باكستان تتهم الهند برعاية الإرهاب.. صراع مفتوح يهدد جنوب آسيا

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وجهت باكستان اتهامات رسمية للهند برعاية وتمويل جماعات إرهابية تعمل على زعزعة الاستقرار داخل الأراضي الباكستانية، مشيرة إلى أن نيودلهى باتت «طرفًا مباشرًا فى الإرهاب العابر للحدود» وفق تعبير المدير العام للعلاقات العامة للجيش الباكستاني.

وقال المسئول العسكري البارز، فى تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام دولية، إن هناك «معسكرات إرهابية نشطة داخل الأراضى الهندية»، وإن السلطات الهندية «تعترف ضمنيًا بدعمها لجماعات مسلحة تنشط فى إقليم بلوشستان»، وهو الإقليم المضطرب الذى لطالما شكّل محورًا للخلاف الأمنى والسياسي بين الجانبين.

وأشار المتحدث إلى أن "الهند متورطة فى دعم الإرهاب ليس فقط داخل باكستان، بل وحتى فى كندا"، فى إشارة إلى الأزمة الدبلوماسية التى نشبت العام الماضي بين نيودلهي وأوتاوا بعد اغتيال الزعيم السيخى هارديب سينغ نيجار، وما تبعها من اتهامات مباشرة لأجهزة الاستخبارات الهندية بالتورط فى العملية.

كما شدد المسئول الباكستانى على أن نيودلهى "تدعم عددًا من الجماعات الإرهابية الفاعلة داخل باكستان"، وعلى رأسها "حركة طالبان باكستان" المحظورة، والتى وصفها بـ"فتنة الخوارج"، وهو توصيف يُستخدم فى الخطاب الرسمي لوصف الجماعات المسلحة التى تتبنى فكرًا متطرفًا وتستهدف المدنيين والعسكريين على حد سواء.

وقال: "الوقت قد حان لتوجيه الأسئلة إلى الحكومة الهندية"؛ مطالبًا المؤسسات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب والنظام الدولي القائم على القانون بـ"تحمل مسئولياته إزاء هذا السلوك العدواني وغير القانونى من جانب دولة نووية".

وأضاف أن أحد أهداف الهجوم الأخير فى منطقة باهالجام الواقعة في الشطر الهندي من إقليم كشمير، والإجراءات التي اتخذتها نيودلهي لاحقًا، كان يتمثل فى "تحويل انتباه القوات المسلحة الباكستانية عن عمليات مكافحة الإرهاب التي تنفذها يوميًا في المناطق الحدودية والداخلية".
وأوضح أن "محاولات الهند لصرف أنظار قوات الأمن الباكستانية عن المعركة الحقيقية ضد الإرهاب لن تنجح، وأن باكستان، حكومةً وجيشًا وأجهزة أمنية، ستواصل ملاحقة الجماعات المسلحة الممولة خارجيًا حتى القضاء التام عليها".

جذور التوتر المستمر بين الهند وباكستان

وتأتى هذه الاتهامات فى ظل العلاقات المتوترة تاريخيًا بين البلدين، والتي شهدت ثلاث حروب رئيسية منذ استقلالهما عن بريطانيا عام ١٩٤٧. ويُعد إقليم كشمير المتنازع عليه أحد أبرز بؤر النزاع، حيث تطالب كل من الهند وباكستان به كاملًا، رغم سيطرة كل طرف على جزء منه.
وخلال العقود الماضية، تبادلت الدولتان الاتهامات بدعم جماعات مسلحة على أراضى بعضهما البعض. 

وتتهم الهند باكستان بإيواء جماعات مثل "جيش محمد" و"لشكر طيبة"، واللتين تتهمهما نيودلهى بتنفيذ هجمات داخل الأراضى الهندية، بما فى ذلك الهجوم الدامى على مومباى عام ٢٠٠٨.


من جهتها؛ تقول باكستان إن الهند تسعى لتقويض استقرارها الداخلي، لا سيما فى إقليمي بلوشستان وخيبر بختونخوا، من خلال تمويل جماعات انفصالية ومتشددة، وتتهم نيودلهى بإدارة شبكات استخباراتية فى الأراضي الأفغانية سابقًا لهذا الغرض.


