“لن يقولوا: كانت الأزمنة رديئة، إنما سيقولون: لماذا صمت الشعراء”.
برتولد بريخت
يشكّل سعد سرحان حالة فريدة في مشهدنا الأدبي المغربي، فهو من أكثر الشعراء انسحابًا من الساحة بِلَمّاتها الأدبيّة ومُلِمّاتها الثقافية؛ لا يُشارك في ملتقى ولا في مهرجان، لا ينتمي إلى جمعيةٍ ولا إلى نادٍ، ويقطن بعيدًا عن “دور الشعر”، لكنّه يظلّ، في المقابل، من أكثر شعراء البلد التصاقًا بنبض الشارع، والتقاطًا لمفارقات الزّمن المغربي واشتباكًا مع قضاياه الحارقة؛ يفعل ذلك بلياقة وأناقة، بلا مهادنةٍ يفعل؛ لكن، دونما ضغينةٍ ولا جعجعةٍ… وبلغة فذّة لا يستطيعُها إلّا الشعراء.
فسرحان شاذرٌ يَزِنُ ومضاته الشعرية بميزان الذهب، وإذ يسمح لنفسه بالإطالة في مقالاته فإنّه يستطردُ دون أن يُطْنِب، ويسترسلُ دون أن يُسْهِب، ذاك أنّه يكتبُ تحت رقابة الشاعر فيه؛ ولأنّ مهنةَ الشاعرِ اللغة يبدو بديعُ اللفظ وجمالُ المبنى في ما تخطّ يدُه سبيلًا إلى الحجّة وإصابة المعنى، فيما يصير الجناس والطباق والاستعارة والتّشبيه والمجاز والكناية والسجع ضَرْبًا من ضروب الإمتاع والمعاكسة، والإقناع والممانعة… هكذا يواجه سعد سرحان الاستبداد والعته والتحجّر والتخبُّط… يُواجه كلّ هذا بالشعر فيُذهِل، بالبلاغة فيُفحِم، وبالبيان فيَسحَر.
في شقّته بالطابق الثالث من إحدى عمارات حيّ البديع بمراكش، أو في مقهاه الأثير بشارع علال الفاسي، يعتكف الشاعر؛ يتعهّد حضورَه الخافت بالكثير من البريق، فالانعزالُ لا يعني العزلة والصّمت. وسرحان قرّر ألّا يصمت، قرّر أن يصرخ دون أن يتنازل عن ذبذبات صوت الشاعر؛ لأجل ذلك لا تتسرّب نبرة الفقيه ولا دوغمائية السّياسي ولا براغماتية النّقابي إلى مقالاته النثرية. فسعد سرحان يعرف كيف يرقى بموضوعه ليصير في رقيّ لغته. لغةُ الشاعر هي الأصل، وهي مسكَنُه وملاذُه وحجّتُه الأكثرُ سطوعًا.
تقرأ مقالة سعد سرحان فتجد فكرتها واضحةً وبناءها متماسكًا وحِجاجها قويًّا، فلا يكفيك ذلك؛ تُعيد القراءةَ لأنّ لغتها تُغريك بإعادة الكرّة، فلغةُ سرحان حجّتُه الأقوى وبرهانُ براهينِه.
رفض سرحان أن يصمت، لكي يظل شاعرًا جديرًا بصفته ولقبه، خصوصًا اليوم، والأزمنةُ أكثر رداءةً والأحوالُ أشدّ رثاثةً ممّا خمّن بريخت. فالشاعر الذي كان يُقَيِّد فيُقَيَّد، ويتكلّم فيتكمّم، وجد له جهابذةُ التكنولوجيا وطُغاتُها حلّا آخر بِتَرْكِه في كلِّ وادٍ يهيم، بعد أن هرّبوا حواسَّ معظم القرّاء بإغلاق آذانهم بالسّمّاعات وتثبيت عيونهم على الشّاشات؛ فما حاجَتُهم إلى فحول الشعراء، وصبايا الفيديو كليب الشّبِقات يُشَنِّفن منهم الغرائزَ ويُحَلِّبن منهم ما بين الصّلب والترائب؟.
