ندوة علمية تناقش الحكامة القضائية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شكل موضوع “الحكامة القضائية ومتطلبات النجاعة”، السبت، محور ندوة علمية برواق المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمعرض الدولي للنشر والكتاب؛ وذلك في إطار مشاركة المجلس بفعاليات المعرض المنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، بإشراف من وزارة الشباب والثقافة والتواصل-قطاع الثقافة، في الفترة الممتدة من 17 إلى 27 أبريل الجاري.

وناقشت الندوة “آفاق مساهمة الآجال الاسترشادية في تدبير الأمن القضائي، ودور الهيئة المشتركة في تنسيق وضمان حسن سير مرفق العدالة، ودور مهمة المحاماة في تحقيق العدالة، فضلا عن قواعد الحكامة الجيدة في الإدارة القضائية للمحكمة، ومهنة المفوض القضائي ورهان النجاعة”.

الأجل المعقول

وفي مداخلة حول الآجال الاسترشادية للبتّ في القضايا، اعتبر يونس الزهري، عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن “المخطط الاستراتيجي للمجلس تضمن مجموعة من الأوراش والإجراءات التنفيذية؛ من بينها ورش يهدف إلى الالتزام بالآجال المعقولة للبتّ والتنفيذ، من خلال مجموعة من التدابير والإجراءات”.

وقال الزهري إن “وضع الآجال الاسترشادية يأتي في سياق تطبيق أحكام الفقرة الأولى من الفصل 120 من الدستور، الذي أكد على ضرورة حرص القاضي على البت في القضايا المعروضة عليه داخل أجل معقول، مع مراعاة الآجال المحددة بمقتضى نصوص خاصة”.

وأوضح المتحدث أن “تحقيق محاكمة عادلة وسريعة يقتضي تقدير الأجل المعقول على أساس مراعاة التوازن بين طول مدة التأخير، والأسباب المبررة للتأخير، وضمانات ممارسة حقوق الدفاع وإجراءات تجهيز الدعوى، لتحقيق الموازنة المستهدفة بين ضرورات تفادي الأذى والضرر الذي يمكن أن ينتج للمتقاضي عن التأخير غير المبرر لإصدار الأحكام القضائية وبين المقاصد الكبرى للعدالة الرامية إلى إصدار أحكام قضائية عادلة ومنصفة في أجل معقول”.

وعقب استعراضه للآجال القانونية لإصدار الأحكام القضائية وتقديم الآجال المحددة بدقة لبعض الإجراءات بهدف ضبط مراحل سير الدعوى، اعتبر الزهري أن “الأجل الافتراضي للبت في القضايا هو مؤشر استرشادي لا يتضمن عنصر الإلزام بشأن إصدار الأحكام القضائية داخله؛ فهو مجرد آلية تدبيرية تساعد على تحقيق الهدف الجوهري المتعلق بإصدار الأحكام القضائية داخل أجل معقول وتطوير مدة معالجة القضايا، تعتمد ضمن مؤشرات قياس جودة منتوج العدالة في شقه المتعلق بإدارة الزمن القضائي لتشخيص نجاعة سير إجراءات الدعوى على صعيد المحكمة الواحدة بشكل خاص، وعلى مستوى إدارة المحاكم بشكل عام”.

وأكد عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية أن “عدم مطابقة الآجال الحقيقية للبت في القضايا مع الآجال الافتراضية يعد مؤشرا على وجود خلل ما في إدارة القضايا في كل مسارها أو في مراحل منه، يتعين تداركه لأجل تحقيق هدف البت في القضايا وإصدار الأحكام داخل آجال معقولة، وبشكل عام اتخاذ المبادرات الكفيلة بحل أي تعثر في إدارة شعبة معينة أو في سير إجراءات الدعوى وذلك في الوقت المناسب اعتمادا على المنبهات القبلية للوحة القيادة الإلكترونية المعتمدة من الإدارة القضائية للمحكمة”.

سير مرفق العدالة

من جانبه، قال عبد الرحيم مياد، الكاتب العام لوزارة العدل، إن “الهيئة المشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والوزارة المكلفة بالعدل ورئاسة النيابة العامة تمثل تجسيدا بارزا للتعاون بين السلط مع الاحترام التام للفصل بينها”، مؤكدا أن “الهيئة هي آلية للتنسيق تم إحداثها بعد الاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية عن وزارة العدل، وإحداث مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومؤسسة رئاسة النيابة العامة، بموجب المادة 54 من القانون التنظيمي رقم 13.22 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتتولى هذه الهيئة التنسيق في مجال الإدارة القضائية”.

وقال مياد إن “الهيئة تعمل على تتبع وضعية البنية التحتية للمحاكم، والتنسيق حول مشاريع التحديث ورقمنة العمل القضائي، والتنسيق في المجال التشريعي، ومراجعة مرسوم الخريطة القضائية، ومواكبة تنزيل قانون التنظيم القضائي وغيرها من مجالات التنسيق المشترك”.

رسالة المحاماة

وفي كلمة حول دور مهنة المحاماة في تحقيق العدالة، أبرز الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أن “المحاماة ليست مجرد مكون مهني داخل جسم العدالة بقدر ما هي طرف مؤسساتي في معادلة تحقيق المحاكمة العادلة، ومجسد حي لمبدأ الحق في الدفاع المكرس دستوريا”، مؤكدا أن “المحامي ليس طرفا في الخصومة؛ بل هو جزء لا يتجزأ من منظومة العدالة وأسرة القضاء، يؤدي وظيفة دستورية وقانونية وأخلاقية”.

وبعدما قدم الزياني مختلفة المؤشرات الدالة على “إسهامات المحامي في إظهار الحقيقة، ودوره في ضمان التوازن بين أطراف النزاع وحماية الحقوق والحريات وترسيخ مبدأ المحاكمة العادلة”، خلص المتحدث إلى أن “المحاماة ليست حرفة، بل رسالة ذات أبعاد حقوقية ومؤسساتية ومجتمعية، تحكمها قيم المواطنة والنزاهة والاستقلال، وتنهض بمسؤوليات تتجاوز العلاقة بالموكل إلى الدفاع عن التوازن المؤسساتي وسمو القانون، وهي مرجعية مستمدة من تاريخها ومرجعيتها الكونية ومن دستور المملكة”.

وفي سياق متصل، أكد عبد العزيز فوكني، الرئيس السابق للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين بالمغرب، أن “دور المفوض يكمن في مساعدة السلطة القضائية على احترام الآجال المعقولة، عن طريق السرعة في التبليغ وتنفيذ الأحكام القضائية، باعتباره حقا دستوريا”.

ودعا فوكني إلى ضرورة “وضع تشريعات قانونية ناجعة تساهم في تحقيق السرعة المطلوبة في تبليغ الأحكام القضائية وتنفيذها”، مؤكدا أن “مهنة المفوضين القضائيين بالمغرب تواجه تحديات كثيرة، يرتبط جلها بمعيقات في المساطر القانونية المتبعة”.

الحكامة الجيدة

وقدم عبد المجيد شفيق، رئيس المحكمة الابتدائية الإدارية بالدار البيضاء، “عرضا مفصلا عن الهيكلة الإدارية للمحكمة، وأهدافها الاستراتيجية، المتمثلة في ثلاثة محاور؛ أولها التواصل الخارجي للمحكمة مع محيطها من مواطنين ومحامين وخبراء ومفوضين قضائيين وإدارات أخرى، وباقي الشركاء والفاعلين في المجال، ومحور يتعلق بالتدبير الداخلي للمحكمة، والرفع من الأداء الإداري للمرفق القضائي، كالمعالجة السريعة للملفات، وتحيينها بالنظام المعلوماتي، بالإضافة إلى تتبع وضبط مختلف المؤشرات الحيوية كآجال البت في الملفات ونسب المحكوم من المسجل وغيرها”.

وأضاف شفيق أن “المحور الثالث في استراتيجية تطوير الإدارة القضائية، يتمثل في اتخاذ القرار، حيث يتم العمل على تطوير منهجية اتخاذ القرارات وخاصة تلك المتعلقة بالاستراتيجية منها”.

من جانبها، أبرزت بهيجة الإسماعيلي، رئيسة المحكمة الابتدائية بالعيون، “الارتباط الوثيق بين التدبير الإداري والحكامة الجيدة، والذي أصبح مع دستور 2011 يحمل دلالات ومؤشرات بفعل اعتماده على القيادة الجماعية والعمل التشاركي لتحقيق أهداف المؤسسة، بدل الاعتماد على الرئاسة والتسيير الفردي”، مضيفة أن “الإدارة القضائية على غرار باقي الإدارات أصبحت لها وظائف عديدة؛ يتمثل أبرزها في التخطيط والتنظيم والقيادة والتنسيق بين جميع الفاعلين والعاملين وتسيير ومراقبة العمل بما يتلاءم مع الأهداف المسطرة والتحفيز لخلق ظروف عمل مناسبة”.

وأضافت بهيجة الإسماعيلي أن “تحقيق الحكامة الجيدة عبر التدبير الأمثل للإدارة القضائية للمحاكم، سواء في شقيها القضائي أو الإداري، يحتاج إلى اليقظة والحضور الدائم، والانفتاح على جميع الفاعلين بالمحاكم، والاعتماد على التدبير التشاركي، والارتكاز على التواصل كمنهجية في تسيير العمل، وضمان انخراط جميع المكونات والموارد البشرية لتنزيل توجهات المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية (2021-2026)، فضلا عن المساهمة في بلوغ المحكمة الرقمية وتحقيق النجاعة القضائية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق