آراء حرة
السبت 10/مايو/2025 - 10:11 م
ترتقى الأمم بالعلم، وتتهذب أخلاق شعوبها بالعلم، وتتميز بين البلاد بمدى التقدم العلمى الذى تتمتع به، ذلك التقدم لا يحدث بدون كوادر تبحث فى مجالات العلم المختلفة وتصل إلى ما هو جديد فى العلوم الهندسية والطب والفضاء والصناعة وتصنيع الدواء.. إلخ، هؤلاء هم قاطرة التقدم فى أى دولة؛ باحثو الماجستير والدكتوراه والدبلومة والزمالة، صفوة المجتمع، أنُاس لم يكتفوا بالتعليم الجامعى الذين حصلوا عليه، ولكن زادهم من الطموح والحُلم لتحقيق المزيد من التقدم العلمى لدولتهم، يحلم المهندس أن يخترع ماكينات حديثة جديدة لمصانع الجمهورية الجديدة، ويحلم الصيدلى أن يصل إلى تركيبة دواء جديد لمرض خبيث ينُسب اسمه إلى مصر، ويحلم الطبيب أن يصل من خلال البحث العلمى إلى حقيقة علمية جديدة، ويحلم المبرمج أن يصل إلى بروتوكولات جديدة فى الأمن السيبرانى.
ولأن دولة الثلاثين من يونيو هى دولة ولدت من رحم الألم وكتبت عهدًا جديدًا فى تاريخ الدولة المصرية، ولأنها حالة أفرزها الشعب المصرى وتلك الكوادر المفعمة بحب الوطن ورفعته، أوقن أنها تهتم بهذه الفئة من طلاب الدراسات العليا، ولذا يحق القول بأن نلتفت إلى المشاكل والتحديات التى تواجه هؤلاء حتى لا يعيقهم شئ.
فربما قد تكون البيروقراطية هى واحدة من التحديات التى تواجه طلاب الدراسات العليا فى الجامعات المصرية، والتى لابد من التغلب عليها حتى لا تستنفذ وقت الطالب وتلهيه عن البحث والعمل، وغياب التمويل قد يكون هو العامل الأهم؛ فأى رسالة أو بحث علمى يحتاج إلى مصدر للتمويل ولكننا نعلم جميعًا مدى قوة وصلابة المواطن المصرى الذى يستطيع أن يعمل بأقل الإمكانات وفى أصعب الظروف مهما كانت مهمته العملية أو العلمية، ومن هنا يجب أن يجد هؤلاء كل الدعم والمساعدة من قبل الأساتذة لا التعنت أو فن عرقلة الأبحاث والرسائل والامتحانات والمماطلة والسلوك السلبى مع الباحث، أو المحسوبية أو التمييز حسب الأهواء الشخصية من قبل البعض، فذلك يعتبر خيانة لمصلحة الوطن، والذى قد يتسبب فى نفور طلاب الدراسات العليا عن التسجيل فى الجامعات المصرية واللجوء إلى الزمالات الأجنبية، بل عليهم تمرير العلم وتبسيطه ودعم الباحثين واحترامهم، وعلى رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، تذليل العقبات أمام هؤلاء وخلق عوامل جذب للدراسة فى تلك الجامعات والبعد عن الأساليب التقليدية فى الدراسة وفتح أفق للإبداع والأفكار الجديدة والمشاريع العملية فى الكليات العملية مثل مقترح بروتوكول علاج جديد أو دواء جديد أو ماكينات تضاعف الإنتاج ويكون النجاح والرسوب على حسب قيمة المقترح المقدم من طالب الدراسات العليا الذى يضيف للدولة ولاقتصادها ولشعبها وليس على أى حساب آخر أو التفرقة بين المعيد والطالب الخارجى، أو على حسب الحفظ والصم للمعلومات، بل أيضًا جذب وافدين دارسين من الدول العربية للدراسة فى الجامعات المصرية مما يزيد من دخل تلك الجامعات ويحقق الريادة العلمية لها ويعلى من تصنيفها ويجعل منها منارة للعلم فى الوطن العربى والإفريقى.
قال الرئيس السيسى يومًا ما، أن تلك الأمة لن تُبنى إلا بسواعد أبنائها وعقولها وشجع الشباب على تعلم البرمجة والميكنة والاستزادة بمهارات جديدة، لذا يجب أن يتُهم كل من يعرقل طلاب الدراسات العليا عن البحث العلمى بالخيانة العظمى لمصلحة الوطن. فإذا استشعر أستاذ جامعى الحرج أن يمنح درجة الدكتوراه أو الماجستير كى لا يتساوى مع طالبه، فهو لا يدرك مدى الخيانة التى يفعلها فى حق الوطن.
طالب الدراسات العليا هو طالب انتحارى، يعمل كى يوفر المال اللازم للحياة، ويستمر فى عمله صباحًا لأنه لا يوجد فرصة كبيرة فى القانون تسمح له بأجازة بهدف الدراسة، يتكبد أموالًا طائلة من أجل البحث والرسالة ورسوم الجامعة، ومنتظر منه أن يقدم لنا إنجازًا جديدًا، لذا علينا وعلى كل إدارات الجامعات أن تكون داعمة وبشدة لكل هؤلاء وتذليل كل العقبات أمامهم حتى تصل جامعاتنا إلى مكانة مرموقة على الأقل فى الوطن العربى وإفريقيا فلا تكون جامعات طاردة للكوادر بل جاذبة للجميع من مختلف الجنسيات.
0 تعليق