***
يكتب سعد سرحان ليُعيد الاعتبار إلى نبالة الشعراء في زمن ألغيت فيه الحدود بين الشجاعة والحماقة، بين الجرأة والصفاقة، بين النقد والحقد، وازدهرت فيه النزعة الافتراسية في المواقع الافتراضية لدى أشباه الشعراء من الجشعين إلى الضوء والبروز. لذلك ربّما فضَّل العديدُ من المبدعين النّأي بأنفسهم عن الخوض في الشؤون العامّة التي استحالت فيسبوكيًّا إلى شؤون العامّة. “فعند العامّة، على سبيل الضّحك الذي كالبكاء، تهمة الأمرد أنه أمرد، وتهمة الأزغب أنه أزغب، وتهمة الهادئ هدوء ما قبل العاصفة، وتهمة الصامت أنّه نهرٌ بلا خرير”.
يكتب سعد سرحان ليرقى بكل ذلك، بالموضوع والنقاش على حدٍّ سواء، مستخدمًا حيلته الآسرة وأداته الفاخرة: اللغة. لغة الشاعر تحديدًا. والذين ظلوا يتّهمون شعراء البلد بالإقامة المتعالية في أبراج عاجية اكتشفوا دون شك مع سرحان كيف أنّ للبرج العاجيّ طابقًا سفليًّا يلتقي فيه بالنّاس ويعانق همومهم دون أن تخون لغتُه أصلَها النبيل وفصلَها الجليل. هل قلتُ “برج عاجي”؟ ما همَّ، فالعبرة بطوابق البرج، ولبرج سرحان طوابق عديدة بينها طابق سفلي وأخرى تحت أرضية. فالعمق من مقتضيات الارتفاع. وللشاعر أن يتنقّل بين هذه الطوابق كما يشاء، وَمِنْ أيٍّ منها قد يُشرِعُ حواسَّهُ نوافذَ على السّابلة.
ما مِنْ كاتبٍ إلا ودفع عن نفسه تهمة البرج العاجي، فهو صنو التعالي والنخبوية والانقطاع عن المجتمع بانشغالاته ومشاغله. لكن يبدو أنّ سرحان مرتاحٌ لبرجه الرّمزي الذي يُؤمِّن له الانعزال الضروريّ لإقامة المسافة النقدية وكذا الارتقاء اللازم لمن يرغب في رؤية الأشياء بشكل مختلف؛ وحتى حين ينزل إلى الطابق الأرضي يحرص على عدم الاختلاط بالحشود والانجرار خلف هديرها الصاخب. يكتب سعد سرحان: “الجماعة، أُسْرةً كانت، قبيلةً أو أمّةً، لا تطمئنّ سوى إلى الأفكار السائدة، بعد أن يكون السواد الأعظم قد هيّأ لها أسباب السيادة؛ لذلك فهي ترى في كل اختلافٍ عقوقًا تجحظ له منها عيون السخط”.
***
لقد أرخى ليل البلاد سدوله على الشاعر بكل أنواع الهموم، فاختار سعد سرحان الاشتباك معها همًّا همًّا: من التلفزيون والأنترنيت حتى الموضة وكرة القدم؛ يناقش برامج التلفزيون وصحافة البِّيتبول والشاشات الإلكترونية الصفراء، يساجل دفاعًا عن “لسان المغاربة” ضدّ “التشرميل اللغوي”، عن اللغة العربية وعن المدرسة الوطنية ضدّ من استلذّوا العبث بهما معًا ووجدوا من يصفّقُ لِعَبَثهم، يكتب منتصرًا لعرضٍ مسرحيٍّ مثل “كفرناعوم” ضدّ ثقافة المصادرة، كما يتناول بوضوحِ رؤيةٍ عددًا من القضايا الوطنية الحارقة كقضية خُدّام الدولة وأزمة صندوق التقاعد ولجنة النموذج التنموي وغيرها… ويوظّف لأجل ذلك النثر والشعر حسب ما يقتضيه اللزوم، وغالبًا ما كان يؤلّف بين خصلات الشِّعر والنّثر في ضفيرة واحدة بطريقة لا يستطيعُها غيره.
***
مثلما نقرأ لمحمود درويش ونقول هذا الشعر درويشيٌّ نقرأ نصًّا لسعد فنحدس أنّه سرحانيٌّ حتى ولو أهمل توقيعَه. بتراكيب مدهشة ولغة فاتنة يمارس سعد سرحان صَنْعة الحِجاج، لا يرومُ دغدغةً للمشاعر، بل ويحرّض الجميع على ممارسة النقد وإقامة البرهان من أجل إثراء النقاش وإنتاج المعنى؛ يكتبُ لا لأنّه ملتزمٌ بقضية سياسية، أو بعمود أسبوعي أو مقالة شهرية، فهو كاتبٌ حرّ، يذهب إلى مادته متحرّرًا من أيّ التزام، ويتقدّم نحو فكرته واضحًا بِلا لُبسٍ، وئيدًا دونما تسرّع، وحازمًا دونما تردّد؛ ثم إنّه يفعل بتواضع وترفّع، لا يطمحُ لأَنْ تكون له الكلمة الفصل، بل ليحرّض آخرين على الالتحاق بالسجال، يستدرجهم لكي يصنعوا الفرق عبر الكتابة؛ يكتب ويحرّض على ذلك حتى لا يمعن الأدباء والمثقفون في انسحابهم، ولكيلا ينزوي العارفون ويصمت الشعراء. في “كفر ناعوم” يختم مرافعته القوية دفاعًا عن الفن والحرية بدعوة أهل المسرح إلى عدم ترك الساحة نهبًا لصحافة الإثارة: “سيكون جميلًا من أهل المسرح أن يُدلوا بدلائهم في نقاشات كهذه، وَلْتكن مليئةً بالطحين حتى تضفي قليلًا من الجدوى على الجعجعة التي تصدر عن بعض طواحين الهراء”.
***
هكذا هو سعد سرحان، مناضلٌ لا يحمل في جيبه بطاقة أيّ حزب، متبرّمٌ من الشعارات، سلاحُهُ لغتُه، وحيلتُهُ الكتابة. فسرحان كاتبٌ لا يجوز في قوله الوجهان. أمّا المعنى فمدسوسٌ خارج قلب الشاعر مثل “سين” في معادلة رياضية قد تتطلّبُ أكثر من تحليل وأكثر من برهان، لكنّها قطعًا لا تحتمل أكثر من حلّ؛ لذا يلزم القارئَ للمتن أكثرُ من حاشيةٍ ليحصل الفهم وتكتمل الإحاطة، وتلزمه أكثر من قراءةٍ للنصّ قبل أن تنجلي له الأسرار.
يكتب سرحان مثلا في إحدى مقالات هذا الكتاب: “وقد لا يتأخر الوقت قبل أن يجدوا به آثارًا تدلُّ على أنّ جدَّ النملِ نفسه عاش هنا في إحدى القرى الجبلية”. الجملة واضحة لولا علاقة النمل بالجبال. القرّاء المتسامحون مع شطح الشعراء لن يدقّقوا في الأمر كثيرًا، لولا أنّ قراءة سعد سرحان ليست كقراءة غيره؛ فلكل كلمةٍ دلالةٌ واضحةٌ لا يتلبّسها غموض. ففي الأثر المغربي أنّ جدّ النمل كان تيسًا، ولأنّ النمل يعيش في القرية والتيس في الجبل فلا يمكن توقُّع آثار هذا الجدّ الغريب في غير قرية جبلية. ويكتبُ في مقامٍ آخر: “ومنهم من أخذ عن الزواحف فهو يمشي على بطنه حتى بغداد”. وإذا كانت الإحالة واضحة على المثل المغربي “الزردة في بغداد قريبة” إلّا أنّ المشي على البطن غير مستساغ. لكنّ إعادة القراءة سرعان ما تُزيل التشويش، فمن يذهب إلى وليمة حتى بغداد، سيّان ذهب لأجل بطنه أو عليها. أحيانًا تَرِدُ الكلمةُ الواحدة في الجملة الواحدة بأكثر من معنى، كما هو الحال مع “الحاجة” و”الأحياء” هنا: “كانت المراحيض العمومية متوفرّةً في كلّ الأحياء لحاجة الأحياء إليها في قضاء حاجتهم التي لا تُقضى بتركها”.
هناك ولعٌ سرحانيٌّ بملاعبة الكلمات. ولن يعدم القارئ أمثلة، ففي “الأنا والآي” لعب جميل وعميق بكلمة الآخر. وفي غيرها من المقالات نقف على: الحجّاج وابن الحجّام، القصور المنيفة والقبور المخيفة، تفصح عن كذا وتفضح كذا، القفز بالزّانة والقفز بالزّنا، وغيرها. بل حتى التشكيل، أو عدمه، يُسعفانه، فإذا الشاعر مثل لاعبٍ ماهرٍ يُجيد المراوغة بدون كرة.
في إحدى مقاطعه الهجائية يتحدث سرحان عن “العنِّين خامل الذّكر” الذي “يستعين بالفياغرا على الاستمناء”، لكنه يترك “الذّكر” بدون تشكيل، فلا تعرف أيتكلّم الرجل حقًّا أم مجازًا.
***
استعان سعد سرحان في صياغة مقالات هذا الكتاب بأكثر من لغة، فهو يوظّف دوارج المغرب بشكل صريح أو يشير إليها بشكل ضمني، كما ضمَّن كتابه إحالات عديدة على عبارات أجنبية مسكوكة وعلى نصوص شعرية ودينية، ما أكسبه ثراء لا تخطئه البصيرة.
في “لسان الحليب”، مثلًا، وظّف سرحان دارجةً قد يجدُها القرّاء أكثر استغلاقًا من فصحى الجاهلية، وهنالك أكثر من إشارة إلى عبقرية بعض استعمالات هذه الدارجة. ولو أنه “ليس سهلا على العربية أن ترى أختها الخلاسية تُدْفَع دفعًا إلى سرير الكتابة حيث فحولة القلم، فما مِنْ أختٍ تقبل بأختها ضرّة”. هكذا ينخرط سرحان في السجال اللغوي معطيًّا “نماذج لمغاربةٍ لم يتأثر لسانُهم بدرسٍ في المدرسة أو إشهارٍ في التلفزيون… لذلك فهم يتكلّمون دارجةً لا تضاهيها فصاحةً سوى لغةُ بدو الصحراء. فخيطي زيطي وحياط مياط وعريانة ڭريانة تُذكِّر على الفور بشذر مذر والحابل والنابل وحيص بيص الذي وقع فيه المرشد أمام السائحة، أمّا لا حاحة لا ملّاحة لا قصيبة العواد فهو التحدّي الذي رفعته المرأة المغلوبة على أمرها، دون أن تدري، في وجه باقي اللّغات. ولو قُيِّض لدارجتنا المغربية أن تنجب سيبويهًا خاصًّا بها لكان هؤلاء بالنسبة إليه بمثابة الأعراب بالباب”.
وقد أجمل سرحان كل التسميات المرتبطة بالدّارجة المغربية في واحدة: “لسان المغاربة”، على غرار “لسان العرب”، مع فارق أن ما مِنْ قاموسٍ يمكن أن يُحيط به طالما أن أهله يبدعون به يوميًّا صفحات جديدة.
