دخل وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيّز التنفيذ صباح الثلاثاء، لينهي بذلك 12 يومًا من المواجهات غير المسبوقة بين الطرفين، والتي تخللتها ضربات جوية وصاروخية كثيفة، وعمليات اغتيال دقيقة، وخسائر بشرية ومادية باهظة.
وجاء الإعلان عن الهدنة على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أكد أن واشنطن "طلبت من الطرفين إنهاء الحرب"، وأن الجانبين استجابا للضغط الدولي، في وقت اعتبر فيه مراقبون أن اتفاق التهدئة يمثل "أفضل صيغة" لجميع الأطراف المنخرطة في الصراع، بحسب ما نقلته وكالة "أسوشيتد برس".
إسرائيل: تكلفة هائلة في يوميات الحرب
رغم ما اعتبرته تل أبيب نجاحًا عسكريًا في استهداف بنى تحتية نووية وعسكرية إيرانية، فإن التكلفة الاقتصادية والعسكرية كانت ثقيلة.
فقد قُدّرت كلفة الحرب اليومية على إسرائيل بمئات الملايين من الدولارات، خصوصًا مع الاعتماد الكثيف على أنظمة الدفاع الجوي لاعتراض الهجمات الإيرانية. ووفقًا لتقديرات خبراء، بلغت تكلفة تشغيل منظومة "مقلاع داود" لاعتراض الصواريخ متوسطة وطويلة المدى حوالي 700 ألف دولار لكل اعتراض، بينما تجاوزت تكلفة تشغيل منظومة "آرو 3" حاجز 4 ملايين دولار للصاروخ الواحد. النسخة الأقدم "آرو 2" لم تكن أقل تكلفة، وبلغت 3 ملايين دولار لكل عملية اعتراض.
كذلك، تعرّضت مدن إسرائيلية كبرى مثل تل أبيب، حيفا، وبئر السبع لأضرار مادية جسيمة، وتجاوزت تكلفة إصلاح المباني المتضررة فيها 400 مليون دولار. وأسفرت الضربات الإيرانية عن مقتل نحو 30 شخصًا داخل إسرائيل.
إيران: خسائر بشرية ومادية غير مسبوقة
وعلى الجانب الإيراني، كانت الخسائر أكثر إيلامًا، سواء من حيث الأرواح أو البنية التحتية الحيوية. فقد أسفرت الهجمات الإسرائيلية والأميركية عن مقتل نحو 650 شخصًا وإصابة الآلاف، بينهم عدد كبير من كبار القادة العسكريين، على رأسهم رئيس الأركان محمد حسين باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، بالإضافة إلى علي شادماني، قائد مقر "خاتم الأنبياء"، الذي قُتل بعد أيام فقط من توليه منصبه.
كما أكدت مصادر إسرائيلية تنفيذ عمليات اغتيال استهدفت نحو 30 قائدًا عسكريًا إيرانيًا رفيعًا، فضلًا عن أكثر من 17 عالمًا إيرانيًا في المجالات النووية والعسكرية، ما وصفته تقارير إسرائيلية بأنه "ضربة نوعية لبرنامج طهران العسكري والنووي".
وشهدت المنشآت النووية الإيرانية، خصوصًا في نطنز وأصفهان وفوردو، دمارًا واسعًا جراء الضربات الأميركية، رغم عدم اتضاح الحجم الكامل للخسائر حتى الآن. لكن المؤكد أن هذه المنشآت التي تطلب بناؤها استثمارات بمليارات الدولارات، أصبحت خارج الخدمة، وقد يستغرق ترميمها سنوات طويلة وتكاليف هائلة، إذا ما قررت طهران إعادة بنائها أصلًا.
رسائل الحرب.. وهدوء ما بعد العاصفة
رغم الهدوء الذي فرضته الهدنة، يرى محللون أن التصعيد الأخير وجّه رسائل استراتيجية حاسمة، أهمها أن العمق الإيراني لم يعد بعيدًا عن الضربات، وأن مراكز القيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية عرضة للاستنزاف المالي والضغط السياسي.
كما أثارت التكلفة الباهظة للحرب على الجانبين تساؤلات واسعة في دوائر صنع القرار حول استدامة المواجهة، ما دفع إلى القبول بوقف إطلاق النار كحل مؤقت، ريثما تتبلور مرحلة جديدة من التفاوض أو التصعيد.
0 تعليق