يعود شبح الخلاف والانقسام ليطل برأسه مجددا ويعكر صفو العلاقة بين أحزاب التحالف الحكومي الثلاثة، خاصة على مستوى المجالس الجماعية المنتخبة في المدن الكبرى، منذرا باشتغال نار السباق المبكر للفوز بالانتخابات التشريعية 2026 وتولي رئاسة “حكومة المونديال” التي كسرت الهدوء الذي لازم حكومة عزيز أخنوش في سنواتها الأولى.
مرة أخرى يكشر حزب الاستقلال عن أنيابه ويعلن رغبته القوية في الفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة، وذلك في دورة ماي بالمجلس الجماعي لمدينة طنجة، بعدما أعلن برلماني الحزب ورئيس مقاطعة بني مكادة محمد لحمامي أن حزبه غير مستعد لتحمل نتائج فشل التسيير بقيادة العمدة منير ليموري، عن حزب الأصالة والمعاصرة، خصوصا أن الانتخابات على الأبواب.
الخلاف الذي تجددت معالمه في مدينة البوغاز بين مكونات الأغلبية سبقته خلافات عديدة في الدار البيضاء والرباط ومجالس أخرى، الأمر الذي يشير إلى أن معركة الانتخابات بدأت تظهر معالم وطيسها الحامي بشكل يستدعي من كل طرف شحذ أسلحته تحسبا لساعة الحسم.
وفي تعليقه على الموضوع يرى عبد الله أبو عوض، المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، أنه “كلما بدأ العد التنازلي لموعد الانتخابات كلما بدأت بعض الصراعات تطفو على المشهد السياسي، خاصة على مستوى مجالس الجماعات”.
واعتبر أبو عوض، ضمن تصريح لهسبريس، أن “أحزاب التحالف الثلاثي التي تمثل المكونات الرئيسية لغالبية المجالس المنتخبة مرشحة لتعرف انقسامات بسبب الابتعاد عن مسؤولية التدبير الجماعي وإلصاقه بحزب العمدة خاصة أو رئيس المجلس الجماعي في كل ربوع المملكة”.
واستدرك المحلل السياسي ذاته: “لكن الأصل في هذا التحالف هو استمرارية الانسجام، وأن تتحمل أحزاب التحالف الثلاثي مسؤولية التسيير والتدبير أخلاقيا”، متوقعا أن تكون “المعركة السياسية القادمة” بين “أحزاب التحالف أولا، وليس بينها وبين المعارضة”.
وأفاد أبو عوض بأن “مؤشرات العمل السياسي تبعث رسائل واضحة على الانفكاك واقعيا، خاصة في المجالس الجماعية”، معتبرا أن “ما عرفته طنجة ينسجم مع تصريحات نزار بركة في موضوع حساس عرف بسماسرة الأغنام”، وزاد: “نرى مناضلي حزب الاستقلال خاصة يعمدون إلى رفع قبعة التحالف تدريجيا مع قرب موعد الانتخابات، ويلبسون قبعة المعارضة؛ ولا يوجد تفسير لذلك سوى قرب موعد التعبئة الانتخابية”.
من جهته سجل عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن “مشاكل الانسجام في تدبير الجماعات الترابية بدأت تظهر حقيقة أثناء التنزيل القسري للتحالف الثلاثي على مستوى هذه الجماعات”.
وأردف اليونسي في حديث مع هسبريس بأن “المشاكل ظهرت منذ ذلك الحين، وكان من أبرز مؤشراتها تفعيل الفصل 70 من القانون التنظيمي للجماعات، إذ تم عزل العديد من الرؤساء حينها، ولعل أبرز مثال على ذلك عزل رئيسة جماعة بنجرير ورئيس مقاطعة حسان ودفع رئيسة جماعة الرباط للاستقالة؛ إضافة إلى إسقاط الميزانيات السنوية أو بعض المقررات المهمة”.
وتابع المحلل السياسي ذاته: “التحالف الثلاثي ظهرت فيه مشاكل منذ البداية. والآن مع قرب الانتخابات من المؤكد أن حالة التقاطب ستتنامى أكثر، وسيظهر ذلك في استمرار عرقلة عمل الجماعات الترابية”، معتبرا ذلك “هدراً للزمن التنموي وإضراراً بالمصلحة العامة ومصالح المواطنين”.
وخلص المتحدث إلى أن “بروز هذه المشاكل يبين أن الأمناء العامين لأحزاب الأغلبية الحكومية لا يتدخلون لحل هذه المشاكل التدبيرية لقناعتهم بأن اللحظة الانتخابية تبدأ من الآن؛ وبالتالي يسمح للفاعل الحزبي المحلي القيام بكل ما من شأنه تعزيز حظوظه للظفر بالمقعد، وإن كان ذاك على حساب الالتزام السياسي والأخلاقي تجاه التحالف القائم”، وفق تعبيره.
0 تعليق