إذ استثمرت الأخيرة أزيد من 7 مليارات يورو خلال العقود الثلاثة الماضية، في دعم مشاريع وإصلاحات رائدة يقودها الفاعلون المغاربة في القطاعين العام والخاص.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق