في عالم تشتعل فيه المنافسة على مصادر الطاقة وتتصاعد فيه التحديات الجيوسياسية والبيئية، لا تزال مصر تثبت قدرتها على الاستفادة من مواردها الطبيعية وتحقيق عوائد اقتصادية ملموسة، حتى في أكثر الفترات تقلبًا.

وبينما تتسابق الدول لتأمين إمدادات الغاز وتوسيع حضورها في الأسواق الدولية، يظهر اسم مصر من جديد على خريطة التصدير بقوة، بعدما كشفت الإحصاءات الأخيرة عن أداء صادرات البلاد من الغاز الطبيعي المسيل خلال بداية عام 2024.

فقد أشار تقرير حديث صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال بلغت نحو 313.82 مليون دولار خلال شهري يناير وفبراير من العام الجاري.

استمرار نشاط التصدير رغم الظروف الصعبة

وعلى الرغم من أن هذا الرقم يعكس تراجعًا ملحوظًا مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي التي سجلت خلالها الصادرات نحو 788.94 مليون دولار، إلا أنه يؤكد في الوقت ذاته استمرار نشاط التصدير رغم الظروف الصعبة.

محدودية الإمدادات خلال فترات معينة من العام

التراجع الذي سجّلته صادرات الغاز في مستهل 2024، بنسبة بلغت أكثر من 60%، لا يمكن فصله عن التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة عالميًا، من تقلّبات أسعار الوقود، وارتفاع الطلب في الأسواق الأوروبية والآسيوية، وصولًا إلى محدودية الإمدادات خلال فترات معينة من العام بسبب احتياجات السوق المحلي. 

كما أن تراجع إنتاج الغاز في بعض الحقول الكبرى أثّر بدوره على حجم الفائض المخصص للتصدير.

ورغم هذه التحديات، تواصل مصر العمل على تعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة، مستفيدة من البنية التحتية المتطورة لمحطات الإسالة، لا سيما محطتي إدكو ودمياط، بالإضافة إلى شبكة الربط مع الدول المجاورة. 

وتأتي هذه الجهود ضمن استراتيجية وطنية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وزيادة العوائد من الموارد الطبيعية، لا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.

وتسعى الحكومة إلى التوسع في الاستثمارات بمجال البحث والتنقيب، مع توقيع اتفاقيات جديدة مع شركات عالمية لتعزيز إنتاج الغاز، إضافة إلى خطط لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة محليًا، بما يسمح بتوفير كميات أكبر للتصدير في المستقبل القريب.

سوق الغاز الطبيعي المسال بمنطقة شرق المتوسط

ورغم أن الأرقام الحالية قد تبدو أقل بريقًا مقارنة بالماضي، إلا أن مصر تظل لاعبًا محوريًا في سوق الغاز الطبيعي المسال بمنطقة شرق المتوسط، وتُظهر مؤشرات السوق أن هناك فرصًا واعدة للنمو في حال استمرت الإصلاحات وتهيئة المناخ الاستثماري بشكل أكثر جذبًا.