وفى عام ٢٠١٦، ألقت السلطات الباكستانية القبض على كلبوشان جاداف، الذى قالت إنه ضابط فى البحرية الهندية يعمل لصالح الاستخبارات الهندية (RAW)، واتهمته بالتجسس ودعم الانفصاليين فى بلوشستان، وقد تسبب اعتقاله فى أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين.


الموقف الدولى وردود الأفعال


الادعاءات الباكستانية تأتى فى وقت تشهد فيه الهند انتقادات دولية متزايدة بشأن دورها فى أنشطة استخباراتية خارجية. ففى كندا، فتح تحقيق رسمي فى قضية اغتيال الزعيم السيخى نيجار، وسط ضغوط من البرلمان الكندي لكشف نتائج التحقيقات، ما أدى إلى توتر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وفى الولايات المتحدة، كانت وزارة العدل قد أعلنت أواخر عام ٢٠٢٣ عن توجيه اتهامات لمواطن هندى بمحاولة اغتيال معارض سيخى يقيم فى نيويورك، وهى قضية أثارت ردود فعل حادة، ووُصفت بأنها "اختبار للحدود بين العمليات الاستخباراتية وبين الإرهاب المدعوم من دولة".


في هذا السياق؛ قالت باكستان إنها ترى فى هذه الحوادث "دليلًا إضافيًا على النهج العدوانى الذى تتبعه الهند ضد المعارضين، سواء داخل حدودها أو خارجها"، داعية المجتمع الدولى إلى اعتماد آلية مراقبة للتحقيق فى الاتهامات المتعلقة بالإرهاب العابر للحدود فى جنوب آسيا.


ولم تصدر الهند ردًا رسميًا بعد على الاتهامات الأخيرة الصادرة عن الجيش الباكستاني، لكن مصادر هندية غير رسمية وصفتها بـ"الدعاية السياسية" و"محاولة لتصدير الأزمات الداخلية فى باكستان إلى الخارج"، على حد تعبيرها.


أبعاد أمنية وإقليمية واستشراف التصعيد


التصريحات الباكستانية جاءت فى وقت تكثف فيه قوات الأمن الباكستانية عملياتها العسكرية ضد حركة طالبان باكستان فى المناطق الحدودية مع أفغانستان، حيث تشن الجماعة هجمات شبه يومية تستهدف عناصر الأمن والجيش، فى وقت يشهد فيه المشهد السياسي الباكستاني حالة من الارتباك بعد الانتخابات الأخيرة.


ويرى مراقبون أن التوتر بين البلدين يهدد بجرّ المنطقة إلى مزيد من الاضطرابات، خصوصًا مع قرب إجراء الانتخابات العامة فى الهند، حيث يُعرف عن الحكومة الحالية فى نيودلهي استخدامها لخطاب قومى حاد ضمن الحملات الانتخابية.


ويؤكد خبراء في العلاقات الدولية أن الاتهامات المتبادلة بين الجانبين تُستخدم سياسيًا فى كثير من الأحيان، لكنها في الوقت ذاته تعكس وجود أزمة ثقة حقيقية بين أكبر دولتين فى جنوب آسيا، وهى أزمة مرشحة للتفاقم في ظل غياب حوار مباشر وآليات إقليمية فعالة لنزع فتيل الأزمات.


ورغم أن الاشتباك بين الطرفين لم يتخذ بعد شكل حرب مفتوحة، إلا أن مظاهر الصراع قائمة بالفعل، وتتمثل في العمليات الاستخباراتية، والدعم غير المباشر لجماعات مسلحة، والحملات الإعلامية الممنهجة.

وما لم تُبذل جهود دولية وإقليمية لضبط الإيقاع المتسارع لهذا التوتر، فقد تدخل المنطقة مرحلة خطرة من "الاستنزاف الأمني" المتبادل، في ظل هشاشة البيئة السياسية داخل كل من الهند وباكستان.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق