في خضمّ حرب متواصلة توصف بأنها من "أكثر النزاعات دموية في القرن الحادي والعشرين"، أعلنت حركة حماس عن إطلاق سراح عيدان ألكسندر، الجندي الإسرائيلي ذو الجنسية الأميركية، في خطوة وصفتها القاهرة والدوحة بأنها "بادرة حسن نية" قد تمهّد الطريق لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، الذي يرزح تحت حصار خانق وعدوان متصاعد منذ أكثر من سبعة أشهر.
ورغم ما تحمله الخطوة من بعد إنساني ورسالة سياسية، سارع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التأكيد أن إسرائيل "غير ملزمة بأي وقف لإطلاق النار أو إطلاق لسجناء" مقابل الإفراج عن ألكسندر، مشدداً على أن "الالتزام الوحيد هو تأمين ممر آمن له".
وبينما يستعد الجيش الإسرائيلي لتكثيف عملياته العسكرية في قطاع غزة، بحسب تصريحات إسرائيلية رسمية، أشار مصدر سياسي إسرائيلي رفيع إلى أن عملية الإفراج لم تُقابل بأي تنازل إسرائيلي، وأن المفاوضات بشأن صفقة تبادل أوسع ما تزال قائمة، لكنها مشروطة بقبول "حماس" للعرض الأميركي الجديد، والذي يتضمن وقفاً مؤقتاً للحرب دون تعهدات مستقبلية.
تفاؤل حذر وضغط تكتيكي
في المقابل، أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ترحيباً قوياً بالإفراج عن ألكسندر، واصفاً إياه بأنه "خطوة اتخذت بحسن نية لإنهاء الحرب الوحشية للغاية في غزة"، مؤكدًا أن الإفراج يمثّل بارقة أمل وسط المأساة الإنسانية المستفحلة.
كما صرّح المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الرهائن آدم بوهلر بأن الإفراج عن ألكسندر "خطوة إيجابية"، لكنه طالب "حماس" بتسليم جثامين أربعة أميركيين آخرين تحتجزهم الحركة.
مرونة سياسية
وفي بيان رسمي، أعلن خليل الحية، رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة، أن الحركة أبدت "إيجابية عالية" خلال الاتصالات مع الإدارة الأميركية، وأنها مستعدة للانخراط في مفاوضات مكثفة بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف الحرب، يشمل تبادل أسرى، ورفع الحصار، وإعادة الإعمار، وإدارة مدنية مهنية للقطاع تكفل الأمن والاستقرار.
وأكدت "حماس" استعدادها لبحث وقف طويل الأمد لإطلاق النار يضمن عدم العودة للتصعيد، إلى جانب آلية لإدخال المساعدات، وهي مطالب تحظى بتأييد وسطاء إقليميين مثل مصر وقطر، اللتين أعربتا في بيان مشترك عن ترحيبهما بالخطوة، معتبرتينها فرصة لإعادة إحياء المسار التفاوضي.
صفقة جزئية
بحسب تسريبات صحفية، عرض المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف على حماس صفقة جزئية تقضي بالإفراج عن 10 محتجزين إسرائيليين مقابل هدنة مؤقتة تمتد لـ 70 يوماً، تُستغل لبلورة اتفاق شامل. هذا العرض الأميركي، المتقدم نسبياً، يتجاوز الطرح الإسرائيلي الذي حدّد الهدنة بـ 45 يوماً فقط.
الأهم من ذلك، أن الولايات المتحدة ألمحت إلى قبولها بمشاركة حماس في إدارة غزة ما بعد الحرب، بشرط تخليها عن الخيار العسكري، وهو تحول كبير في الخطاب الأميركي، إذا ما قورن بالمواقف السابقة التي كانت ترفض أي دور للحركة في مستقبل غزة.
0 تعليق