***
يكتب سعد سرحان دفاعًا عن الحق في الاختلاف، عن الحق في التحليق بعيدًا عن السرب. “منذ بدء الخليقة والاختلاف يفسد للودّ كل القضايا. ولعل الإنسان ابتكر وسائل التعذيب وأساليبه لأجل من يخالفه الرأي تحديدًا، قبل أن يُعملها فيمن يخرج على القانون، مع أنّ القانون نفسه ليس سوى رأيٍ تمّ فرضُهُ بقوة القانون”. فأن تكون مبدعًا معناه أن تبحث عن صوتك الخاص، وعن فرادتك ضدّ قوانين الاصطفاف والتشابه والتطابق. أن يصير لك حذرٌ فطريٌّ من الإجماع. فالإجماع فرصة النّابل ليختلط بالحابل، فرصة القاتل ليصطفَّ إلى جانب القتيل ومعهما المناضل والمنافق والانتهازي والمصطاد في الماء العكر والمارّ من هناك بمحض الصدفة. الإجماع يلغي العقل لصالح العاطفة، ويعطّل ملكة النقد. عبقرية النَّفَر من هذه الحشود تكمن في القدرة على المزايدة. فبمجرّد ما يجدُ النَّفَر نفسه أمام صفحته على ‘فيسبوك’، مثلا، وهي المعادل الشعبي المعاصر للبرج العاجي، حتى يُزايِد على الأديب والفنان والمثقف والعالم والخبير والسياسي والجمعوي… لكي يُفتي، وفي بِضْعِ ركاكاتٍ، في كل ما ليس له به علم. هكذا تتحوّل الصفحة إلى بُرْجٍ عادِيٍّ (مِنَ العَداء) لإطلاق النيران على كل من يتحرّك، والإطاحة بالجميع، قبل أن ينتصب شامخًا على عرش الحطام… والأنكى أنّه سرعان ما يجد من يُليِّكُ له ليصبح شيخَ طريقةٍ وقائدَ جوقةٍ في مضارب الحضيض. وقد سبق لأمبرتو إيكو أن أفتى في مثل هؤلاء في معرض نقده مواقع التواصل الاجتماعي التي “تمنح حقّ الكلام لفيالق من الحمقى، ممّن كانوا يتكلّمون في البارات فقط بعد تناول كأسٍ من النبيذ، دون أن يتسبّبوا بأيّ ضرر للمجتمع، وكان يتمُّ إخراسُهم فورًا؛ أمّا الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنّهُ غَزْوُ البُلَهاء”.
***
المسألة ليست في العُلُوّ والارتقاء، لأنّ هناك من المبدعين من يكتب في قارعة الحياة وسط الزّحام، لكن ثمة شرنقة لا مرئية تعزلهم عن قضايا الناس وهمومهم لينكفئوا على شؤونهم الشخصية وشجونهم الخاصة، ليظلّوا محور العالم في نصوصٍ قد لا تعني سواهم، ومنهم من يتخيّل نفسه في أعلى البرج، وهو لم يبرح الدّرك الأسفل من الوهم. تتلبّسُ الكاتبَ مِنْ هؤلاء حالةٌ رسوليّةٌ تجعله يمارس الكتابة بنبوئيّة متعالية، يكتب كقائدٍ ملهَمٍ يحمل لواء الشعب أو الطائفة أو العشيرة، ويرفع راية الوطن في وجه العالم.
“أما الذين يُشهرون الوطن مع أوّل سوء تفاهم كأنّه مُدية، ويُضْفون صفة الوطنية على كلّ ما يريدون تمريره، وكأنَّ الوطنية مرهمٌ يُسهِّل الإيلاج، فلن نُفاجَأ أبدًا إذا ما كتبوا عن الدعارة الوطنية والحشيش الوطني والجفاف الوطني… فمع هذا الشّطط في استعمال الوطن لن ننتظر طويلا ظهور الرّويبضة الوطني، فشيوع التطرّف الوطني.
ليس أحدًا
هذا البلدْ
لكنه
(أبدًا)
ليس لا أحدْ”.
هكذا يمارس سعد سرحان مواطَنته الثقافية وممانَعته الأدبية، عبر هذه الاشتباكات النثرية التي لا تنفَكُّ تذكّرُنا كَمْ هو شاعرٌ، بإحساسٍ إنسانيٍّ عالٍ ونَفَسٍ كونيٍّ يتجاوزان كل الحدود.
“فالإنسانُ، حقًّا، مقياسُ كُلِّ شيء”.
0 تعليق