على غرار النموذج الإيراني.. الحوثيون يؤسسون "جهاز أمن الثورة" لتعزيز نفوذهم

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشفت تقارير أمنية حديثة عن إنشاء جماعة الحوثي في اليمن جهازاً أمنياً جديداً تحت مُسمى "جهاز أمن الثورة"، يُشرف عليه مباشرةً زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطوة تعزز مخاوف دولية من تصاعد النموذج الأمني الإيراني في المنطقة.

 وأفادت منصة "ديفانس لاين" الاستخباراتية، في تقرير نُشر مؤخراً، بأن الجهاز الجديد يهدف إلى تعزيز السيطرة الأمنية للجماعة، وتمكين هيكلها الاستخباري على غرار النماذج الإيرانية واللبنانية، وسط تحذيرات من تصاعد التهديدات البحرية الحوثية التي تستهدف الممرات الدولية.

هيكلة الجهاز ومهامه: نسخة مُطابقة لاستخبارات طهران

بحسب التقرير، الذي اعتمد على مصادر أمنية يمنية ودولية، سيتولى "جهاز أمن الثورة" مهام استراتيجية تشمل توجيه الأداء العام للأجهزة الأمنية التابعة للحوثيين، والتخطيط المركزي، والرقابة على الكيانات الأمنية الفرعية، فضلاً عن تنسيق العمليات الاستخباراتية. ويُعتبر الجهاز الأعلى نفوذاً ضمن مشروع "ثورة 21 سبتمبر" الذي أعلنته الجماعة بعد انقلابها على الحكومة الشرعية في 2014، و"الرؤية الوطنية" التي تهدف إلى ترسيخ حكمها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ولفت التقرير الذي نشرته "العربية نت" إلى أن الجهاز سيتحمل مسؤوليات تتعلق بـ"الأمن الخارجي والإقليمي"، ما يُشير إلى دور يتجاوز الحدود اليمنية ليتناغم مع الطموحات التوسعية للحوثيين، الذين تتهمهم الحكومة اليمنية والأمم المتحدة بالتمدد بدعم إيراني. ووفقاً للمصادر، فإن هيكلية الجهاز ووظائفه تُحاكي نموذج وزارة الاستخبارات الإيرانية (الإطلاعات)، ما يؤكد –بحسب مراقبين– التحول التدريجي للجماعة إلى "وكلاء إقليميين" لإيران في البحر الأحمر.

جعفر المرهبي: الوجه الخفي لـ"أمن الثورة"

كشف التقرير عن تعيين القيادي الحوثي البارز جعفر محمد أحمد المرهبي، الملقب بـ"أبو جعفر"، رئيساً للجهاز الجديد.

 ويُعد المرهبي أحد أبرز الأسماء الأمنية في الجماعة، مع خلفية طويلة في العمل السري، بدءاً من مشاركته في تأسيس جهاز "الأمن الوقائي" التابع للحوثيين، وصولاً إلى ارتباطه المزعوم بأجهزة استخبارات إيرانية ولبنانية، مثل "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني و"حزب الله".

ويمتلك المرهبي سجلاً حافلاً بالأنشطة السرية، حيث اعتُقل مرتين في 2003 و2004 لاتهامه بتنفيذ عمليات حوثية في العاصمة صنعاء، قبل أن يُحكم عليه في 2008 بالسجن بتهم تتعلق بالإرهاب، إلا أنه أُفرج عنه بعفو رئاسي عام 2011. ومنذ ذلك الحين، صعد نجمه داخل التنظيم، حيث حصل على رتبة "عقيد" بقرار من اللجنة الثورية الحوثية في 2016، ثم رُقي إلى "لواء"، كما شغل منصب وكيل وزارة الإرشاد اليمنية –التي تسيطر عليها الجماعة– في 2023.

ورغم ندرة ظهوره الإعلامي، تُوصف مكانة المرهبي بالـ"محورية"، حيث تفرض قيادات الحوثي سرية مشددة حول تحركاته، حتى إن وسائل الإعلام التابعة لهم حذفت جميع المقاطع والأخبار المتعلقة به، بما في ذلك مواد وثائقية بثتها قناة "المسيرة" الرسمية. وتجدر الإشارة إلى أن المرهبي يُواجه حالياً محاكمة غيابية في محافظة مأرب (شرق اليمن) بتهم تتعلق بـ"الإرهاب وانتهاكات جسيمة"، وفقاً لبيانات المحكمة العسكرية اليمنية.

أجهزة أمنية متشعبة: من الحكومات اليمنية إلى الهيمنة الحوثية

أوضح تقرير "ديفانس لاين" أن جماعة الحوثي تدير شبكة معقدة من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، بعضها ورثته عن مؤسسات الدولة اليمنية، مثل جهاز الأمن السياسي، فيما استحدثت أجهزة أخرى خلال السنوات العشر الماضية، مثل "الأمن الوقائي" و"المخابرات العسكرية". وتُدار هذه الكيانات حصرياً من قبل شخصيات مقربة من عائلة الحوثي الحاكمة، مع اعتماد معايير طائفية ومناطقية في اختيار العناصر.

وأشار التقرير إلى أن الجهاز الجديد سيهيمن على جميع الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة، ما يعكس سعياً لمركزية القرار الأمني تحت إشراف مباشر من عبد الملك الحوثي، الذي يُوصف بالزعيم الفعلي للجماعة. ويُعتبر هذا التوجه امتداداً لاستراتيجية الحوثيين في بناء دولة موازية، تعتمد على الولاءات العائلية والمذهبية، بدلاً من الكفاءة المؤسسية.

اليمن تدعو لشراكة دولية لـ"سحق التهديد الحوثي"

في سياق متصل، جددت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً دعوتها إلى تشكيل تحالف إقليمي ودولي لمواجهة التهديدات الحوثية، لا سيما استهداف الملاحة البحرية في باب المندب والبحر الأحمر. جاء ذلك خلال كلمة ألقاها مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أمام مجلس الأمن الدولي في جلسة حول تعزيز الأمن البحري، حذر فيها من استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.

وأكد السعدي أن الهجمات الحوثية على السفن التجارية، عبر الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، "لا تهدد اليمن فحسب، بل السلم الإقليمي والدولي بأكمله"، مُطالباً بتنفيذ القرارات الأممية –خاصة القرار 2216 لسنة 2015– الذي يفرض حظراً على توريد الأسلحة إلى الحوثيين. كما دعا إلى تعزيز عمل آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (أونفم)، وتمويلها لدورها في مراقبة الانتهاكات، حسب تقرر لـ"الشرق الأوسط" 

الأهمية الاستراتيجية لليمن: صراع على الممرات والجزر

استعرض المندوب اليمني الأهمية الجيوستراتيجية لبلاده، التي تمتلك شريطاً ساحلياً بطول 2500 كم، مع إطلالة على مضيق باب المندب –الممر الحيوي الذي يعبره 30% من التجارة العالمية– وجزر منتشرة في البحر الأحمر والعربي. وحذر من أن سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة (غرب اليمن) وانتهاكهم "اتفاق ستوكهولم" 2018، يهددان بتحويل المنطقة إلى ساحة صراع دولي.

من جهته، استبعد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، خلال لقاء مع السفير الأمريكي في الرياض، إمكانية تغيير الحوثيين لسلوكهم "دون هزيمة عسكرية تجردهم من السلاح والتمويل"، معتبراً أن أي مفاوضات مع الجماعة هي "تكتيكات كسب للوقت". وأكد أن إنهاء التهديد الحوثي يتطلب دعم المجتمع الدولي للحكومة اليمنية لبسط سيطرتها على كامل التراب الوطني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق